مع إغلاق صناديق الاقتراع.. كيف سارت الانتخابات العراقية؟ وما أهم ما شهدته؟

مع إغلاق صناديق الاقتراع.. كيف سارت الانتخابات العراقية؟ وما أهم ما شهدته؟

بعد استعدادات كبيرة واهتمام دولي واسع، أجريت الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق أمس الأحد العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، وسط تشديدات أمنية كبيرة لم يسبق لها مثيل، وقد بدأت في السابعة صباحا وانتهت في السادسة مساء من اليوم ذاته.

وفور إغلاق صناديق الاقتراع، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في البلاد أن عمليات عدّ الأصوات وفرزها متواصلة، وأن النتائج النهائية ستعلن بعد 24 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع.

عدد المراكز الانتخابية
وذكرت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي أن عدد المراكز الانتخابية في عموم البلاد بلغت 8273 مركزا انتخابيا بواقع 55 ألفا و41 محطة انتخابية، وأن عدد المرشحين للانتخابات بلغ 3227 مرشحا يتنافسون على 329 مقعدا في البرلمان العراقي.

وأضافت الغلاي أن عدد المراقبين الدوليين بلغ 1877 مراقبا دوليا من الاتحاد الأوروبي والعديد من السفارات الأجنبية في البلاد، فضلا عن الأمم المتحدة ومنظمات عربية ودولية أخرى، في حين بلغ عدد المراقبين المحليين 160 ألفا و148 مراقبا محليا، فضلا عن وكلاء الكتل السياسية الذين بلغ عددهم 465 ألفا و733 وكيلا سياسيا حزبيا، وفق الغلاي.

أما عن نسبة المشاركة في الانتخابات، فأوضحت الغلاي في حديثها للجزيرة نت أن المفوضية لا تزال تعمل على حصرها من خلال المراكز المنتشرة في مختلف المحافظات، وأن وسائل الإعلام ستتلقاها فور إعلانها.

وحسب أرقام مفوضية الانتخابات، فإن 24.9 مليون عراقي يحق لهم التصويت في الانتخابات من مجموع سكان البلاد 40 مليون نسمة، إذ صوّت أكثر من 800 ألف عراقي في الاقتراع الخاص الذي أجري الجمعة الماضية.

وكانت انتخابات عام 2018 قد شهدت أدنى مستوى مشاركة منذ 2003، إذ سجلت المفوضية مشاركة 44% من الناخبين العراقيين آنذاك، وذلك أدى بالمفوضية قبل أشهر إلى إطلاق حملة إعلامية واسعة لحث العراقيين على الإدلاء بأصواتهم.

إقبال ضعيف
ورغم جهود الكبيرة للحكومة العراقية ومفوضية الانتخابات في تشجيع الناس على التصويت، فإن العديد من المراقبين لاحظوا ضعفا في الإقبال، وذلك قد يعني أن نسبة التصويت ربما تكون في حدود النسبة التي شهدتها الانتخابات السابقة عام 2018 أو أقل من ذلك، حسب الصحفي رياض الحمداني.

وأضاف للجزيرة نت أن ساعات الصباح الأولى ليوم الانتخاب شهدت إقبالا ضعيفا، ثم تطورت نسبة المشاركة في الانتخابات في مختلف المحافظات في ساعات ما بعد الظهيرة، وما لبثت أن شهدت تراجعا مرة أخرى إذ استمر الوضع على ما هو عليه حتى إغلاق صناديق الاقتراع في السادسة مساء بتوقيت بغداد.

صورة حصرية مرسلة من قبله – الصحفي العراقي – رياض الحمدانيالحمداني: العديد من المراكز الانتخابية في بغداد والمحافظات شهدت أعطالا في الأجهزة القارئة للبطاقات الانتخابية (الجزيرة نت)
أعطال فنية
وعن أهم المؤشرات، أضاف الحمداني أن العديد من المراكز الانتخابية في بغداد والمحافظات شهدت أعطالا تقنية في الأجهزة القارئة للبطاقات الانتخابية، فضلا عن مشكلات أخرى تخللت العملية، تمثلت في عدم قراءة هذه الأجهزة لبصمات بعض الناخبين، موضحا أن المفوضية استطاعت تدارك بعض الأعطال التقنية، حسب قوله.

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل محمود عزو أن نسب المشاركة كانت متدنّية وهو ما تؤكده الوقائع، وذلك قد يعكس توجها حقيقيا للإحباط الذي وصفه بـ”الكبير” تجاه الثقة بين السياسي والمواطن، وهو ما يحتاج إلى إعادة بناء الثقة في السنوات القادمة.

حصرية – استاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل – محمود عزوعزو رأى أن المشاركة الضعيفة في الانتخابات تعكس حالة إحباط المواطنين تجاه السياسيين (الجزيرة نت)
ويتابع عزو في حديثه للجزيرة نت أن هذه الانتخابات تعكس النسبة الحقيقية للمشاركة بعيدا عما كان يحدث سابقا من تزوير إرادة الناخبين، إذ لم تكن هناك سيطرة إلكترونية على نسب المشاركين، ومن ثم كان يحدث تزوير وإضافات إلى نسب المشاركين قبيل إعلان النتائج، حسب ما ذكر.

