ساوباولو- على مائدة كل مسلم في مختلف أنحاء العالم، غالبا ما تجد منتجا برازيليا يحمل شهادة “حلال” ولا سيما إن كانت المائدة تحتوي على البروتين، فالبرازيل تعتبر الدولة الأولى عالميا في تصدير “البروتين الحيواني الحلال” على مستوى العالم، كاللحوم والدجاج، وهي في الوقت ذاته، الدولة الثانية على مستوى العالم في تصدير “المنتجات الحلال” إلى كافة أنحاء الكرة الأرضية.
وكل هذه المنتجات تشكل سوقا ضخما، تقدر بنحو 3 تريليونات دولار أميركي، ويستهلكها قرابة الملياري شخص على مستوى العالم.
ويحتوي هذا السوق على شركات عربية متخصصة ومعتمدة من قبل الدول العربية والإسلامية للتصديق على شهادات الحلال، ومئات الشركات البرازيلية التي تخصص مصانع وخطوط إنتاج تشرف عليها تلك المؤسسات، وتتبع سلسلة من الضوابط الإسلامية للوصول أخيرا لمرحلة التصديق على صحة المنتج ومنحه شهادة الحلال، ثم تصديره إلى الخارج أو استخدامه داخليا.
المنتدى الأول من نوعه
ولأهمية هذا السوق على مستوى البرازيل والعالم، عقدت في البرازيل فعاليات المنتدى البرازيلي العالمي الأول للحلال، بين 6 – 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، برعاية برازيلية رسمية مثلتها وزيرة الزراعة البرازيلية تيريزا كريستينا، والوكالة البرازيلية لترويج الصادرات والاستثمار (أبيكس- برازيل).
كما حظي بمشاركة خاصة من الرئيس البرازيلي الأسبق ميشال تامر، إلى جانب حشد من وزراء الزراعة والمشاريع والسفراء العرب في البرازيل، ورؤساء غرف تجارية ورجال أعمال على مستوى العالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى عدد من الشركات البرازيلية الكبرى المعنية بالمنتجات الحلال، وبحضور حوالي 3 آلاف شخص توزعوا بين الحضور الشخصي في فندق ريسنسن في ساوباولو وعبر الإنترنت.
المنتدى الذي يعتبر الأول من نوعه، نظمته غرفة التجارة العربية البرازيلية، واتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل “فامبراس”، ويهدف إلى وضع خارطة طريق جديدة لقطاع الحلال في البرازيل.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر محمد الزغبي رئيس مؤسسة فامبراس، والتي تعتبر من كبرى المؤسسات البرازيلية المعنية بشهادات الحلال أن المنتدى فرصة لإظهار طريقة عمل قطاع الحلال وتطوير آلياته على مستوى البرازيل في العالم، مؤكدا على سعي المؤتمر إلى التوصل لنظام موحد للحلال عبر تكاتف الجهود للوصول بهذا القطاع إلى مستويات متقدمة.
واعتبر الزغبي أنه من الواجب تعريف المجتمعات في البرازيل وخارجها بأهمية سوق الحلال والإنتاج الحلال بالنسبة للتصدير والسوق الداخلي في آن معا ومدى استفادة الإنسان في أي مكان من هذا العمل النبيل الذي يطلق عليه “الحلال”.
وعلى مدى 3 أيام ناقش المجتمعون آليات التعاون والتنسيق ومجالات التطوير في سوق الحلال، سواء في المجالات المعروفة كاللحوم الحمراء والبيضاء، أو المنتجات الأخرى التي تدخل في إطار سوق الحلال، والتي قد تصل إلى ما أطلق عليه المنتدى اسم “الأزياء الحلال” والذي خصصت له جلسات نقاش خاصة بمشاركة مختصين في هذه المجالات.
واقع سوق الحلال في البرازيل
يؤكد تامر منصور الأمين العام لغرفة التجارة العربية البرازيلية المعنية برعاية التجارة العربية بمختلف مجالاتها بين البرازيل والعالم العربي والإسلامي، في حديث للجزيرة نت، ضرورة الاهتمام بسوق الحلال وتطويره، معتبرا أن “التطلعات إلى مستقبل سوق الحلال في البرازيل والعالم يحتّم علينا العمل على الارتقاء بمستوى الشركات العاملة في هذا المجال، خصوصا في ظل تحديد هدف أن تصبح البرازيل رائدة في مجال الحلال، ليس على مستوى الغذاء فقط، إنما في مختلف المجالات”.
