تداعيات الحراك الاجتماعي في لبنان وأبعاد الفراغ

تداعيات الحراك الاجتماعي في لبنان وأبعاد الفراغ

20151015104911215734_8

مقدمة

أطلق شرارةَ الحراك الاجتماعي اللبناني، ملف النفايات، عندما رفض أهالي منطقة “الناعمة” استمرار عمل “المطمر” الكائن في منطقتهم بعد ما يقرب من 18 سنة على استقباله نفايات بيروت وجبل لبنان (أي منذ عام 1997)، لاسيما وأن مساحته اتسعت وتزايد تهديده بيئيًّا لكل قرى الجوار بسبب مخالفته للشروط الصحية(1).

وتطورت الأزمة في شهر يوليو/تموز 2015 بفعل تراكم نفايات العاصمة وضواحيها وعدم توفر “مطمر” بديل لها، فكانت مجموعة الناشطين “طلعت ريحتكم” إحدى أهم المجموعات التي أطلقت تحركات عدة أبرزها احتجاجات 22 أغسطس/آب، التي طالبت باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق باعتباره المسؤول عن هذا الملف وبحل الأزمة جذريًّا. وللتوضيح فالمقصود بـ”طلعت ريحتكم” الإشارة إلى أن الروائح المنبعثة من النفايات المنتشرة في الشوارع، تشبه رائحة الطبقة السياسية اللبنانية التي أهملت ملف النفايات حتى بلغ ما بلغه.

وبهذا الاعتبار لم تكن أزمة النفايات إلا القشة التي قصمت ظهر البعير، ورأس جبل الجليد الذي يُخفي تحته أسبابًا عميقة دفعت بشرائح من المجتمع المدني للخروج احتجاجًا على الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي ما فتئت تتحول إلى الأسوأ تبعًا للتحولات السياسية التي شهدها لبنان.

فقد عرف لبنان مرحلة استقرار نسبية لنظامه منذ دخول اتفاق الطائف حيز التطبيق الفعلي في أوائل التسعينات؛ حيث قام النظام السوري عبر تواجده الفعلي على الأرض اللبنانية بضبط اللعبة السياسية بين الأطراف الداخلية في حين قامت المملكة العربية السعودية بتمويل عملية إعمار ضخمة للبلاد، ولكن هذا الاستقرار الهش والذي كان بكلفة سياسية ومالية عالية، بدأ بالتهاوي بتطورين أساسيين، أولهما على الصعيد المحلي عام 2005 بمقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وانسحاب القوات السورية من لبنان، والآخر إقليمي باندلاع الثورات العربية في المنطقة لاسيما في سوريا عام 2011. وأسفرت التطورات عن مشهد إقليمي ومحلي جديد: علاقة صراع بين السعودية وسوريا -ومن ورائها حليفها الإيراني- بدلًا من التعاون الذي كان قائمًا بينهما، وانقسمت الطبقة السياسية اللبنانية تبعًا لهما إلى قوتين متصارعتين أساسيتين، قوى 8 آذار وتحظى بدعم سوريا وإيران، وقوى 14 آذار وتحظى بدعم السعودية.

هذا ويتناول التقرير السياق الاجتماعي والسياسي للاحتجاجات الاجتماعية التي شهدها لبنان، والمصير الذي سينتهي إليه الحراك المدني بعد أن دخل في مواجهة مع “دولة الطائف” التي لم تستمر إلا لعدم وجود بديل لها.

