الولايات المتحدة متهمة بمحاولة تدمير الزراعة في سوريا

الولايات المتحدة متهمة بمحاولة تدمير الزراعة في سوريا

دمشق – اتهم مسؤولون زراعيون في سوريا الولايات المتحدة بمحاولة تدمير الزراعة في البلاد وذلك بعد ثبوت احتواء بذور القمح التي قدمتها واشنطن إلى دمشق على الديدان الخيطية.

وجاءت هذه الاتهامات بعد صدور نتائج تحاليل مخبرية من وزارة الزراعة السورية تؤكد عدم صلاحية بذور قمح قدمتها القوات الأميركية عبر ما يسمى بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية للمزارعين في العديد من المناطق في شمال شرق سوريا وتحديدا في ريف الحسكة.

وأظهرت نتائج التحاليل أن البذور لم تكن صالحة للزراعة بسبب ارتفاع نسبة الديدان الخيطية التي وصلت إلى 40 في المئة وهي تشكل خطرا على الزراعة في المنطقة حيث ستكون آثارها ضارة ويمكن أن تتفاقم مع مرور الوقت.

لكنّ الولايات المتحدة نفت التهم الموجهة إليها بشكل غير مباشر، حيث أوضحت سفارة واشنطن في دمشق أن البذور خضعت قبل وصولها من العراق إلى المزارعين في شمال شرق سوريا إلى العديد من الاختبارات للتحقق من جودتها. وأضافت أن الاختبارات عملت على فحص البذور للتأكد من نقاوتها وخلوّها من العدوى والآفات والتأكد من معالجتها بمبيدات الفطريات.

جمال عبدالله: واشنطن قدمت للحسكة بذورا للإضرار بجودة التربة

وتتهم الولايات المتحدة منذ دخولها سوريا في العام 2014 بانتهاكات بحق السكان المحليين جراء الضربات الجوية التي تقوم بها من حين إلى أخر ضدّ التنظيمات الجهادية هناك، ومن بينها تنظيما القاعدة وداعش، كما يتهمها النظام السوري بالسيطرة على حقول الغاز والنفط، وفرضها عقوبات اقتصادية خانقة أثرت على مستوى معيشة السوريين.

واعتبر خبراء سوريون أن توزيع بذور القمح غير الصالحة في شمال شرق سوريا أحدث مظاهر سوء سلوك الولايات المتحدة في سوريا.

وكانت السفارة الأميركية في دمشق أعلنت منتصف نوفمبر الماضي عن إرسال واشنطن ما يقرب من ثلاثة آلاف طن من بذور القمح “عالية الجودة” للمزارعين في شمال شرق سوريا مع بدء موسم زراعة القمح.

وقالت السفارة في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك إن البذور موجهة لدعم المئات من المزارعين لإنتاج ما يقرب من 32 ألف طن من القمح العام المقبل، مما يضمن حصول السوريين على الدقيق والخبز ومنتجات القمح الأخرى لإطعام أسرهم ومنع المزيد من الأزمات الاقتصادية.

لكنّ مسؤولين زراعيين في سوريا قالوا إن بذور القمح الأميركية تحتوي في الواقع على عدوى بالديدان الخيطية التي من شأنها أن تلحق الضرر بالتربة لاحقًا لأنها تتفاقم مع مرور الوقت.

وأوضح جمال عبدالله رئيس لجنة الامتحانات في كلية الزراعة بالحسكة أنه “أثناء الفحص البصري للعينة ظهر أن هناك حبات مكسورة ووجود بعض الكرات السوداء الغريبة، ولكن في الفحص الذي تم في المختبر باستخدام محلول ملحي بتركيز 20 في المئة مع الماء الدافئ، لاحظنا وجود عدد من الحبوب المصابة بعدوى مرض الديدان الخيطية”.

وأشار إلى أنه لتأكيد النتائج “وضعنا العينة تحت المجهر، وبكسر الحبوب ومراقبتها، لاحظنا وجود يرقة يبلغ طولها حوالي 2 مم”.

من جانبه، قال سعيد جاجي مدير زراعة الحسكة إن نتائج اختبارات البذور كانت “كارثية”، مؤكدا أنه تم العثور على كميات كبيرة من بذور النيماتودا، وحذر من حدوث وباء إذا زرعت البذور.

