عودة مسلسل استجواب الوزراء تعجل برحيل الحكومة الكويتية

عودة مسلسل استجواب الوزراء تعجل برحيل الحكومة الكويتية

لم يكد الكويتيون يتنفسون الصعداء بعد انطلاق المرحلة الأولى من الحوار الوطني وما استتبعه من حديث عن صفحة جديدة تفتح في الكويت، حتى تقدم أحد النواب باستجوابين في حق وزيري الدفاع والتجارة والصناعة، ليبدد الأجواء الإيجابية.

الكويت – بدد مسلسل استجواب الوزراء أجواء التفاؤل التي سادت الكويت في الفترة الأخيرة مع التقدم الذي تحقق في الحوار الوطني بين نواب المعارضة والحكومة، واقتراب إصدار عفو عام عن نشطاء سياسيين ونواب على خلفية قضية اقتحام مجلس الأمة في العام 2011.

وتقدم النائب حمدان العازمي باستجوابين بحق نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي الصباح، ووزير التجارة والصناعة عبدالله السلمان.

ويرى مراقبون أن الخطوة التي أقدم عليها النائب من شأنها أن تعجل بقرار رحيل الحكومة الحالية، الذي من المتوقع أن يأخذ بحثه صبغة الاستعجال بعد عودة رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح من مدينة غلاسكو الأسكتلندية.

وسبق وأن تم طرح استقالة الحكومة خلال جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح لكن لم يتم حسمها، حيث أن هناك من يقترح الاقتصار على تعديل وزاري خصوصا بحق الوزراء الذين يصر النواب على عدم عودتهم إلى الحكومة.

وأعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن تسلمه الاستجوابين بحق وزيري الدفاع والتجارة. وقال إنه “وفقا للإجراءات اللائحية، فقد أبلغت رئيس مجلس الوزراء والوزيرين المعنيين بالاستجوابين، وسيتم إدراجهما في أول جلسة عادية مقبلة”.

ويتضمن استجواب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ثلاثة محاور وهي: دخول المرأة في السلك العسكري، وانتهاج سياسة التنفيع والترضيات في ترقيات وكلاء الضباط إلى ضباط، وتجاوزات مالية تسببت في إهدار المال العام في الادارة العامة للطيران المدني.

وقال حمدان العازمي إن الاستجواب بحق وزير الدفاع “جاء بعدما تأكدنا بما لا يدع مجالا للشك بأن الوزير تقاعس عن أداء مهامه التي ألزمه الدستور بها، وحنث بقسمه الذي أداه أمام أمير البلاد، وأمام مجلس الأمة، بأن يحترم الدستور وقوانين الدولة ويذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله ويؤدي أعماله بالأمانة والصدق، ليس هذا فقط بل تجاهل دعوات النصح، ماضياً في مخططه لتغريب المجتمع الكويتي، بإصراره على إقحام المرأة في السلك العسكري”.

وأضاف أن “السياسة التي يتّبعها الوزير المستجوب شابها الغموض وفقدان الشفافية والكيل بمكيالين، وهدر المال العام واستباحته وعدم الحرص على معالجة الملاحظات والمخالفات والتجاوزات الصارخة والذي استمر العديد منها من دون إجراءات حقيقية”.

وكان وزير الدفاع أصدر قرارا في أكتوبر الماضي يقضي بفتح المجال أمام المرأة للانخراط في الجيش، وهو ما أثار ردود فعل متباينة بين مرحب ومعارض.

وفي معرض رده على الاستجواب الذي قدّم بحقه قال وزير الدفاع إن قرارات الجيش هي قرارات نافذة، لا يمكن بحال من الأحوال التراجع عنها. وأضاف في تصريح مكتوب “هذا ما عرف عن المؤسسة العسكرية، وهو ما يسرى على قرار السماح للمرأة الكويتية بالالتحاق بشرف الخدمة العسكرية، الذي يصب في صالح تطوير قدرات الجيش الكويتي، كما هو الحال في باقي مؤسسات السلك العسكري في الحرس الوطني والشرطة”.