السياق الاجتماعي للحراك والحل الوزاري

قد يمكن قراءة الحراك المدني على أنه نتيجة طبيعية لتردي الوضع الاجتماعي للشعب اللبناني حيث تتآكل الطبقة الوسطى وتتسع شريحة الطبقة الفقيرة على صعيد مساحة لبنان كله(2)، بسبب الأزمات السياسية الداخلية المتلاحقة التي أصابت البلد أو الاضطرابات التي يشهدها الإقليم التي من أبرزها مؤخرًا “الحرب في سوريا”. ونزح من هذه الأخيرة إلى لبنان أكثر من مليون سوري (أي حوالي ربع سكان لبنان)؛ “مما أدى إلى زيادة الضغوط على مالية الدولة اللبنانية العامة” وترك آثارًا سلبية على الخدمات والبيئة وسواهما. وبحسب البنك الدولي فإنه من “المتوقع أيضًا أن تؤدي هذه الأزمات إلى تفاقم الفقر بين اللبنانيين، وكذلك إلى اتساع التفاوت في مستوى الدخل. وتشير التقديرات بوجه خاص إلى أن الأزمة السورية أدت إلى سقوط نحو 170 ألف لبناني آخر في براثن الفقر (فوق مستوى المليون شخص حاليًا) بنهاية عام 2014، وأنَّ ما بين 220 إلى 320 ألف مواطن لبناني قد انضموا إلى صفوف العاطلين عن العمل، معظمهم من الشباب غير المهرة”(3). وأضف إلى هذا هيمنة الفساد حيث حلَّ لبنان على مؤشر منظمة الشفافية الدولية لمدركات الفساد لعام 2014 في المرتبة 136 من بين 175 دولة والمرتبة 14 على 19 بلدًا عربيًّا(4)؛ وهو ما يُلحظ صداه في تردى خدمات الدولة وشيوع الرشوة في مؤسساتها، التي تخضع إدارتها في الغالب لنخب حزبية اعتادت أن تتبادل المنافع مع رجال أعمال محليين وغير محليين، وأن تحتمي بطوائفها بعد أن تُشركها أحيانًا ببعض مغانمها التي لم تعد مجدية وكافية لتمويل هذا الكمِّ من الفساد الذي تراكم منذ تأسيس دولة الطائف حتى اليوم.

ومن الأمثلة على ذلك قطاع الكهرباء حيث لا يزال “التقنين في توفير التيار” على المناطق اللبنانية مداورةً لبضع ساعات يوميًّا ساريًا على الرغم من انتهاء الحرب الأهلية في بداية التسعينات رغم كل الأموال الطائلة التي رُصدت لهذا القطاع حتى “وصل عجز المؤسسة المتراكم منذ العام 1992 إلى 30 مليار دولار” ويكلِّف “خزينة الدولة أكثر من 1.6 مليار دولار سنويًّا أي ما يقارب 20% من إجمالي وارداتها”(5)، فضلًا عن تردي القطاع الصحي وغلاء فاتورة الاستشفاء وتخلف الدولة عن سداد المستحقات المترتبة على وزارة الصحة للمستشفيات وتكرر حوادث الموت على أبوابها لرفضها استقبال بعض الحالات الحرجة والاتهامات الموجهة لهذا القطاع برمته سواء في ما يتعلق بالأدوية أو المستشفيات والأطباء(6)، كما طال الفساد قطاع الأغذية والمطاعم واللحوم، وأصدرت وزارة الصحة في مواجهة هذه الظاهرة نشرات دورية بأسماء المؤسسات والمطاعم المخالفة(7) إلى أن برزت مؤخرًا أزمة النفايات.

برز الحراك المدني في مواجهة ملف النفايات في لحظة تعزَّز فيها الانتماء الطائفي بسبب هيمنة الأحزاب الطائفية على كل القطاعات في الدولة حيث لم تعد إدارة تسير أو يتم أي توظيف فيها أو إقرار لأي مشروع أو مؤسسة إلا بموافقة منها، أو يتم تجميده إلى حين التوافق عليه وتقاسُم عمولته أو بعض ريعه(8). ومن المفارقات أن اللجنة المكلَّفة بحل مشكلة النفايات برئاسة وزير البيئة خلصت في استجابتها للشارع إلى حلٍّ يعكس آلية النظام اللبناني هذه المتَّبعة في حلِّ أزماته؛ حيث أعلن وزير البيئة المشنوق في 24 أغسطس/آب 2015 عن فوز عدَّة شركات في مختلف المناطق بمناقصة النفايات، وشاع الحديث عن انتمائها للأحزاب الحاكمة في لبنان لاسيما الرئيسية منها، تيار المستقبل وحزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، وبكلفة عالية تزيد عن السعر المعمول به مع شركة “سوكلين” المكلَّفة بالجمع والطمر، والتي طالما اتُّهمت بالمغالاة في أسعارها(9). واضطر مجلس الوزراء أن يُبطل هذه المناقصة وأن يعيد الملف إلى اللجنة بعد أن انسحب منها وزير البيئة وأوكل أمرها إلى وزير الزراعة أكرم شهيب عن الحزب التقدمي الاشتراكي.

