قال غوردن براون رئيس الوزراء البريطاني السابق إن تفشي “أوميكرون” المتحور الجديد لكوفيد-19 ليس خطأ أفريقيا، وألقى باللوم على حكومات الدول الغنية التي خزّنت مئات الملايين من جرعات اللقاح لنفسها رغم التحذيرات من أن الإخفاق في تطعيم سكان أكثر المناطق عرضة للخطر في العالم سيحول دون التصدي لتحوّر الفيروس.
ويرى براون سفير منظمة الصحة العالمية لشؤون تمويل الصحة العالمية –في تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” (GUARDIAN) البريطانية- أن المشكلة لا تكمن في تخلف معظم الدول الأفريقية عن تحقيق أهداف التطعيم بل في صعوبة الوصول إليه.
لكن الحقيقة غير المقبولة والتي لا مفر منها هي أنه من بين مليارات جرعات اللقاح التي وزعت، فقط 0.6% وصل إلى البلدان منخفضة الدخل، بينما أكثر من 70% خصصت للبلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط، يؤكد الكاتب.
حافة الفقر والحاجة إلى أموال الأغنياء
وأقر الكاتب بأن ما يقارب 500 مليون شخص على حافة الفقر أو يُدفعون إلى الفقر المدقع بسبب ما عليهم تغطيته من تكاليف الرعاية الصحية، وقال إن تدني معدل التحصين الكامل في البلدان منخفضة الدخل إلى 4% و8% في أفريقيا هو نتاج نهج مخزٍ يظهر أن الدول المتقدمة تقدر الحياة البشرية في دول الشمال أكثر من دول الجنوب.
لذلك -يقول الكاتب- يجب أن يكون التحدي العالمي الأكبر عام 2022 هو القضاء على هذه الوصمة من خلال توفير التمويل اللازم لسد الفجوة المتزايدة بين الأغنياء المحميين والفقراء غير المحميين في العالم، وبذلك يمكن وضع حد للنقص الدائم وغير المبرر في تمويل الصحة العالمية.
ويضيف الكاتب (رئيس الوزراء البريطاني السابق) أنه انطلاقا من تجربته مع الأزمة المالية عام 2009، عندما كان الاقتصاد العالمي مدعوما بأكثر من تريليون دولار، فإنه يعلم -بناء على ما قاله الاقتصادي البريطاني الشهير جون مينارد كينز في حالة طوارئ سابقة- أن “أي شيء يمكننا القيام به، نستطيع تحمّله”.
ويعتقد الكاتب أنه يجب على الاقتصادات الأغنى تلبية الطلب العاجل لتوفير 23.4 مليار دولار -1.5 مليار دولار منها لتمويل منظمة الصحة العالمية- الذي تحتاجه وكالة تسريع إنتاج اللقاحات وأدوات التشخيص وعلاجات كورونا “إيه سي تي” (ACT).
ويقول براون إن هذا المبلغ يبدو ضخما، لكنه ضئيل جدا مقارنة بـ5.3 تريليونات دولار من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن فيروس كوفيد-19 بحلول 2026، وذلك وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
4 مصادر محتملة للتمويل
يقترح الكاتب 4 مصادر محتملة للتمويل المستدام طويل الأجل لتغطية 23 مليار دولار، إلى جانب 25 مليار دولار إضافية لبناء قدرة الدول على إدارة الاختبارات والعلاجات و10 مليارات دولار مطلوبة سنويا، وذلك على النحو الموصى به في 3 مراجعات مستقلة، للاستعداد والوقاية من الأوبئة في المستقبل.
وكل ذلك يمكن التعهد به في مؤتمر اللقاحات الذي سيعقده الرئيس الأميركي جو بايدن بداية 2022.
1- يجب على المجتمع الدولي الاتفاق على صيغة لتقاسم التكاليف بشكل عادل بين البلدان، بنفس الطريقة التي تمول بها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومثلما فعلت الدول الغنية في ستينيات القرن الماضي للقضاء على الجدري. كما يجب أن تكون المصلحة العامة ألا وهي مكافحة الأمراض المعدية على رأس أولويات اتفاقية تقاسم الأعباء متعددة الأطراف لتمويل منظمة الصحة العالمية، باستئثار الولايات المتحدة وأوروبا بحوالي 25%من التمويل، بينما تتقاسم بقية دول العالم ما بقي بناء على قدرتها المالية.
يقول براون قد يبدو هذا المبلغ ضخما، لكنه ضئيل جدا مقارنة بـ5.3 تريليونات دولار من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن فيروس كوفيد-19 بحلول عام 2026، وذلك وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
2- لا بد من تصحيح الإخفاق العميق للنظام العالمي الذي كشفته جائحة كوفيد-19. فمنظمة الصحة العالمية وغيرها من الجهات التي لديها الصلاحية للتعامل مع هذه الحالات الطارئة تملك أقل الموارد، بينما يتحكم صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف في معظم الموارد دون تفويض محدد للعمل.
كما أنه ينبغي استخدام 10 مليارات دولار من موارد البنك الدولي، ومنشأة لقاح جديدة تابعة لصندوق النقد الدولي و100 مليار دولار من الأموال الدولية الجديدة، لبناء أنظمة صحية في البلدان منخفضة الدخل.
3- نحن في حاجة إلى أن نكون أكثر ابتكارا عندما يتعلق الأمر بتوظيف ضمانات دول الشمال الغنية والصناعية للحصول على التمويل اللازم. يمكن مثلا الاستفادة من ملياري دولار فقط من الضمانات لإنشاء مرفق مالي دولي للصحة، إلى جانب 1.5 مليار دولار من المنح، استثمار قد يدر نحو 10 مليارات دولار من الموارد الإضافية للبلدان الفقيرة.
4- التفكير في كيفية زيادة عائدات ضريبة التضامن التي تفرضها الحكومات بالتعاون مع وكالة “يونيتايد” (unitaid)، التي جمعت منذ 2006 حوالي 1.25 مليار دولار عن طريق توجيه جزء من ضرائب شركات الطيران إلى تمويل الصحة العالمية.
ومع اعتراف شركات الأدوية الكبرى الآن بأنها لم تفعل ما يكفي، يجب مطالبة الشركات التي ستستفيد من استئناف التجارة بالانضمام إلى المؤسسات الدولية في مهمة القضاء على كوفيد-19.
المصدر : غارديان