جاكرتا- بعد 5 أيام من ثوران بركان سيميرو شرقي جزيرة جاوة الإندونيسية، ارتفعت حصيلة الضحايا حسب الإحصاءات الجديدة إلى 43 قتيلا و104 مصابين، 32 منهم إصاباتهم شديدة، كما تضررت 31 منشأة عامة، وامتدّ أثر البركان إلى الثروة الحيوانية أيضا، فنفقت 764 من الأبقار و645 من الأغنام و1.578 من الطيور.
ويقول الدكتور عبد المهاري بن مسناني، مدير قسم البيانات والإعلام والتواصل في الهيئة الوطنية لمعالجة آثار الكوارث، إن الهيئة مستمرة في عمليات الإنقاذ والبحث عن مفقودين دفنهم الرماد البركاني، كما تنشئ مراكز اللجوء لاستقبال النازحين وتوفير احتياجاتهم الأساسية للنازحين، في حين تقوم فرق أخرى بالتنظيف وإزالة الركام.
ويضيف مسناني -في حديثه للجزيرة نت- أن المساعدات اللوجستية للنازحين كافية، والتوزيع متوازن في كل مراكز النزوح، رغم أن هناك بعض النقص بسبب تزايد أعداد المتضررين الجدد، فقد بلغ عدد النازحين حتى مساء الخميس 6543 نازحا، توزعوا على 121 مركزا في اليوم الخامس من ثوران البركان.
أما أكبر المناطق المتضررة فهي بلدية برونجيو وتشادي بورا اللتان تتبعهما قرى عدة، بسبب سحب الرماد الساخن من البركان، وهو ما جعل مجموعة قرى لا تصلح للسكن بعد أن غمرها الرماد البركاني.
هذا الوضع دعا الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو لإعلان خطة لإعادة بناء البيوت المتضررة، بعيدا في مناطق آمنة بعيدة عن سقوط الرماد البركاني، بالتنسيق مع الحكومة المحلية لمحافظة لوماجانغ.
وأحصت الحكومة المحلية عدد البيوت المتضررة حتى اليوم بـ2970 بيتا، منها بيوت تضررت بسبب الرماد الساخن، وهي أخف ضررا، وأخرى تضررت ضررا مباشرا بسبب تساقط الصخور والحمم البركانية عليها.
وحسب الحكومة المحلية، فإن التعامل مع الكارثة ما زال في مرحلة “الاستجابة الضرورية”، وتتمثل في البحث عن الضحايا المفقودين أو تأمين أماكن نزوح للأحياء، ومعالجة أزمة النزوح، وإحصاء البيوت والمنشأت المتضررة وغيرها، وذلك حتى الثالث من يناير/كانون الثاني المقبل، ثم تبدأ مرحلة ثانية تتمثل في توزيع السكن المؤقت للنازحين وبداية إعادة ما تضرر.
شاهدة عيان للكارثة
الجزيرة نت زارت أحد مراكز النزوح في مدرسة قرية تشورا كوبوكان، والتقت حليمة بنت عتيمي (40 سنة) التي أوت إلى المركز مع زوجها وأبنائها الثلاثة.
تقول حليمة للجزيرة نت “عندما انفجر بركان سيميرو في الساعة الثانية ونصف ظهرا يوم السبت الماضي، حدث سيلان للحمم الباردة قبل 5 دقائق من الانفجار، ثم شاهدنا السحب فوق الجبل (سيميرو) وحجبت عنا رؤية الجبل، وفجأة انفجر البركان وتعالت الحمم، وعمّ الظلام في كل مكان، كأننا في عتمة الليل، بسبب حجب السحب البركانية والرماد ضوء الشمس”.
وتضيف حليمة “عندما نفث البركان حممه، حاول بعض الناس الاحتماء بمنازلهم من الاحتراق بلهيب السحب البركانية، إلا أن البعض لم يسعفه الوقت للوصول إلى البيوت فأحرق الهواء اللاهب أجسادهم، كما وقع لأخي الكبير الذي توفي لهذا السبب، وأصيب ابنه الذي ما زال يتلقى العلاج في المستشفى. وكل من كان عند نفث الحمم البركانية خارج بيته لم يسلم من الحرق، فإما الوفاة وإما الإصابة بالحرق”.
وقالت “عند تدفقت الحمم البركانية كنت في بيتي، وبقينا ننتظر انتهاء نفث الحمم، ثم خرجنا بحثا عن مكان آمن لي ولعائلتي”.
وتؤكد أن “هناك 350 بيتا في قريتي تشورا كبوكان تضررت بسبب سقوط الحمم البركانية، ونزح كل أهالي القرية إلى قرى مجاورة، وتوفي من قريتي 20 شخصا تقريبا، منهم أخي الكبير، وأصيب 7 من سكان القرية منهم ابن أخي وجيراني”.
وتواصل حليمة حديثها للجزيرة نت فتقول “لا يمكننا أن نعود الآن إلى بيتي، وأتمنى أن توفر الحكومة لي ولأهالي القرية بيوتا جديدة في مناطق آمنة من ثوران البركان، فالقرية أصبحت مغمورة بالحطام البركاني، والأراضي الزراعية أصبحت مجرى للحمم البركانية”.
جهود إغاثية تواجه عقبات
من جانبه، يقول مصباح المنير سونايو المنير، وهو مستشار في مؤسسة القبعات الزرقاء للإغاثة، إنهم تمكنوا من معالجة آثار الكوارث في 3 بلديات، وفي كل بلدية هناك ما بين 3-4 قرى تضررت بالكارثة، وقد أُجلي النازحون إلى مناطق آمنة.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت “فور ثوران البركان قسمنا ناشطينا إلى 3 أنواع من الفرق؛ فرق الإنقاذ المسؤولة عن البحث عن المفقودين والضحايا وإنقاذهم، وفرق العون الصحي، وفرق الدعم اللوجستي المسؤولة أيضا عن توزيع المساعدات على النازحين”.
ويضيف أنهم ما زلوا يواجهون مشاكل، فأغلب النازحين ما زالوا بحاجة إلى متطلبات لوجستية وألبسة وأغذية، لأنهم تركوا كل متعلقاتهم في منازلهم.
ويعتقد مصباح المنير أن من التحديات التي تواجههم “عدم استيعاب السكان خطورة تجارة بيع الرمال من سفح البركان، وهي مصدر معيشتهم، وتعدّ تجارة رائجة في محافظة لوماجانغ، وتقدّر عدد الشاحنات التي تنقل الرمال من وادي سفح جبل سيميرو بأكثر من 5 آلاف شاحنة يوميا”.
المصدر : الجزيرة