اقترح شهيب آلية للحل تقوم على مرحلتين: مؤقتة آنيَّة لمدة عام ونصف وأخرى مستدامة بعيدة المدى، وتلحظ المؤقتة اعتماد أكثر من “مطمر” للنفايات موزعة على المناطق اللبنانية انطلاقًا من مبدأ عدم تحميل منطقة واحدة أعباء البقية، وتلعب فيها البلديات لاسيما في الحل المستدام دورًا رئيسيًّا. وقد حظيت الخطة بموافقة مجلس الوزراء في 9 سبتمبر/أيلول 2015(10) لكنها لم تحظَ بموافقة كل قوى الحراك الاجتماعي والمدني التي لا تثق بالحكومة، كما ترددت المناطق التي حُدِّدت لطمر النفايات أو فرزها في قبولها، ومنها منطقة “الناعمة” التي يجب بحسب الخطة أن يستقبل “مطمرها” نفايات العاصمة وجبل لبنان لمدة سبعة أيام للتخلص من أكوام النفايات التي تراكمت خلال الفترة الماضية من عمر الأزمة.

ولغياب البدائل أمام قوى الحراك المدني، ولإجماع القوى السياسية الأساسية على الخطة، فمن المتوقع أن تُكلَّل خطة شهيب بالنجاح ولو مع بعض التعديلات، ولكن من المؤكد أن الحراك قابل للاستمرار في ملفات أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر: الأملاك البحرية -حيث يهيمن رجال أعمال بالتواطؤ مع رموز سياسية على مساحات واسعة من الشاطئ اللبناني- والكهرباء، والأخيرة هي الأكثر إلحاحًا راهنًا في الشارع اللبناني.

السياق السياسي لأزمات لبنان الاجتماعية

بسبب ارتباط الفاعلين اللبنانيين الأساسيين بقوى الإقليم -وبعضهم ارتباطه عضوي- لم تعد الحدود اللبنانية القلقة هي مع “إسرائيل” فقط، بل أصبحت حدود لبنان مع سوريا مهدَّدة بشكل دائم تقريبًا بعد انخراط حزب الله في الحرب السورية إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد ضد المعارضة السورية، ولتضاف بهذا خلافات الإقليم المعقدة -بدءًا من سوريا مرورًا بالعراق وانتهاء باليمن- إلى تلك الداخلية الحادة، ولتكبر مشاكل لبنان بالتوازي مع مشكلات الإقليم.

وبدلًا من أن تعمل الطبقة السياسية على إعطاء الأولوية للأزمات المحلية والمباشرة بحلها أو الحد منها على الأقل، فإنها تمسكت بمواقفها تبعًا لتصاعد التوتر الإقليمي؛ ما أوصل الأطراف المتنازعة لاسيما قوى 14 و8 آذار إلى ما يشبه الحرب الباردة بينهما، لا بل تسرَّب الاختلاف إلى داخل كل فريق منهما حتى وصل البلد إلى ما يسمى “حالة الفراغ”؛ حيث لا تزال الجمهورية اللبنانية بلا رئيس منذ 25 مايو/أيار 2014, ولا تزال حكومة ربط النزاع -حكومة تمام سلام التي تشكَّلت بشق الأنفس- غير قادرة على الاجتماع لخلافات سياسية حول تفسير القوانين والدستور في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، وإذا اجتمعت تعجز عن اتخاذ أي قرارات منتجة ما خلا تلك القرارات المتعلقة بحل أزمة النفايات التي اتخذتها بسبب ضغوط “الحراك المدني”، ومجلس النواب مدَّد لنفسه وهناك من يطعن بشرعيته شعبيًّا وسياسيًّا لاسيما التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشال عون، وأي شاغر في الوظائف والإدارات العليا العسكرية وغير العسكرية المتعلقة بالدولة يصعب إيجاد بديل له دون نزاع، ويعاني معظم إدارات الدولة من نقص أو سوء تسيير وتتنازعها مصالح الأحزاب والطوائف ويُعْوِزها الإجماع على صحة شرعية أدائها، حتى إن وزير المالية اللبناني حسن خليل حذَّر يومًا من عدم قدرة وزارته على دفع الرواتب بسبب تعطل مجلس النواب وشلل الحكومة(11).

