الميليـ ش يات تشترط على الصدر انتخابات مبكرة لتمرير تشكيل الحكومة

الميليـ ش يات تشترط على الصدر انتخابات مبكرة لتمرير تشكيل الحكومة

بغداد- يحاول قادة الإطار التنسيقي الشيعي الالتفاف على نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية وتقليص نفوذ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي ينفرد بصدارة الكتل بثلاثة وسبعين مقعدا.

ويخطط الإطار التنسيقي الشيعي الذي يضم إضافة إلى ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، للحد من نفوذ الصدر عبر حكومة عمرها سنتان فقط وحرمان التيار الصدري من منصب نائب رئيس البرلمان، الذي شغله في الدورة السابقة النائب عن التيار حسن الكعبي.

وقال مصدر سياسي عراقي مطلع إن أهم مطالب الإطار التنسيقي كانت تعهد التيار الصدري بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة خلال سنتين، بالتزامن مع انتخابات مجالس المحافظات التي من المقرر إجراؤها عام 2023.

رشا العزاوي: لا مؤشرات على اتفاق قريب بين الفرقاء الشيعة لتشكيل الحكومة العراقية

وكشف المصدر في تصريح لمراسل “العرب” في بغداد أن الإطار التنسيقي طالب التيار الصدري بالتنازل عن منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي لشعور قادة الإطار أن الصدر سيكون صاحب نفوذ تنفيذي وتشريعي متعاظم يمكّنه من إقصائهم تماما في الانتخابات القادمة.

وأكد المصدر أن التيار الصدري تلقى رسائل الإطار التنسيقي من دون أن يرد عليها، معتبرا شرْطيْ الانتخابات المبكرة والتنازل عن حصة نائب رئيس البرلمان، أقرب للأمنيات منها إلى مطالب سياسية وفق الاستحقاقات الانتخابية.

وأشار المصدر إلى أن الصدر يخطط لاستثمار هذا الفوز التاريخي الذي قد لا يتكرر بهذا المستوى مستقبلا، ويصر على أن يكون رئيس الحكومة صدريا ويريد القضاء على الأجنحة المسلحة خارج نطاق الدولة.

واستبعدت المعلّقة السياسية العراقية رشا العزاوي إعلان اتفاق قريب بين الفرقاء الشيعة على اختيار رئيس الوزراء وتوزيع الحقاب الحكومية.

وقالت العزاوي في تصريح لـ “العرب” إنه لا يبدو أيّ من الطرفين سواء التيار الصدري أو الإطار التنسيقي الشيعي، مهتما بإعلان اتفاق قريب لتشكيل الحكومة.

غير أن الناطق باسم تجمع قوى المعارضة العراقية باسم الشيخ يرى أن الفرقاء المشاركين في تقاسم السلطة ومغانمها لا يمكن لهم التخلي عن التوافقية لأنها تعد الكفيل الضامن لحماية مصالحهم واستمرار تدفق المنافع والمكاسب.

وعزا الشيخ في تصريح لـ “العرب” أزمة تشكيل الحكومة إلى صراع أصبح علنيا على حجم مراكز النفوذ التي توفر للقوى التقليدية وضعاً للتغول على الدولة بما يضمن حصصاً واستحقاقات أكبر.

ولم يستبعد أن تنتهي هذه الأزمة بصفقة تسوية توزّع فيها الحصص على طريقة لا غالب ولا مغلوب، لأن ترجيح كفة طرف على آخر سيخلّ بموازين القوى ويحيل الصراع إلى مراحل متقدمة قد تصل إلى الصدام المسلح.

وتسعى قوى الإطار التنسيقي بالضغط عبر تظاهر جمهورها في المنطقة الخضراء أو بالاعتراض على نتائج الانتخابات، لرفع سقف الحصول على وزارات يفوق حجمها الانتخابي في محاولة للتواجد داخل الكابينة الحكومية وتعويض ما فقدوه داخل البرلمان.

◄ الإطار التنسيقي الشيعي يخطط للحد من نفوذ الصدر عبر حكومة عمرها سنتان فقط وحرمان التيار الصدري من منصب نائب رئيس البرلمان

وقالت مصادر مطلعة إن الرسائل التي تسلمها مختلف قادة الميليشيات من إيران مؤخرا تدعو إلى القبول بنتائج الانتخابات والتوافق مع الصدر على شكل المشاركة في الحكومة الجديدة، مؤكدة أن إيران حذّرت زعماء الميليشيات الشيعية صراحة من الانزلاق إلى مواجهة مسلحة مع الصدر أو الحكومة.

