دمشق – لم تشهد الأزمة السورية المستمرة منذ عشر سنوات تقدما كبيرا على صعيد الحل السياسي خلال العام الجاري الذي يوشك على الانتهاء.
وبينما زادت حدة الأوضاع الاقتصادية خلال هذه السنة، شكلت الانتخابات الصورية التي أجراها النظام السوري وتمخض عنها فوز بشار الأسد بولاية جديدة أبرز أحداث عام 2021 في سوريا. فقد أجرى النظام انتخابات رئاسية شكلية في مايو رغم اعتراضات المجتمع الدولي، وغياب أكثر من نصف الشعب، حيث حصل رئيس النظام على الأغلبية (95.1 في المئة من الأصوات).
وشهدت الانتخابات حملة واسعة من الاعتراض محليا ودوليا وبالإضافة إلى بيانات التنديد من المعارضة السورية، أصدرت كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا بياناً مشتركاً ضد الانتخابات.
وفيما قالت الحكومة إن الانتخابات أظهرت أن سوريا تعمل بشكل طبيعي رغم الحرب التي استمرت عقدا من الزمان، اعتبرت المعارضة ودولا غربية الانتخابات مسرحية لإحكام قبضة الأسد على السلطة.
بينما زادت حدة الأوضاع الاقتصادية شكلت الانتخابات التي فاز فيها بشار الأسد أبرز أحداث العام الجاري في سوريا
وخلال العام الجاري فشل الفرقاء السوريون أيضا في عقد الجولتين الخامسة والسادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي أقيمت في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية في يناير وأكتوبر الماضيين بسبب مواقف وفد النظام الذي أعاق التوصل إلى اتفاق حول آلية كتابة دستور جديد ومضمونه، ولم يتحدد حتى اللحظة موعد الجولة المقبلة التي علقت الكثير من الدول آمالا عليها كخطوة باتجاه الحل السياسي.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون عبّر في ختام الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية عن خيبة أمل كبيرة وذلك بعد مغادرة الوفود لمقر الأمم المتحدة، محملاً وفد النظام مسؤولية فشل المفاوضات لأول مرة بشكل صريح.
كما شهد هذا العام تطورا في مستوى التطبيع العربي مع نظام الأسد، تجسد على مستوى الإشارات العربية المتزايدة بشأن عودة سوريا إلى شغل مقعدها في جامعة الدول العربية، والتي بدأت مع تلميح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى إمكانية أن تشهد القمة التي سوف تعقد في بلاده خلال مارس المقبل هذه العودة.
ودعّمت التكهنات بالتطبيع العربي مع النظام السوري زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى دمشق في نوفمبر الماضي، والتي عقد خلالها مباحثات مع الأسد، فضلا عن اتصال هاتفي للأخير مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في أكتوبر الماضي هو الأول بعد عشر سنوات.
لكنّ أوساطا سياسية عربية تقول إن مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية قرار لا تملكه الدول العربية وحدها، وإن هناك قوى دولية – في مقدمتها الولايات المتحدة – تلعب دورا مهما في اختيار توقيت العودة لأنها تتعلق بحسابات ما يجري على الساحة السورية.
كما أن المعارضة السورية لا تزال تشدد على أنه لا مبرر لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية طالما أنه لا يلتزم بالقرارات الدولية التي على رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2254 الخاص بوقف إطلاق النار والوصول إلى تسوية سياسية.
وإلى جانب الأوضاع السياسية، شهدت سوريا تطورات اقتصادية حرجة حيث فقدت الليرة السورية خلال العام الجاري نحو نصف قيمتها؛ إذ بلغ سعر صرفها 3500 ليرة مقابل الدولار الأميركي. كما رفع النظام سعر الخبز في يوليو الماضي بنسبة 100 في المئة وعانت المناطق الخاضعة له من نقص مزمن في الوقود خلال النصف الأول من العام، ما أدى إلى تعطل كبير في حركة المواصلات.
وبات نحو 60 في المئة من سكان سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويحتاج نحو 13.4 مليون شخص للمساعدات الإنسانية.
وحاول النظام السوري الذي يئن تحت وطأة عقوبات دولية تشمل العقوبات الأميركية بموجب قانون قيصر البحث عن حلول لتخفيف الأزمة الاقتصادية، ومن بينها استئناف نشاط المنطقة الحرة المشتركة مع الأردن.
ودفعت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية العشرات من العائلات السورية إلى القيام بهجرة عكسية من المدن إلى الأرياف لعدم قدرتها على تحمل أعباء المعيشة وتكاليفها.
المعارضة السورية لا تزال تشدد على أنه لا مبرر لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية طالما أنه لا يلتزم بالقرارات الدولية
وفي مايو شهدت مدينة منبج الواقعة تحت سيطرة فصائل كردية سورية احتجاجات كبيرة ضد التجنيد الإجباري الذي تفرضه الإدارة الذاتية الكردية على المدينة. وقد أجبرت تلك الاحتجاجات السلطات على وقف التجنيد الإجباري وإطلاق سراح المعتقلين.
وفي يونيو فرض النظام السوري حصاراً على منطقة درعا البلد بمحافظة درعا (جنوب) التي اندلعت منها شرارة الثورة السورية في العام 2011.
وبعد فشل المفاوضات بين النظام وأهالي المنطقة من المدنيين والمسلحين المعارضين، بدأت قوات النظام في يوليو قصف المنطقة بشكل متقطع ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من سكانها إلى الأحياء المجاورة.
وفي سبتمبر الماضي أجبر النظام وحليفته روسيا سكان المنطقة على القبول باتفاق يقضي بدخول قوات النظام إلى المنطقة والسيطرة عليها، وبذلك تمكنت من السيطرة على مدينة درعا بشكل كامل.
ولم تتغير خارطة السيطرة في سوريا كثيرا في العام الجاري حيث يسيطر النظام وحلفاؤه على نحو 60 في المئة من مساحة سوريا، وتسيطر المعارضة المسلحة والمجموعات المناهضة للنظام على نحو 10 في المئة، فيما تسيطر القوات الكردية على 27 في المئة.
واقتصرت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات في البادية السورية وسط البلاد. في حين تقول منظمات حقوقية إن التنظيم الإرهابي شنّ في العام الجاري 267 هجوماً في شمال شرق سوريا، أسفرت عن مقتل 183 شخصاً، في انخفاض واضح مقارنة بالعام الماضي.
العرب