وهذا يفسِّر سبب جذب الحراك المدني لشرائح من طوائف عدَّة تجاوزت الخلافات الطائفية والحزبية التي تقوم عليها السياسة اللبنانية تقليديًّا؛ فقد استطاع العنوان الاجتماعي ومطالب الحياة اليومية أن تجمع كل المتضررين من الوضع القائم في حراك واحد، وهذا ما هيمن على معظم مراحل تكوُّن الحراك أو على مسيرته.

واختلفت تكتيكات القوى السياسية في التعامل مع الحراك تأييدًا ونقدًا له، وحاول كل منها استغلاله باختراقه وتوجيهه ضد الخصوم، أو إجهاضه كي لا يأكل من جمهوره ومناصريه، وفي المحصلة كان النقد الأوفر من قبل الحراك للحكومة ورئيسها تمام سلام وللأحزاب اللبنانية ورموزها حتى حزب الله من دون استثناء، ولمجلس النواب ورئيسه نبيه بري رئيس حركة أمل، مع العلم أن مناصرين للأخير اعتدوا مرارًا على بعض المتظاهرين بسبب “إساءاتهم اللفظية للرئيس بري” كما تعلَّلوا، في حين أن حزب الله استطاع بضجيج أقل “وببعض الترهيب”(12) منع التعرض لزعيمه “حسن نصر الله”، وأن يتجنب المواجهة مع الحراك بشكل مباشر، ويبقى التضرر الأساسي للثنائي الشيعي من الحراك أنه يسحب النضال من أجل المطالب الاجتماعية من تحت حزب الله وحركة أمل وخاصة الأخيرة التي قامت على أساس “نصرة المحرومين” من الشيعة. أمَّا سعد الحريري زعيم تيار المستقبل، وميشال عون زعيم التيار الوطني الحر فقد اعتادا وجمهورهما على تلقي النقد واستيعابه بمرونة أكبر، لضعف البُعد الأيديولوجي في تركيبة تنظيماتهما، وستكون خسارة التيار الحر الأساسية أن الحراك بادر إلى التظاهر ضد الفساد باعتباره ظاهرة عابرة للطوائف وأن أحزاب السلطة كلها متورطة وهو منهم خاصة في “ملف الكهرباء”، وذلك بحسب الحراك، في حين أن عون زعيم التيار يحارب خصومه من قوى 8 آذار باعتبار أن الفساد فيهم فحسب دون حلفائه أو مؤيديه. والمأزق الأكبر للمستقبل حاليًا هو عجزه حتى اللحظة عن إقناع جمهوره بأن حلَّ أزمة النفايات لم يكن على حساب “المناطق السنِّيَّة في لبنان”(13)، خاصة وأن خارطة الحل المؤقت تعتمد على طمر النفايات أو معالجتها بشكل أساسي في أهم المناطق السنية مثل “عكار”.

الأزمة الاجتماعية والحوار الوطني

يعيش لبنان هاجس عودة الحرب الأهلية التي استمرت ما يقرب من 15 عامًا، وكان الخلاف على السلطة والمصالح الطائفية أحد أهم العوامل المؤجِّجة لها، وهذا يفسِّر سبب تقدم السياسي على الاجتماعي في كل جولات الحوار بين الأطراف اللبنانية المتنازعة، التي ابتكرت طاولتين للحوار بهدف الإمساك بالوضع السياسي ومنعه من الانهيار، وذلك بضمانات إقليمية خاصة من السعودية وإيران، وأخرى دولية على رأسها أميركا، وتهدف الطاولة الأولى للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، والثانية للحوار الوطني والمقصود بين قوى 8 و14 آذار.

حوار حزب الله-المستقبل
انطلق ما سُمِّي “الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل” في ديسمبر/كانون الأول 2014  بوصفهما أكبر قوتين سياسيتين في لبنان(14)، برعاية من رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري، بهدف “تخفيف الاحتقان السُّنِّي-الشيعي” وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية التي أصبحت ما بين موقع شاغر أو معطَّل أو ممدد له، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل مجلس الوزراء والانتخابات النيابية فضلًا عن تعيينات إدارية طال انتظارها، مع استثناء سلاح حزب الله من النقاش، ولا تزال هذه الجلسات مستمرة بلا انقطاع وكانت جلسته التاسعة عشرة في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2015، واعتادت مناقشة كل مستجد وفقًا للظروف حتى يمكن القول: إنها أصبحت “لجنة ارتباط” دائمة بين الطرفين تجتمع كل ثلاثة أسابيع، للإمساك بالبلاد من أن تنزلق نحو حرب مذهبية أهلية، وتعزيز السلم الأهلي.