ولا يريد زعماء الميليشيات الشيعية الموالية لإيران الاعتراف بنتائج الانتخابات لأنها تضعهم في حجم سياسي حرج لا يوفر الغطاء الكافي لأنشطتهم المشبوهة.

وسوّغ الإطار التنسيقي مطالبته بالانتخابات المبكرة بأنها استجابة لمطالب المتظاهرين الرافضين لنتائج الانتخابات.

ودفعت الميليشيات الشيعية بعناصر الحشد الشعبي بملابس مدنية للتظاهر في محيط المنطقة الخضراء.

وتعرض زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي إلى اتهامات صريحة من جمهور شيعي بأنه استخدم مقاتلي الحشد الشعبي بزي مدني لتنظيم تظاهرات رافضة لنتائج الانتخابات على أبواب المنطقة الخضراء.

وفي الوقت الذي يدفع فيه قادة الميليشيات للخروج من هزيمتهم الانتخابية باتجاه تحريض جمهورهم بشأن رفض نتائج الانتخابات عبر التظاهرات، يعملون على مستوى آخر من أجل اتفاق سياسي مع التيار الصدري يحفظ ماء الوجه.

وقال رئيس تحالف الفتح هادي العامري الأحد إن التحالف تقدم بأدلة إلى المحكمة الاتحادية “تكفي لإلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية”.

ووفق نتائج أولية تصدرت الكتلة الصدرية، التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، النتائج الأولية بـ73 مقعدا، فيما حصلت كتلة “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي على 38 مقعدا.

باسم الشيخ: الخلاف بين القوى الشيعية سينتهي بلا غالب ولا مغلوب

وفي المرتبة الثالثة حلت كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إثر حصولها على 34 مقعدا.

بينما يعد تحالف “الفتح”، وهو مظلة سياسية للفصائل المسلحة، أبرز الخاسرين في الانتخابات بحصوله على 16 مقعدا فقط، بعد أن حل ثانيا بـ48 مقعدا في انتخابات 2018.

وتتصاعد التكهنات بشأن مستقبل الإقرار النهائي لنتائج الانتخابات والشروع في عقد جلسات البرلمان العراقي ومن ثم الاتفاق على المناصب الرئاسية.

وقالت رشا العزاوي “يشير خطاب الصدر إلى شروط واضحة منها تسليم سلاح ميليشيات ومحاكمة أسماء كبيرة يتهمها بالفساد في كتل الخاسرين”.

وأضافت “لم تختلف مطالب الصدر ولم تتغير رغم عروض إظهار العضلات التي مارستها القوى الشيعية الخاسرة طوال الأربعين يوما الماضية، غير أنه تحاشى الرد على سؤال حول تمسكه بـ’رئيس الوزراء الصدري القح’ وقد تكون تلك دلالة على نيته التفاوض على رئيس وزراء توافقي وليس ‘صدريا حصرا’، ما قد يرجح أيضا استبعاد مصطفى الكاظمي عن ولاية ثانية”.

واعتبرت العزاوي أن دلالات الخطاب الأخير للصدر تجعل شروط الإطار التنسيقي تُقرأ على أنها تصعيد سياسي يعقّد المشهد الانتخابي وليس مخرجا لحل الأزمة.

غير أن هذه الشروط وإن تحققت فهي تصبّ في مصلحة التيار الصدري صاحب الأغلبية البرلمانية التي ستمنع تمرير أيّ قانون انتخابي يضرّ بحظوظها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة مبكرة كانت أم متأخرة، وتشكل اعترافا من الإطار التنسيقي بفشله في فهم قانون الدوائر المتعددة ما تسبب بخسارته في الانتخابات الحالية.

إلا أن باسم الشيخ يرى أن الصدر الذي سيستخدم كل أوراقه للضغط من أجل تحقيق مشروعه في التفرد بقيادة العراق للمرحلة المقبلة، سيجد نفسه في الختام مضطرّا إلى النزول عن السقوف العالية والتعامل مع الآخرين بحسب شروط اللعبة القائمة لإدراك الجميع أن تغيير النهج لإعادة رسم خارطة جديدة لشكل النظام إنما هو لعب بالنار وخطوة باتجاه إزاحة أغلب هذه القوى ومنها التيار الصدري الذي لن يصمد طويلاً في تجربته برئاسة الحكومة التي ستورثه الندم.

العرب