مصطفى الكاظمي رجل اللحظة الحرجة

مصطفى الكاظمي رجل اللحظة الحرجة

مصطفى الكاظمي هو الرئيس الفعلي للعراق. رئيس حكومته كما أنه القائد العام لقواته. وحين يتعرض لمحاولة اغتيال فإن ذلك يعيدنا إلى مسلسل القتل في العراق. عبدالكريم قاسم وعبدالسلام محمد عارف وصدام حسين ومن قبلهم سليل العائلة الملكية فيصل الثاني.

محاولة الاغتيال الفاشلة وضعت الكاظمي على سلم لم يكن الصحافي السابق يحلم به. ولكن ذلك الرجل هو أكثر خطورة مما توقعه الكثيرون على المشروع الإيراني الذي بات حراسه في العراق قلقين من إمكانية انهياره السريع. أن يتعرض سياسي لمحاولة اغتيال فإن ذلك يشير إلى مكانته التي يمكن أن تشكل خطرا.

ما الذي فعله الكاظمي لكي يستحق عقابا من ذلك النوع؟

منذ اليوم الأول لتسلمه السلطة بدا واضحا أن الكاظمي ليس على وفاق مع الميليشيات كما أن زعماء تلك الميليشيات تجرعوا السم حين اضطروا للموافقة على إسناد منصب رئيس السلطة التنفيذية لشخص يعتقدون بيقين مطلق أنه يمثل وجهة نظر الولايات المتحدة في العراق.

ما فعله الكاظمي بعد ذلك أكد أنه إذا لم يستطع إلحاق الضرر بالحشد الشعبي فإنه سيلاحقه بالفضائح التي ستجره إلى مناطق رد الفعل المتهور الذي وضعه في مواجهة الدولة ممثلا لقوى اللادولة.

الكاظمي هو رئيس سلطة مؤقتة. ولكنه قد يكون رئيسا للحكومة في الأربع سنوات القادمة. ذلك لأنه المرشح الوحيد الذي تقبل به الكتل السياسية الفائزة في مواجهة الكتل السياسية الخاسرة

كان الحشد الشعبي قد هزم الكاظمي في غير واقعة حين استطاعت ميليشياته كسر هيبة الدولة وإخراج المعتقلين من زعماء فصائلها والذين سبق للدولة أن وجهت لهم تهم القتل والخطف. غير أن كلفة ذلك الانتصار كانت باهظة. فبدلا من أن يكون الحشد الشعبي سندا في محاربة الإرهاب أظهرته استعراضاته المعادية للدولة والمناهضة لسلطة القانون تنظيما إرهابيا يعمل على حماية القتلة وتدمير السلم الأهلي والعمل على إضعاف الدولة وابتزاز المجتمع وإخضاع الاثنين معا.

لقد فضح الكاظمي بصمت وهدوء كذبة انتساب الحشد الشعبي إلى القوات المسلحة وخضوعه لأوامر القائد العام للقوات المسلحة. فكما صار معلنا فإن الحشد هو في حقيقته قوة احتلال إيراني وأن قاآني، وهو وريث سليماني في منصبه، هو الذي يصدر الأوامر إلى الحشد وليس رئيس الوزراء العراقي.

أما بعد محاولة الاغتيال الفاشلة فإن الحشد أعلن أن حربه على الدولة العراقية والمجتمع العراقي ستأخذ منحى جديدا يقوم على القتل من غير قناع. ولم يعد الناشطون المحتجون هدفه وحدهم بل سيكون الهدف كل مَن يمكن الوصول إليه من السياسيين ممَن يرغبون في تحرير العراق ولو جزئيا من التبعية الإيرانية.

يعتبر الحشديون أن الكاظمي هو المسؤول عن هزيمتهم في الانتخابات الأخيرة. وقد يكون هذا الرأي صحيحا. فمن خلال معاركه الفاشلة معهم استطاع أن يجرهم إلى موقع الاعتراف بأنهم لا يمتون إلى المشروع الوطني العراقي بصلة وأنهم يكرهون الدولة ويعملون على إسقاطها تنفيذا لمرجعيتهم السياسية في طهران.

ولهذا كان رأس الكاظمي هو المطلوب في خطاب أحد زعماء الفصائل وهو قيس الخزعلي الذي يمكن لرئيس الوزراء أن يقيم عليه دعوى قضائية بتهمة التحريض على قتله. لقد هدد الخزعلي بالاقتصاص من الكاظمي ومن ثم انطلقت الطائرات المسيرة في اتجاه بيت رئيس الوزراء الذي كان يعرف أن القطيعة بينه وبين الميليشيات وصلت إلى موسم الجحيم الذي ينذر بكل أنواع الشرور.

وإذ تفكر إيران من خلال قاآني بأن رأب الصدع ممكن من خلال استرضاء الحشد الشعبي بسلطة توافقية تقوم على أساس إلغاء جزئي لنتائج الانتخابات ومنحه فرصة خسرها، فإن الكاظمي وجد في محاولة الاغتيال الفاشلة مناسبة للاحتكام إلى القانون الذي لا يحظى بأي نوع من الاحترام من قبل للحشد. وفي ذلك يصر الكاظمي على أن يكون رجل دولة.

محاولة الاغتيال الفاشلة وضعت الكاظمي على سلم لم يكن الصحافي السابق يحلم به. ولكن ذلك الرجل هو أكثر خطورة مما توقعه الكثيرون على المشروع الإيراني

كانت محاولة انقلاب فاشلة. وصفة فاشلة لانقلاب قد يؤدي إلى صدام بين إيران والولايات المتحدة. ألا تشعر إيران بالحرج في مواجهة افتضاح حقيقة أنها تنوي الإطاحة بالدولة العراقية الرثة؟ أليس من السخف أن تخشى دولة الملالي قيام دولة في العراق الذي لا يزال شعبه يئن تحت سطوة العمائم؟

الكاظمي هو رئيس سلطة مؤقتة. ولكنه قد يكون رئيسا للحكومة في الأربع سنوات القادمة. ذلك لأنه المرشح الوحيد الذي تقبل به الكتل السياسية الفائزة في مواجهة الكتل السياسية الخاسرة التي تعاديه والتي لا تملك ما يؤهلها لاستبداله بالطرق السلمية.

ربما تكون محاولة الاغتيال الفاشلة قد وضعت الكاظمي في الموقع الذي يجعل منه رهانا مستقبليا لعراق نظيف من الميليشيات. يومها سيكون الرجل بطلا من نوع غير متوقع.

العرب