قد لا يعوَّل كثيرًا على مساهمة هذا الحوار في الاستجابة للتحديات الاجتماعية بشكل مباشر، رغم أنه يملك القدرة على تهيئة البيئة السياسية المناسبة، لأن وظيفته الأساسية لا تزال هي خفض “الاحتقان المذهبي السُّنِّي-الشيعي” -وهو كثير في ظل التوتر الإقليمي المتصاعد بين إيران والسعودية- إلا أنه في ظل الظروف الراهنة قد تتسع مساحته للتوافق على سلسلة من الإجراءات المتصلة بالقضايا الاجتماعية للحؤول دون تأثيرها على السلم الأهلي؛ ما يعني تحول الطرفين إلى ما يشبه الخصم وإن بتفاوت للحراك ولأنشطته، خاصة تلك التي لا تتفق مع تطلعات هذين الطرفين أو تسيء إليهما بأي وجه من الوجوه.

طاولة الحوار الوطني
استغرقت “طاولة الحوار الوطني” والتي أطلقها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في محاولة إيجاد تسوية سياسية ما بين قوى 8 و14 آذار المتصارعة، ولم تُعطِ الأولوية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب اللبناني، وانعقدت سبع جلسات في عام 2006 برئاسته، ليتوقف الحوار بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو/تموز 2006، وأهم ما أسفرت عنه التوافق على “نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات” وهو الأمر الذي لم يتحقق. واستُؤْنف الحوار بعد انتخاب ميشال سليمان، رئيسًا للجمهورية، وترأَّس سليمان 18 جلسة منذ سبتمبر/أيلول من ذلك العام إلى حين انتهاء ولايته في مايو/أيار 2014، وأبرز ما انتهى إليه الحوار في عهده ما عُرِف بـ”إعلان بعبدا”، ومما نَصَّ عليه “تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية” وكذلك لم يتحقق، حيث انخرط حزب الله استراتيجيًّا ومن موقع إقليمي في الحرب السورية(15).

وعادت طاولة الحوار لتنعقد في غياب رئيس الجمهورية ولتعقد خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول على إيقاع احتجاجات الحراك المدني الذي رأى بعض قادته أن الحوار هذه المرة جاء -وبدعوة من رئيس مجلس النواب- في سياق محاولة من السلطة للمحافظة على مكاسبها في مواجهة الشارع وليس للاستجابة لمطالبه، وقد يُستدل على صحة هذا الاتهام بالاعتداءات التي تعرَّض لها المتظاهرون من قبل مجموعة نسبت نفسها إلى رئيس المجلس، أو للشدة والاعتقالات الآخذة بالتصاعد من قبل الأجهزة الأمنية وأحيانًا العسكرية في مواجهة الحراك بذريعة أنه ينزلق نحو “الشغب” أو مخالفة “القوانين”، مع صمت كامل من قبل الفاعلين اللبنانيين الأساسيين.

وعلى العموم، لا يمكن التقليل من قدرة طاولة الحوار اللبنانية على اجتراح حلول حقيقية للأزمات الاجتماعية الحالية لو أرادت، لكن حجم الفساد المستشري في أطراف السلطة وباسم دفاع كلٍّ منهم عن طائفته وانعدام الثقة بينهم خاصة على المستوى الإقليمي، يرجِّح أنْ تُزاوج طاولة الحوار ما بين إيجاد حلول جزئية لتهدئة الشارع، وصبِّ جُلِّ الاهتمام ولو ضمنيًّا، على تدابير تحاصر الحراك وتحتويه ضمن أطر اللعبة السياسية اللبنانية ولا تسمح له بتغيير قواعدها.

