أردوغان يعرض لعب دور بديل عن فرنسا في الحرب على الإرهاب في أفريقيا

أردوغان يعرض لعب دور بديل عن فرنسا في الحرب على الإرهاب في أفريقيا

لومي – حرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال جولته الأفريقية على أن يظهر استعداد بلاده للعب دور بديل عن القوى التقليدية في أفريقيا، وأساسا فرنسا، خاصة ما تعلق بالحرب على الإرهاب التي هي أولوية لدى الدول التي يزورها وهي أنغولا وتوغو ونيجيريا.

كما حرص على إظهار التمايز عن تلك القوى بالتأكيد على أن بلاده تأتي إلى أفريقيا دون إرث استعماري، في محاولة لاستمالة مشاعر الأفارقة الذين تسيطر على الكثير منهم مواقف سلبية من الدول التي استعمرت القارة مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإسبانيا والبرتغال.

وخلال كلمة له بحضور رئيس توغو فور غناسينغبي، في العاصمة لومي، تعهد أردوغان بأن بلاده على استعداد لدعم توغو في الحرب على الإرهاب. وقال “سنواصل دائما الوقوف إلى جانب توغو ويمكننا اتخاذ خطوات تعاون أمني – عسكري لمنع تسلل الإرهاب إلى هذه المنطقة (من أفريقيا)”.

وكان الرئيس التركي قد ردد الكلام نفسه خلال لقائه رئيس أنغولا جواو مانويل لورينسو، حيث قال “سنواصل الوقوف إلى جانب السلطات الأنغولية في مكافحة الإرهاب، ومستعدون لتقديم كافة أشكال الدعم لها في ما يتعلق بالتعاون في مجال الصناعات الدفاعية”.

ويعتقد مراقبون أن تركيز الرئيس التركي على الدعم في الحرب على الإرهاب جزء من استثمار الأزمة التي تعيشها فرنسا في غرب ووسط أفريقيا، حيث عجزت عن حماية القارة وهزْم التيارات المتشددة سواء منها ذات البعد المحلي أو تلك التي هي امتداد لتنظيميْ داعش والقاعدة.

ويضيف المراقبون أن أردوغان، الذي لم ينس لفرنسا مواقفها المعارضة لاستراتيجية التمدد التركي في شرق المتوسط وسوريا وليبيا وأذربيجان، يريد أن يسجل نقاطا ضدها من جانب وعرض لعب دور بديل عنها، من خلال تقديم الدعم العسكري للدول التي يزورها، والترويج للمسيّرات التركية التي حققت نجاحات لافتة في أذربيجان وليبيا.

وأشار أردوغان إلى أن أنغولا سبق أن طلبت من تركيا أن تبيع لها طائرات مسيرة، وأن محادثاته مع نظيره الأنغولي تطرقت إلى مسألة شراء مركبات تركية مدرعة.

ويراهن الأتراك على إمكانية أن تنجح استراتيجيتهم في مزاحمة النفوذ الفرنسي من بوابة الحرب على الإرهاب، خاصة بعد قرار فرنسا الذي يقضي بالانسحاب من الحرب وتحميل جيوش المنطقة مهمة التحالف لقيادة الحرب على الإرهاب، وهو الموقف الذي قوبل بانتقادات علنية خاصة من قيادة المجلس العسكري الانتقالي في مالي.

كما يراهنون على تحريك عقدة الصراع التاريخي بين الدول الأفريقية ومستعمريها لأجل توسيع دائرة الخلاف بين الجانبين، ومن خلال ذلك تتسلل تركيا لتفرض نفوذها الجديد.

وقال أردوغان إن “تركيا ترفض المقاربات الاستشراقية الصادرة من الغرب حول أفريقيا وتحتضن الشعوب الأفريقية دون تمييز”.

وأضاف “لا تزال هناك أطراف تشعر بالامتعاض إزاء مكتسبات الشعوب الأفريقية في الاستقلال والحرية والمساواة”، مشددا على أن “تجاهل الدعوات للتغيير يعد ظلمًا لأفريقيا” وأن بلاده “لا تحمل أي وصمة” من الإمبريالية أو الاستعمار.

كما يعرف الرئيس التركي أن التعهدات بالدعم الأمني والعسكري ستمهد الطريق آليا أمام التعاون التجاري والاقتصادي، وهو ما وصفه أردوغان بأنه سعي لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية “على أساس شراكة متكافئة ورابحة للطرفين، في إطار الاحترام المتبادل”.

وقال أردوغان أمام عدد من رجال الأعمال الأنغوليين “نحن في تركيا نولي أهمية كبيرة وقيمة عالية للعلاقة الوثيقة التي نتمتع بها مع القارة الأفريقية”. وخلال محادثاته مع نظيره الأنغولي جواو لوريتسو أشاد الرئيس التركي بصناعة الغاز التركية، مشيراً إلى أن بلاده “سيسعدها تقاسم تجربتها”.

وتأتي جولة أردوغان الجديدة امتدادا لجولات سابقة سواء في غرب القارة أو في شرقها، وقد ركزت تركيا في طريقها للدخول إلى أفريقيا على المساعدات والمشاريع ذات البعد الإنساني، التي يرحب بها السكان المحليون قبل المسؤولين السياسيين، مما ساعد على فتح أسواق للسلع الاستهلاكية التركية وتعزيز جهود أنقرة في عمليات تأمين العقود للشركات التركية وخاصة شركات البناء والطاقة والتعدين.

العرب