موسكو – وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة خطا أحمر واضحا أمام الناتو بشأن تحركاته خارج حدوده، وذلك من خلال المقترحات التي قدمتها موسكو بخصوص نزع فتيل التوتر في أوكرانيا.
وتحظر هذه المقترحات، التي تسعى روسيا لتحويلها إلى معاهدة ملزمة، على الولايات المتحدة إنشاء قواعد عسكرية في أي دولة من دول الاتحاد السوفييتي السابق ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي وحتى “استخدام بنيتها التحتية في أي نشاط عسكري أو تطوير تعاون عسكري ثنائي” معها.
كما يتعهد بموجبها كل أعضاء حلف شمال الأطلسي بعدم الاستمرار في توسيع الناتو وعدم القيام بأي “نشاط عسكري على أراضي أوكرانيا وفي بلدان أخرى من أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى”.
بوريس جونسون: سنستخدم إمكاناتنا الدبلوماسية والاقتصادية لمنع أي عدوان روسي
وقال مراقبون إن هذه المقترحات أظهرت أن روسيا لا تناقش أي فرضية يمكن أن تقود إلى تنازلات من جانبها، في دولة تعتبر جزءا من مجالها الحيوي، ما دعا أعضاء الناتو إلى تغيير اللهجة من التصعيد إلى التهدئة.
وأبدت الولايات المتحدة الجمعة استعدادها لبحث اقتراحات روسيا الهادفة إلى الحد من نفوذ واشنطن وحلف شمال الأطلسي في محيطها المجاور، لكنها حذرت في الوقت نفسه من “تداعيات كبيرة” في حال جرى تدخل عسكري روسي في أوكرانيا.
وصرح مسؤول أميركي كبير -لم يشأ كشف هويته- قائلا “نحن مستعدون للمناقشة” رغم أن “وثائق (روسيا) تتضمن بعض الأمور التي يعلم الروس أنها مرفوضة”، محذرا من “تداعيات كبيرة، كبيرة إذا حصل عدوان إضافي على أوكرانيا”؛ إذ “سيكون الثمن باهظا جدا”. وأضاف “نفكر في كيفية القيام بذلك؛ كأن تجلس الدول المعنية إلى طاولة المفاوضات، حيث يشارك كل من لديهم مصالح حين نتحدث عن الأمن الأوروبي”.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي “لا مفاوضات حول الأمن الأوروبي دون حلفائنا وشركائنا الأوروبيين”.
من جانبها حصرت بريطانيا التحرك في الأزمة الأوكرانية بالمجالين الاقتصادي والدبلوماسي، في منحى واضح يهدف إلى التهدئة واستبعاد اللجوء إلى الخيار العسكري.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجمعة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي أن بلاده “ستستخدم كل إمكاناتها الدبلوماسية والاقتصادية بالتنسيق مع حلفائها لمنع أي عدوان روسي على أوكرانيا”.
وكان القادة الأوروبيون وجهوا الخميس خلال قمة عقدوها في بروكسل تحذيرا مشتركا إلى روسيا من “عواقب وخيمة وثمن باهظ” ستدفعه في حال غزوها أوكرانيا، وحثوها على “تخفيف حدة التوتر الناجم عن التعزيزات العسكرية” على طول حدودها مع أوكرانيا والانخراط في محادثات دبلوماسية من خلال آلية موضوعة أساسا بمشاركة باريس وبرلين وكييف.
سيرجي ريابكوف: مقترحاتنا وسيلة لاستئناف التعاون في ظل غياب تام للثقة
وقال نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف مقدما للصحافة الوثائق التي تتضمن مقترحات بلاده، والتي سلمت هذا الأسبوع إلى مسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الأميركية، “من الضروري تدوين الضمانات الأمنية لروسيا وأن تكون لها قوة القانون”.
واقترح بدء مفاوضات اعتبارا من السبت. وقال إن “موسكو عرضت على الأميركيين عقدها في جنيف”.
وأضاف ريابكوف أن هذه المقترحات وسيلة لاستئناف التعاون الروسي – الغربي في ظل “الغياب التام للثقة المتبادلة”، مع الأخذ بعين الاعتبار السياسة “العدائية” لحلف شمال الأطلسي “في جوار روسيا”.
وسبق للرئيس الروسي أن دعا الثلاثاء إلى مفاوضات “فورية” حول الضمانات التي ينبغي أن تقدَّم لأمن روسيا، وفي محادثات تمت عبر الإنترنت مطلع ديسمبر الجاري طلب من نظيره الأميركي جو بايدن ضمانات قانونية في هذا الإطار.
ويشكل توسع حلف شمال الأطلسي ليشمل جمهوريات سابقة في الاتحاد السوفييتي خطا أحمر بالنسبة إلى موسكو، بيد أن أوكرانيا وجورجيا مرشحتان للانضمام إلى الحلف.
وقال الخبير الروسي كونستنتان كالاتشيف “من المهم بالنسبة إلى روسيا أن تُظهر أن التهديد لا يأتي منها وأنها لا تنوي مهاجمة أوكرانيا أو شن حرب على الولايات المتحدة”.
وتتهم واشنطن وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي موسكو بحشد عشرات الآلاف من العسكريين على حدود أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة تحضيرا لغزو محتمل، وتهدد روسيا بعقوبات غير مسبوقة.
لكن الكرملين ينفي تلك المزاعم ويقول إن روسيا مهددة من حلف شمال الأطلسي الذي يسلح كييف ويعزّز انتشاره العسكري في منطقة البحر الأسود.
العرب