توالت ردود الفعل المحلية والدولية بعدما أدى قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان اليمين رئيسا لمجلس سيادة جديد مساء أمس الخميس، ورأت بعثة الأمم المتحدة أن هذه الخطوة تصعب عودة النظام الدستوري.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -في تغريدة على تويتر- إن الأحداث الجارية في السودان “مصدر قلق بالغ”، ودعا إلى الإفراج الفوري عن “كل من يمثل روح وتطلعات الثورة السودانية التي لا ينبغي خذلانها”.
وكذلك عبرت مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة باربرا ودوورد عن القلق البالغ إزاء “التقارير التي تتحدث عن مزيد من الإجراءات الأحادية الجانب من قبل الجيش، التي تتعارض مع روح ونص الإعلان الدستوري”.
وأضافت أن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كان “صريحا للغاية في تقييمه أن النافذة الآن تغلق أمام الحوار والحل السلمي”.
من جهتها، قالت بعثة الأمم المتحدة إن الممثل الخاص للأمين العام في السودان فولكر بيريتس أعرب عن قلقه بشأن تعيين مجلس سيادة جديد.
ورأى المسؤول الأممي أن التعيين “الأحادي” لمجلس السيادة يزيد من صعوبة العودة إلى النظام الدستوري، ودعا الجيش السوداني إلى اتخاذ إجراءات للحد من التصعيد وبناء الثقة، وفق تعبيره.
وقد أدى الفريق أول عبد الفتاح البرهان -مساء الخميس- اليمين الدستورية رئيسا لمجلس السيادة الجديد، وذلك بعد ساعات من إصداره مرسوما بتشكيله.
وبث الإعلام الرسمي صورا للبرهان وهو يؤدي اليمين أمام رئيس القضاء مولانا عبد العزيز فتح الرحمن عابدين.
تشكيلة المجلس الجديد
وبحسب المرسوم الذي أصدره البرهان، يضم مجلس السيادة 5 أعضاء من المكون العسكري و3 أعضاء من الجبهة الثورية و5 أعضاء يمثلون الأقاليم.
واحتفظ قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بموقعه نائبا لرئيس المجلس، كما احتفظ بقية الأعضاء العسكريين في المجلس السابق بعضويتهم فيه.
تشغيل الفيديو
وضمت التشكيلة الجديدة 9 أعضاء كانوا في المجلس السابق، و4 أعضاء جدد حلوا محل أعضاء المجلس السابق المنتمين إلى قوى الحرية والتغيير.
وتم تأجيل تسمية ممثل شرق السودان في المجلس السيادي إلى حين إجراء “مزيد من المشاورات”، وفقا للتلفزيون السوداني.
ومن أبرز الأعضاء الجدد: أبو القاسم برطم الذي كان نائبا في البرلمان في عهد الرئيس المعزول عمر البشير، وهو رجل أعمال يدير شركات تعمل في الزراعة والنقل.
وانضمت إلى المجلس لأول مرة كذلك سلمى المبارك التي لا تاريخ سياسيا لها، وهي متحدرة من أسرة صوفية عريقة، وهي ثاني امرأة في المجلس السيادي إلى جانب رجا نيقولا ممثلة الأقلية القبطية المسيحية التي احتفظت بعضويتها.
ومع تشكيل المجلس الجديد، أصدر البرهان قرارا بإنهاء تجميد المواد التي كانت معلقة من الوثيقة الدستورية، وتعهد باحترام هذه الوثيقة.
من جهتها، أعربت قوى الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني عن دعمها لخطوات البرهان، وقال القيادي فيها السنوسي محمد -في حديث للجزيرة- إن قرار اليوم “خطوة مهمة في إطار التصحيح”.
في المقابل، قال تجمع المهنيين السودانيين -في بيان- “نؤكد أن قرارات البرهان والمجلس الانقلابي تخصهم وحدهم، فلا شرعية لها ولن تجد من جماهير شعبنا إلا الازدراء والمقاومة الضارية حتى الإسقاط الكامل والزج بهم في مزبلة التاريخ حيث ينتمون”.
وفي حديث للجزيرة، قال وليد علي المتحدث باسم التجمع إن إجراءات البرهان غير دستورية، وإن التجمع سيواصل التصعيد.
وأضاف أنهم سيقفون سدا منيعا أمام كل الإجراءات الانقلابية، وأن الشارع السوداني سيواصل مقاومة كل هذه الإجراءات، بحسب تعبيره.
في السياق نفسه، قال حمزة بلول وزير الإعلام في الحكومة المعزولة والمتحدث باسمها إن قرار تشكيل مجلس السيادة الجديد يمثل “امتدادا للإجراءات الانقلابية”، مضيفا أن الشعب قادر على دحر الانقلاب واستكمال مسيرة الانتقال الديمقراطي.
ورأى بلول أن هذا القرار يؤكد على صحة موقف قوى الحرية والتغيير “الرافض للحوار مع الانقلابيين”، وتابع “هذه خطوة هروب إلى الأمام، وقراءة مثابرة من كتاب المخلوع عمر البشير الذي ظل 30 عاما يزدري صوت الشعب وينكل بالمناضلين والثوار”.
وخرجت مظاهرات ليلية في عدة أحياء بالعاصمة الخرطوم في أول رد فعل على إعلان تشكيل مجلس السيادة، حيث حمل المحتجون الأعلام الوطنية، ورددوا شعارات تندد بقرار البرهان، كما أغلقوا بعض الشوارع بالحواجز الإسمنتية وإطارات السيارات المشتعلة.
وقبيل إعلان المرسوم، شهدت الخرطوم وقفات احتجاجية رفضا لاستيلاء الجيش على السلطة، وتمهيدا للمشاركة في مظاهرات حاشدة السبت المقبل دعا إليها تجمع المهنيين السودانيين.
ومنذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعاني السودان من أزمة جراء إعلان البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات بوصفها “انقلابا عسكريا”.
المصدر : الجزيرة + وكالات