وأضاف أن الفرصة متاحة لفتح آفاق واسعة لتجارة الحلال في مجالات كمستحضرات التجميل المصنوعة من مواد “حلال” بالإضافة إلى مجالات كالأدوية، والخدمات، والسياحة الحلال، فضلا عن إمكانية التأسيس لنظام مالي إسلامي ناجح انطلاقا من البرازيل، لما تتيحه البلاد من إمكانيات في هذا المجال.
وحول الآلية التي تتبعها الشركات المختصة لضمان ضبط سلامة السلع الحلال في البرازيل، يقول منصور للجزيرة نت، إن “الشركات تعمل بشكل دائم على تنفيذ سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى ضمان أن تكون كافة السلع مطابقة لمواصفات الحلال، عبر الرقابة على جميع مراحل التنفيذ من خلال مراقبين معتمدين ومدربين ومحترفين بأعلى المستويات، والتحقق من الالتزام من قبل الشركات العاملة منذ ما قبل مراحل الإنتاج وأثنائه ووصولا إلى التوصيل والتصدير حتى يصل المنتج إلى يد المستهلك في أي مكان في العالم”
ويضيف أن “الشركات تحرص على ألا تمنح شهادة الحلال لأي منتج إلا إذا تطابقت إجراءاته بناء على تقارير المراقبين مع مواصفات المنتج الحلال، الأمر الذي يؤدي إلى دوام الثقة في المنتج المصدر من البرازيل”.
تامر منصور – الأمين العام لغرفة التجارة العربية البرازيليةتامر منصور الأمين العام لغرفة التجارة العربية البرازيلية أكد ضرورة الاهتمام الكبير بسوق الحلال وتطويره (الجزيرة)
فرصة جديدة
وحول المأمول من المنتدى الأول للحلال في البرازيل، قال منصور إن المأمول هو تعريف المستوردين على طريقة عمل شركات الحلال في البرازيل، والتأكيد على المستوى العالي من الثقة الذي تحققه، بهدف فتح المجال أمام تحقيق شراكات جديدة على مستوى العالم، سواء مع شركات ورجال أعمال ومستوردين، أو مؤسسات توثيق لتوسيع العمل في هذا السوق.
ولفت إلى أن المؤتمر فرصة أيضا، للتشجيع على خلق بيئة مناسبة لرجال الأعمال المسلمين كما السياح المهتمين بالسياحة الحلال للقدوم إلى البرازيل، وتأمين كافة احتياجاتهم في المطاعم والفنادق ومجالات الترفيه بما يتطابق مع المعايير الإسلامية، ودعوة المؤسسات البرازيلية للاهتمام بهذا الجانب، من خلال التأكيد على حجم الفائدة التي ستعود عليهم عبر تأمين هذه المتطلبات.
أما عن دور الحكومة البرازيلية في تسهيل عمل شركات الحلال، فأكد منصور، أن الحكومة البرازيلية -ومن خلال وزارة الزراعة- قامت على مدار السنوات الماضية بتسهيل إنشاء أقسام الحلال في المنشآت البرازيلية وتمكين المؤسسات المختصة في الرقابة على الحلال من تطبيق إجراءات عملية الحلال على أعلى مستوى.
وتمنى الأمين العام لغرفة التجارة العربية البرازيلية عدم حصر هذه التسهيلات بوزارة الزراعة فقط، وإنما تعميق الشراكة مع جميع الوزارات والحكومة الفدرالية والولايات، لتوسيع مجالات الحلال، وتسهيل مفهومه للشركات التي تريد تصدير منتجات حلال متنوعة من البرازيل إلى العالم.
وأكد في الوقت نفسه، وجود فرصة حقيقية من خلال مثل هذه المنتديات للبدء جديا في مشروع إعداد كوادر في الشركات البرازيلية تحمل مفهوم السوق الحلال، وتعمل على تخصيص منتجات مطابقة للمواصفات لتوسيع مجالات تصدير هذه المنتجات إلى العالم العربي والإسلامي بشكل خاص، وكافة أنحاء العالم بشكل عام.
المصدر : الجزيرة