مصير الحراك

هناك خشية يشترك فيها أنصار الحراك وخصومه من أن يكون مصير الحراك في لبنان أو تداعياته شبيهة بما اصطُلح على تسميته: الربيع العربي، وكان ديدن الأطراف اللبنانية الأساسية عمومًا رفض “الربيع العربي” حيث وجد فيه “أمراء الأقليات الطائفية” تكريسًا لحكم الأكثرية “السُّنِّية” في الإقليم وتهديدًا لامتيازاتهم(16)، في حين تحفَّظ عليه آخرون أو على بعض ثمراته وعلى رأسهم المستقبل، لأنه جاء “بالتيار الإسلامي” بكل تلاوينه إلى الحكم أو إلى صدارة المشهد. ولا يبدو الشارع اللبناني ببعيد عن هذه الهواجس التي رافقت “الثورات العربية”، ولكن من المفارقات أن بعض المصطلحات التي شاعت خلال أيام “الربيع العربي” استُعيدت أثناء المواجهات من قبل كل الأطراف، مثل “الشبِّيحة” لوصف المعتدين على المتظاهرين، والمطالبة “بإسقاط النظام الطائفي” والدعوة “للثورة”، وتم وصم المتظاهرين أحيانًا من قِبل بعض المعارضين لهم ومن قِبل بعض أركان السلطة “بالعملاء للخارج” وتلقيهم تدريبات خاصة لنقل “الفوضى” باسم “قضايا اجتماعية محقَّة” إلى لبنان وما إلى ذلك. وهذا التماهي مع الثورات العربية من قبل قوى “الحراك” يعكس ثقتهم بالتعددية اللبنانية وبوحدة معاناة اللبنانيين من “الحُكم الطائفي” ورفضهم “للتطرف” بعض أن اتضحت مآلاته في الإقليم.

أمَّا السُّلطة والقوى الأساسية المشكِّلة لها من قوى 8 و14 آذار فقد استفادت مما وفَّره النظام العربي من خبرة في مواجهة “الثورات” ومما أُطلق عليه “الثورات المضادة” في التعامل مع الحراك على الصعيد الأمني، من حيث استدراجه نحو “الشغب” لتبرير قمعه وتفادي ظهورها بصورة “المستبد”. وعلى الصعيد السياسي يبدو أنها أكثر اطمئنانًا نسبيًّا رغم خلافاتها المعقدة والمستفحِلة بين أطرافها، وتعتمد على تفعيل طاولتي الحوار محليًّا (الحوار الوطني والحوار الثنائي بين حزب الله والمستقبل) لتأمين الغطاء اللازم لأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والقضائية ووزاراتها ولتوفير كل ما تحتاجه لاستيعاب هذه اللحظة “الثورية”.

إن الحراك قد يكون مصيره الانكفاء إذا ما تحرَّر الوضع اللبناني من حالة “الفراغ” التي أصابته نتيجة تصاعد النزاع الإقليمي ليعود الوضع اللبناني إلى سابق عهده من الانقسام طائفيًّا ومذهبيًّا وسياسيًّا، ولكنه حتمًا سيترك آثارًا على بنية الأحزاب اللبنانية الطائفية لتُولي اهتمامًا أكبر بالقضايا الاجتماعية، كما أنه أطلق عدة مجموعات سياسية جديدة -على تواضعها- أو ما زالت في طور التشكُّل وهي تبدو أكثر تحررًا من  قوى 8 أو 14 آذار وتأثيراتها، وهي عابرة للطوائف لا بل من خارج المنظومة السياسية التي أسَّس لها اتفاق الطائف، وهي تعلن التزامها بالمواطن اللبناني وقضاياه الاجتماعية وحقوقه الأساسية وقد تهيئ الظروف المناسبة لظهور أحزاب لبنانية جديدة ليبرالية أو يسارية.

والحراك ليس نسيجًا واحدًا فهو خليط من اليساريين والليبراليين وسواهما فضلًا عن التنوع الطائفي، ويتعرض لامتحان يومي فيما إذا كان بمقدوره أن يتعرض لرموز قوى السلطة جميعًا لاسيما الثنائي الشيعي (بري ونصر الله) كما يتعرض لسواهما، بل هناك من يطالبه بأن يتظاهر ويعتصم أمام الوزارات التي ترأَّسها 8 آذار مثل وزارة الطاقة (الكهرباء) والمياه كما فعل أمام تلك التي ترأَّسها 14 آذار مثل وزارة البيئة، وأن يحتج أمام مقر المجلس النيابي ورئاسته كما يحتج أمام مقر الحكومة ورئاستها(17).

