شرق المتوسط يستقطب منافسة إضافية بين واشنطن وباريس

شرق المتوسط يستقطب منافسة إضافية بين واشنطن وباريس

أثينا- قادت الاستكشافات الغازية والوضع القلق استراتيجيا في تركيا والإطلالة القوية لروسيا عبر سوريا إلى زيادة الاهتمام باليونان وقبرص.

وبعد الاستعراض العسكري التركي والتنقيب عن الغاز في مناطق تشهد خلافا قانونيا التجأت اليونان إلى فرنسا بحثا عن دعم عسكري ثقيل يمكن أن يوجه رسائل تحذير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فكانت صفقة الفرقاطات، لكن يبدو أن واشنطن دخلت على خط التنافس في هذه المنطقة الاستراتيجية من خلال المصادقة على عرض يوناني قديم بهدف الحصول على أربع فرقاطات، في مشهد شبيه بما جرى في صفقة الغواصات لأستراليا، حيث قاد دخول الأميركيين إلى إلغاء الصفقة مع فرنسا.

ويقول خبراء ومحللون سياسيون إن التوتر في شرق المتوسط سيزداد أكثر وسيتوسع عدد المتدخلين الدوليين طالما استمر الرئيس التركي في تنفيذ أجندة التمدد على حساب اليونان ودون أي احتكام للقانون الدولي، وخاصة التلويح بالخيار العسكري تجاه جيرانه في اليونان وقبرص.

ويضيف هؤلاء أن أردوغان زرع العداوات داخل الناتو الذي ما عاد ضامنا مطلقا للأمن في أوروبا وحوض المتوسط، وأن تراجعه الآن تحت وقت الأزمة الاقتصادية لن يزيل الشكوك التي زرعها، وسواء بقي أردوغان أو رحل في انتخابات 2023 أو بانتخابات مبكرة، فإن علاقة الناتو بأنقرة قد أصابتها شروخ من الصعب تجاوزها. كما أنّ من الصعب استعادة الثقة بين دول الناتو، وهو ما يفسّر التسابق الفرنسي – الأميركي لعقد صفقة مع اليونان.

اليونان

وصادقت وزارة الخارجية الأميركية على بيع اليونان أربع سفن حربية بقيمة 6.9 مليارات دولار إلى جانب صفقة بقيمة 2.5 مليار دولار لتحديث فرقاطة يونانية.

وذكرت الوزارة في بيانين منفصلين الجمعة أن التكلفة التقديرية 2.5 مليار دولار ستغطي “بيع (معدات) عسكرية محتملة” لليونان لتحديث الفرقاطة من فئة “ميكو”، في حين سيتم تخصيص 6.9 مليارات دولار أخرى لشراء أربع سفن حربية متعددة المهام (إم إم أس سي) ومعدات ذات صلة.

وقالت “هذه الصفقة المقترحة ستدعم السياسة الخارجية وأهداف الأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف في الناتو، وهو شريك مهم للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في أوروبا”.

لكن باريس أكدت السبت أن بيع الفرقاطات لليونان تم والعرض الأميركي انتهى وأن واشنطن لم تفعل شيئًا من دون علمها.
وقالت وزارة الجيوش الفرنسية “منذ كنا في نقاش مع اليونانيين، لم يعد العرض الأميركي مطروحا. بالإضافة إلى ذلك وقعنا العقد مع اليونانيين. تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى قبل أيام قليلة”.

وأكدت الحكومة الفرنسية أيضًا أنه تم إبلاغها مسبقا هذه المرة قبل الإعلان الأميركي خلافا لما حدث عند إبرام تحالف “أوكوس”.

وأكدت باريس أنه “ليست هناك نية (من جانبهم) للذهاب أبعد من ذلك”، موضحة أن “ما حدث هناك كان مجرد نتيجة لعملية إدارية (عرض) يبدو أن وقفها كان معقدا بالنسبة إليهم من وجهة نظر إدارية”.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أبرما في الثامن من سبتمبر في الاليزيه وسط ضجة إعلامية كبيرة هذا العقد الذي تبلغ قيمته ثلاثة مليارات يورو ويفترض أن يعكس تعزيز الدفاع والسيادة الأوروبية والذي توليه فرنسا أولوية.

ويقضي العقد ببناء ثلاث فرقاطات للدفاع والتدخل (تسمى بلهارا عند تصديرها) في فرنسا من قبل مجموعة “نافال غروب” في لوريان (غرب) ، لتسليمها إلى البحرية اليونانية في 2025 و2026. وينص الاتفاق على خيار لفرقاطة رابعة.

وكانت الولايات المتحدة أبرمت في سبتمبر شراكة أمنية مع أستراليا وبريطانيا أدت إلى نسف بيع البحرية الأسترالية 12 غواصة فرنسية تتجاوز قيمتها 30 مليار دولار في إطار ما وصف بـ”عقد القرن”.

ويقضي اتفاق “أوكوس” بتسليم غواصات تعمل بالطاقة النووية إلى كانبيرا. وفسخت أستراليا عقدها مع فرنسا لشراء غواصات تقليدية، مما أثار غضب باريس.

وأدانت فرنسا يومها ما اعتبرته “طعنة في الظهر” من قبل شركائها واستدعت سفيريها لدى الولايات المتحدة وأستراليا.

العرب