وأوضح الشيخ حمد جابر العلي أن الاستجواب النيابي الذي قدّم ضده، هو فرصة لتوضيح حجم عمل الكوادر الوطنية، وما قاموا به من جهود سواء في وزارة الدفاع أو الادارة العامة للطيران المدني.

وردا على تهم المحاباة والترضيات صرح الشيخ حمد جابر العلي الصباح بأن إنصاف العسكريين من وكلاء ضباط بمنحهم حقهم في الترقية الى رتبة ملازم هو أمر يصب في دعم وتطوير المؤسسة العسكرية، بعد أن حرموا من هذا الحق لسنوات طويلة.

وفند الوزير الكويتي الاتهامات التي تتحدث عن الهدر العام في الإدارة العامة للطيران المدني قائلا إن هذه الادارة حريصة على التعاون وتصحيح الكثير من ملاحظات الجهات الرقابية لتلافي أيّ خلل إن وجد، كما اتخذ مسؤولوها إجراءات لتصويب ما ورد في التقارير الرقابية.

ويتضمن الاستجواب الثاني الذي تقدم به النائب حمدان العازمي بحق وزير التجارة والصناعة محورا واحد حول “ترهيب وترويع قياديي الدولة والإساءة لسمعة الكويت دوليا والإضرار بالمصلحة العامة”، في علاقة بقرار إحالة مدير عام القوى العاملة على التحقيق على خلفية الاستثناءات التي شملت قرار منع تجديد إقامة من يبلغ سنه الستين عاما، والتأخير الذي حصل في تنفيذ القرار.

وينضاف الاستجوابان إلى سلسلة من الاستجوابات طالت قبل أشهر رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، والتي لا يزال يدور حولها لغط كبير على الساحة النيابية منذ أن نجحت الحكومة في مارس الماضي في تمرير قرار يقضي بتأجيل الاستجوابات إلى العام 2022.

وتشكل الاستجوابات التي دأب النواب على تقديمها بحق الوزراء أحد أسباب التوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت.

وتقدمت الحكومة الكويتية السابقة باستقالتها لأمير البلاد، في منتصف يناير الماضي في أعقاب استجواب ثلاثي بحق رئيس الوزراء. وأعاد أمير الكويت تكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة من جديد، حيث قام صباح الخالد باستبعاد 4 وزراء أبرزهم وزير الدولة السابق أنس الصالح.

ولا يستبعد المراقبون أن تقدم الحكومة على تقديم استقالتها حيث أن هذه الخطوة من شأنها أن تقطع الطريق على الاستجوابات المقدّمة، مستبعدين خيار الاقتصار على إجراء تعديل وزاري.

ويوضح المراقبون أنه في حال استقالة الحكومة فإن الاستجوابات تسقط حتى وإن تمت إعادة اختيار الوزراء المعنيين للمشاركة في الحكومة المقبلة.

ويشير هؤلاء إلى فرضية أن تذهب الحكومة في خيار مناقشة الاستجوابات بما يشمل استجوابات رئيس الوزراء خصوصا وأنها تمتلك الأغلبية النيابية، كما وأنه ليس من صالحها إعادة الصراع مع نواب المعارضة إلى المربع الأول.

وطالب النائب صالح ذياب الشلاحي الحكومة بالتراجع عن سحب طلب تأجيل استجوابات رئيس الوزراء قبل أيّ تشكيل حكومي مقبل.

وقال الشلاحي في تصريح صحافي “من أجل الكويت، فإن كان التعاون هو أساس العمل واحترام إرادة الأمة فعلا، من الواجب على الحكومة الاعتذار للأمة عن طريق سحب رسالة تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها قبل أيّ تشكيل، ويجب على كل من قدم له استجواب أن يصعد المنصة ويفند الاستجواب المقدم له في الجلسة القادمة”.

العرب