وفي الختام يمكن التأكيد أن الحراك حتى اللحظة حقق إنجازات عدَّة:

  1. أجبر القوى الطائفية اللبنانية على اللقاء حكوميًّا لحل “مشكلة النفايات”، وكذلك على التلاقي ولو من أجل التنسيق فيما بينها للتصرف إزاءه وتحجيمه.
  2. رفع صوت “شريحة” جديدة بالاعتراض على النظام الطائفي اللبناني وعلى المعادلة الإقليمية وتداعياتها المذهبية التي وضعت لبنان في منطقة تجاذب بين إيران والعرب.
  3. نجح في جمع الناس من كل الطوائف في مواجهة السلطة بملف النفايات، ما أعطاه شرعية شعبية لفتح ملفات اجتماعية أخرى رغم أن لها أبعادًا سياسية لم يجرؤ أحد على المسِّ بها سابقًا.
  4. جعل من لحظة “الفراغ” السياسية في لبنان لحظة فارقة على صعيد الاعتراض على “النظام اللبناني” وإفرازاته، ليثبت أن هذا النظام قد أفلس وغير قادر على حلِّ مشاكله فضلًا عن حلِّ مشاكل الناس لا بل أدناها مثل النفايات.

وأعظم مخاوف الحراك أن القوى اللبنانية الأساسية لا تزال تمسك بقانون اللعبة القائمة على ثنائية الحوار والصراع الطائفي والتجاذب الإقليمي، ويحذر الحراك أن تنتقل خلافات هذه القوى إليه أو إلى جمهوره وهو ما استطاع تجاوزه حتى اللحظة.
___________________________________
شفيق شقير -مركز الجزيرة للدراسات