وأشار المسؤول السوري، في غضون ذلك، إلى أن مثل هذه الخطوة من قبل الولايات المتحدة لإعطاء البذور الملوثة هي استمرار لسياسة العقوبات المفروضة على سوريا، وآخرها قانون قيصر، وهو تشريع أميركي يعاقب نظام الرئيس بشار الأسد وكل الداعمين له على جرائم الحرب.

وتابع أن “المهندسين بدأوا بفحص العيّنة وكانت النتيجة كارثية، فالعينة التي تم فحصها هي واحد كلغ وتحتوي على ثلاثين إلى أربع وثلاثين بذرة تحتوي على نيماتودا.. يريدون زرع هذا الوباء في الأرض”.

والعام الماضي واجهت سوريا تدنيا في مستوى الأمطار، خاصة في محافظة الحسكة الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية والتي كانت تعد قبل 2011 بمثابة صوامع قمح سوريا.

وتقدّر منظمات إنسانية دولية تراجع إنتاج المحاصيل بأكثر من 95 في المئة مقارنة مع العام الماضي في أجزاء كبيرة من المنطقة.

وقبل اندلاع النزاع العام 2011، كانت سوريا تُحقق اكتفاءها الذاتي من القمح مع إنتاج يتجاوز أربعة ملايين طن سنويا. وكانت قادرة على تصدير 1.5 مليون طن سنويا.

لكن مع توسّع رقعة المعارك وتعدّد الأطراف المتنازعة، انهار الإنتاج إلى مستويات قياسية، وباتت الحكومة مجبرة على الاستيراد خصوصا من حليفتها روسيا، في حين يلجأ المزارعون بشكل فردي أحيانا إلى الحبوب المقدمة كمساعدات علها تنقذهم من أزمة جوع تلوح في الأفق.

وهذه المرة، سرعان ما انتشرت الأخبار في شمال شرق سوريا حول البذور الأميركية المصابة، وأحدثت مخاوف لدى المزارعين من تدمير أراضيهم التي يقاومون الحرب ووباء كورونا العالمي وتداعياته من أجل ضمان ديمومتها.

وقال المزارع علي المحمد من محافظة الحسكة إن الحشرات الموجودة داخل البذور ستدمر الأرض لمدة ست سنوات، متهما الولايات المتحدة بأنها تجلب الدمار أينما حلت.

وأضاف “لم نأخذ البذرة لأن فيها حشرة ويقولون إنها تدمر الأرض لمدة ست سنوات، أي أن الأرض ستموت”، مضيفا “إنه نوع من الاحتلال الأميركي، اسم الاحتلال يكفي لا ينبغي لأحد أن يتعامل معهم بأي شكل من الأشكال”.

من جانبه، قال عبود المحمد وهو مزارع أيضا إن المزارعين في الحسكة لا يمكنهم الثقة بالبذور التي تقدمها القوات الأميركية هناك، مؤكدا أن المزارعين يريدون بذورا سورية.

وأضاف “عرضت علينا البذرة الأميركية لكننا لم نقبلها، الاحتلال الأميركي دمر كل الناس وأحرق المحاصيل وسرقها.. نحن لا نثق بالبذرة الأميركية، نريد بذرة سورية”.

وبدوره قال محمود الحسن وهو أيضًا مزارع في الحسكة إن الولايات المتحدة دمرت الحياة في سوريا، مضيفا أن حياة الناس كان يمكن أن تكون أفضل بكثير لولا الوجود الأميركي في سوريا.

وقال إنه ” لولا الوجود الأميركي كنا عشنا بشكل أفضل.. الولايات المتحدة دخلت لتدميرنا، لا وقود ولا خدمات ولا طرق ولا خبز”.

وحذر المزارعون في ريف القامشلي والحسكة من التعامل مع هذه البذور مطالبين بإتلافها وعدم غرسها، باعتبار أن أضرارها ستستمر لسنوات وستؤدي إلى ظهور آفات زراعية تهدد أيّ استثمار في الأراضي وبالتالي فهي تهديد لأمن سوريا الغذائي.

العرب