بغداد – تتجه هيئة النزاهة الاتحادية العراقية إلى إبرام مذكرات تفاهم مع خمس دول عربية وأجنبية لفتح آفاق التعاون وتبادل المعلومات عن الأشخاص المطلوبين وأموالهم، وتنظيم طلبات المساعدة القانونية لاستعادتهم والأموال المهربة.
ويعاني العراق منذ عام 2003 من تفشي الفساد في أغلب مؤسساته وسوء الإدارة، ما أسفر عن ضياع ثروات طائلة على مشاريع وهمية وعمليات غسيل أموال.
وقال معتز فيصل العباسي، المدير العام لدائرة استرداد الأموال بهيئة النزاهة العراقية، في تصريح لصحيفة “الصباح” الحكومية نشرته الثلاثاء، “نعمل على استعادة الأموال العراقية المهربة وفق معايير ستوضع لإبرام مذكرات تفاهم وتبادل المعلومات عن الأشخاص المطلوبين وأموالهم، وتنظيم طلبات المساعدة القانونية”.
وذكر أن هيئة النزاهة في طور إبرام عدد من مذكرات التفاهم مع كل من الأردن ولبنان والكويت وتركيا وبولندا، كما أن السعي مستمر للتوجه نحو دول أخرى لإبرام مثل هذه المذكرات لتعزيز التعاون معها.
وأشار إلى أن الأولوية في اختيار الدول تكون بحسب الاعتقاد والمعرفة بإمكانية وجود أموال فساد مهربة في تلك الدول، فضلا عن عدد من الملفات التي يفترض بها السعي لحسمها.
وأوضح أن ملفات الاسترداد تتضمن مجموعة من الوثائق عن المطلوبين والأموال المهربة وطلب المساعدة الدولية، وتقدم للدول التي يوجد فيها المتهم أو المدان بغية الحجز على أمواله.
وكان العراق عقد في سبتمبر الماضي مؤتمرا دوليا لاسترداد الأموال المنهوبة بمشاركة الجامعة العربية ووزراء عدل عرب، وتعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حينها بأنه لن يتراجع عن استرداد أموال بلاده المهربة، داعيا إلى تعاون دولي لمساعدته في تحقيق هذا الهدف.
وخرج المؤتمر الذي انعقد على مدى يومين ببيان ختامي على شكل توصيات مقسمة ضمن 18 نقطة، من أهمها التشجيع على عقد اتفاقيات ثنائية بين الدول، مما يساعد العراق على استعادة أمواله، فضلا عن أهمية قيام بغداد بإصدار أدلة إرشادية تبسط آلية استرداد الأموال.
ومثّل الفساد سببا رئيسيا في فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تحسين الخدمات العامة الأساسية، من قبيل التعليم والكهرباء ومياه الشرب وقطاع الصحة وغيرها.
وكانت محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة شهدها العراق على مدى عام كامل بدءا من أكتوبر 2019، عندما تورطت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بالشراكة مع ميليشيات عراقية تابعة لإيران، في قتل نحو 700 متظاهر، وإصابة نحو عشرين ألفا آخرين، في سبيل حماية نظام الأحزاب الدينية الفاسدة في البلاد.
ولا يُعرف رقم حقيقي لحجم الأموال العراقية المهربة خارج العراق، إذ تتضارب الأرقام الحكومية والشعبية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح سبق أن أعلن عن مشروع قانون استرداد عوائد الفساد وتقديمه إلى البرلمان، والسعي لاستعادة نحو 150 مليار دولار تم تهريبها إلى خارج العراق منذ سنة 2003، وهو تقرير أولي، في حين أن هناك تقديرات أكثر من ذلك بكثير.
وأكدت لجنة النزاهة النيابية أن حجم الأموال المهربة خارج العراق يقدر بـ239.7 مليار دولار، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، مشددة على وجود ضغوط سياسية لعرقلة مكافحة الفساد.
وذكرت اللجنة أن الأموال التي تم تهريبها خارج العراق خلال الأعوام الماضية من خلال إيصالات وهمية، تمت عبر عمولات دفعت إلى بعض المسؤولين لغرض تسهيل عمليات التهريب.
ولا تزال الأموال العراقية المهربة والمجمدة في الخارج بعيدة المنال، رغم تأكيدات متتالية من أطراف حكومية مختلفة بضرورة استردادها.
ولاستعادة تلك الأموال يحتاج العراق إلى قاعدة معلومات دقيقة، والاستعانة بشركات التدقيق المالي والمحاكم الدولية، مع تعزيز مطالبة الحكومة بالأدلة وعقد اتفاقيات ثنائية مع بعض البلدان لتسليم المتهمين، طبقا للأحوال القانونية والقضائية والمعاهدات الدولية.
العرب