الهوامش
(1) انظر صحيفة الحياة، النفايات تتكدَّس في بيروت.. فهل تحوِّلها إلى نابولي أخرى؟، 19 يناير/كانون الثاني 2014،
http://alhayat.com/Details/594496
تاريخ الدخول: 13 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
(2)خريطة مؤشر الفقر في لبنان (2014)، مركز المعلوماتية للتنمية المحلية في لبنان، تاريخ النشر: 23 إبريل/نيسان 2015، آخر تعديل: 30 مايو/أيار 2015،
http://www.localiban.org/article5541.html
تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2015.
(3)  انظر عرض العام للبنك الدولي عن لبنان، 1 مارس/آذار 2015،
http://www.albankaldawli.org/ar/country/lebanon/overview
وللمزيد من التفصيل عن تشخيص الوضع اللبناني يمكن الاطِّلاع على الدراسة المفصَّلة الصادرة في يونيو/حزيران 2015 عن البنك:
Lebanon: promoting poverty reduction and shared prosperity
http://documents.albankaldawli.org/curated/ar/2015/06/24663519/lebanon-promoting-poverty-reduction-shared-prosperity-systematic-country-diagnostic
(4) انظر موقع لبنان على مؤشر منظمة الشفافية الدولية لعام 2014،
https://www.transparency.org/country/#LBN
تاريخ الدخول: 15 أغسطس/آب 2015.
(5) موريس متَّى، الشارع يغلي مع غياب واضح لحلِّ أزمة التقنين في المدى القريب، النهار اللبنانية، 11 أغسطس/آب 2015،
http://www.annahar.com/blogs/article/258685-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%B9-%D9%8A%D8%BA%D9%84%D9%8A-%D9%85%D8%B9-%D8%BA%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D8%B6%D8%AD-%D9%84%D8%AD%D9%84-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%86%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A8
تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2015.
(6) فيرونيك أبو غزالة، أزمة الاستشفاء في لبنان معضلة مالية إنسانية ضحيتها المواطن، 19 مارس/آذار 2015،
http://www.alhayat.com/Articles/8115614/%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%B6%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9—%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B6%D8%AD%D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86
تاريخ الدخول 13 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
(7) انظر الوكالة الوطنية للإعلام لبنان، أبو فاعور قدَّم تقريرًا تقييميًّا لحملة سلامة الغذاء، 31 ديسمبر/كانون الأول 2014،
http://www.nna-leb.gov.lb/ar/show-news/134623/%D8%A8%D9%88-%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%88%D8%B1-%D9%82%D8%AF%D9%85-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D9%8A%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B0%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AD%D8%AA%D8%B1%D9%81%D9%88-%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%86%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85-%D8%B3%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A7-%D8%A8%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%82%D8%B6%D8%A7-%D9%8A%D8%A9
تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2015.
(8) تؤكد الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية أن أحد أسباب الفساد في لبنان هو “تقاسم السلطة بين المجموعات السياسية والطائفية الناتجة عن تنافس هذه المجموعات على موارد الدولة”. انظر رابط المنظمة أدناه،
http://www.transparency-lebanon.org/Ar/Corruption/113
تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2015.
(9) موريس متَّى، أعيدوا لنا ميسرة ومعه “سوكلين”، النهار اللبنانية، 25 أغسطس/آب 2015،
http://www.annahar.com/blogs/article/262262-%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D8%AF%D9%88%D8%A7-%D9%84%D9%86%D8%A7-%D9%85%D9%8A%D8%B3%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%B9%D9%87-%D8%B3%D9%88%D9%83%D9%84%D9%8A%D9%86
فايزة دياب، النفايات وجهاد العرب والأسعد وجنبلاط والجميل: فتش عن المال، موقع جنوبية، 1 أغسطس/آب، 2015،
http://janoubia.com/2015/08/01/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%AF-%D9%88%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%B7/
تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2015.
(10) انظر موقع رئاسة الحكومة اللبنانية، مجلس الوزراء أقرَّ خطة شهيب لمعالجة النفايات، 9 سبتمبر/أيلول 2015،
http://www.pcm.gov.lb/arabic/subpg.aspx?pageid=7483
وانظر النهار اللبنانية: محمد المشنوق بعد انسحابه من لجنة النفايات، 31 أغسطس/آب 2015،
http://www.annahar.com/article/263668-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D9%8A%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA
تاريخ الدخول: 15 سبتمبر/أيلول 2015.
(11) انظر المؤتمر الصحافي لوزير المالية حسن الخليل، الوكالة الوطنية للإعلام، 5 أغسطس/آب 2015.
http://nna-leb.gov.lb/ar/show-news/172719/nna-leb.gov.lb/ar
تاريخ الدخول: 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
(12) منير الربيع، “قمصان سود” لترهيب الحراك المدني واستثماره، صحيفة المدن الإلكترونية 22 سبتمبر/أيلول 2015،
http://www.almodon.com/politics/a4cb22c7-a407-4905-8eff-1fd7a94002e7
(13)نادين مهروسة، أزمة النفايات تعمِّق أزمة “المستقبل” مع شارعه، المدن الإلكترونية، 5 أكتوبر/تشرين الأول 2015،
http://www.almodon.com/politics/8b8f77f3-7f82-4b08-bef5-92e7f3fbf16a
تاريخ الدخول: 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
(14) انظر صحيفة السفير اللبنانية، غسان ريفي، حزب الله المستقبل: تسوية بشأن ترقية الضباط، 17 سبتمبر/أيلول 2015،
http://assafir.com/Article/445496
وصحيفة الأخبار اللبنانية، العدد 247،  24 ديسمبر/كانون الأول 2014،
https://www.al-akhbar.com/node/222610
(15) انظر “البيان الختامي لطاولة الحوار في قصر بعبدا”، موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، 16 سبتمبر/أيلول 2008،
http://www.presidency.gov.lb/Arabic/News/Pages/Details.aspx?nid=848
تاريخ الدخول: 4 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
(16) انظر على سبيل المثال: الحياة اللندنية، عون للمتظاهرين: مطالبكم محقَّة لكن الربيع العربي يخيفنا، 2 سبتمبر/أيلول 2015،
http://www.alhayat.com/Articles/10924979/%D8%B9%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D9%8A%D9%86–%D9%85%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%83%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%82%D8%A9-%D9%84%D9%83%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D9%81%D9%86%D8%A7
تاريخ الدخول: 13 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
(17) انظر على سبيل المثال، حسين عاصي، السياسيون “ينقلبون” على “الحراك”: “طلعت ريحته”، موقع النشرة اللبناني، الثلاثاء 13 أكتوبر/تشرين الأول 2015،
http://www.elnashra.com/news/show/921919/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%B7%D9%84%D8%B9%D8%AA-%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D9%87