وأشار عزو إلى أن نسب المشاركة الحقيقية التي ستعلنها المفوضية ستعتمد على أعداد المصوّتين نسبة إلى عدد المسجلين لدى المفوضية، في حين أن ما يقرب من 1.6 مليون ناخب لا يمتلكون بطاقة الناخب، ومن ثم فهؤلاء لن يكونوا ضمن النسبة التي ستعتمدها المفوضية، وهو ما سيؤدي إلى تشويش نسبة المشاركة الفعلية، على حد تعبيره.

ويتفق مع طرح عزو الباحث في الشأن السياسي العراقي علي البيدر الذي رأى أن تجارب جميع الدورات البرلمانية السابقة كانت محبطة للناخب العراقي، وهو ما أدى إلى عدم تقبل العراقيين مفهوم أن الانتخابات الحالية ستكون أكثر شفافية ونزاهة على الرغم من المعايير الدقيقة التي وضعتها المفوضية في الدورة الانتخابية الحالية.

وفي حديث للجزيرة نت، يعلق البيدر قائلا إن المواطن العراقي نتيجة للأسباب السابقة بات يعتقد أن مشاركته أصبحت صورية من دون إمكانية إحداث تغيير حقيقي في الواقع السياسي، رغم أن القانون الانتخابي الجديد يُعدّ أفضل بكثير من القوانين السابقة وأعطى مجالا أكبر للتنافس.

ويختتم البيدر بأن العراقيين تعرضوا لدعوات منظمة من قبل جهات سياسية استهدفت حث العراقيين على المقاطعة وعدم المشاركة فيها، وهو ما تنتفع منه هذه الجهات في ضمان تصويت جمهورها فقط لأجل إيصالها إلى البرلمان، حسب تعبيره.

وبالعودة إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الموصل محمود عزو، فإنه يرى أن المعادلة السياسية في هذه الدورة الانتخابية ستكون بالغة الصعوبة، لا سيما أن الصراع السياسي يبدو واضحا من خلال ما تنشره مختلف الكتل السياسية من حصولها على عدد كبير من المقاعد، وهو ما يعكس نوعا من الحرب التي وصفها بـ”النفسية الاستباقية” التي تتبنّاها جميع الكتل السياسية قبيل ظهور نتائج الانتخابات ودخول الكتل الفائزة في مرحلة بناء التحالفات.

وكان رئيس مفوضية الانتخابات العراقية القاضي جليل عدنان قد أكد في تصريح قبل إغلاق صناديق الاقتراع بـ3 ساعات أن نسبة المشاركة تجاوزت ثلث عدد الناخبين بانتظار إعلان نتائج التصويت النهائية من قبل المفوضية.

لا خروقات أمنية
وعلى عكس الدورات الانتخابية السابقة منذ عام 2005، لم تسجل البلاد خروقات أمنية كبيرة خلال عملية الاقتراع التي أجريت أمس الأحد، وهو ما عدّته الأجهزة الأمنية العراقية نجاحا كبيرا، لا سيما أن البلاد لم تشهد حظرا للتجوال.

ويؤكد ذلك الصحفي العراقي رياض الحمداني من خلال مشاهداته من العاصمة العراقية بغداد، حيث يقول إن القوات الأمنية ساعدت على وصول الناخبين إلى مراكز الاقتراع مع عدم تسجيل أي خروقات أمنية كما في الدورات الانتخابية السابقة، وإن الأجواء الانتخابية كانت آمنة ومغايرة تماما للسنوات السابقة.

في السياق، قالت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات إنها أصدرت أوامر صارمة بتشديد إجراءات الحراسة والحماية حول مراكز الاقتراع ومراكز التسجيل ومخازن المفوضية بعد انتهاء الاقتراع العام حفاظا على سلامة صناديق الاقتراع، في محاولة لعدم تكرار تجارب الدورات السابقة التي شهدت احتراق مخازن المفوضية في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات.

من جهتها، أكدت خلية الإعلام الأمني أن مفارز اللجنة الأمنية العليا للانتخابات ألقت القبض على 77 شخصا لارتكابهم مخالفات تتعلق بسير العملية الانتخابية في محافظات بغداد ونينوى وديالى وكركوك والبصرة والأنبار وصلاح الدين وأربيل وواسط والديوانية.

وأضاف بيان الخلية أنها أحالت المخالفين إلى اللجان القضائية التي شكّلها مجلس القضاء الأعلى تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم ومعرفة مدى الضرر الذي تسببوا فيه.

في حين وجه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي شكره للشعب العراقي والناخبين والمرشحين والقوى السياسية والمراقبين والعاملين في مفوضية الانتخابات والقوى الأمنية والأمم المتحدة على دورهم في إتمام العملية الانتخابية بسلاسة.

المصدر : الجزيرة