كان من أهم مقررات الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية في الجولات الأربع، إعطاء موعد ثابت لانسحاب قواتها من العراق، وتحديد مهامها القادمة في علاقتها مع القوات العسكرية والأمنية العراقية بتقديم المشورة الميدانية، وتبادل المعلومات الاستخبارية، ومواجهة التنظيمات الإرهابية، وكبح جماح حركة ونشاط عناصر داعش، واستمرار عمليات التدريب المشتركة، والاستفادة من الدعم اللوجستي لقوات التحالف الدولي والجيش الأمريكي، وتزويد القوات العراقية بالأسلحة والمعدات الحديثة .
أمام هذه الاتفاقيات والتعهدات جاء تصريح رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يوم الأربعاء ٢٩ كانون الأول ٢٠٢١ بانتهاء (المهام القتالية للتحالف الدولي، وتم استكمال خروج كل قواته ومعداته القتالية خارج العراق) .
تباينت ردود أفعال الأحزاب والكتل السياسية حول مغادرة القوات الأمريكية، وكان أبرزها ما جاء في بيان السيد مقتدى الصدر الذي أعطى صورة واضحة ودلالات عميقة وأطر سياسية أمنية لكيفية إنهاء الوجود الأمريكي، وتحديد مهامه القادمة، باحترام سيادة العراق، وتعزيز قراره السياسي المستقل، واحترام القوانين والأنظمة القائمة في التعامل بين الدول، ومنح القوات العسكرية والأمنية العراقية دورها في تعزيز إمكانياتها بالتعامل الجوي والميداني لسماء وأرض البلاد، ومنع أي تحليق جوي أجنبي دون علم السلطات العراقية، ورسم ملامح الفترة المقبلة في معرفة نوعية وأهداف التواجد الأمريكي، وتحديد إمكان تواجده، وطبيعة حركة قواته، واعتماد مبدأ التعامل السياسي والعسكري بالمثل، أي أن يكون هناك عمل متوازن وصيغة فعالة واحترام لإرادة العراق، ومنع أي تجاوز تقوم به أي من القوات الأجنبية على الأرض العراقية، وأن تسعى جميع الأدوات السياسية الفعالة في تعزيز المفهوم الحقيقي لاستقلال العراق، واحترام إرادة شعبه وفق الأطر الدبلوماسية والقانونية، وتأكيدها بتقديم طلب رسمي لمجلس الأمن الدولي حول الانسحاب التام للقوات الأمريكية والتحالف الدولي، ومنع أي تواجد أمني داخل السفارة الأمريكية، لأن حماية البعثات والهيئات الدبلوماسية الأجنبية من اختصاص الدولة المضيفة حسب الأعراف والقوانين في العلاقة بين دول العالم.
يحوي البيان على العديد من الرسائل المهمة ذات الأبعاد السياسية والعسكرية، تمثل إرادة الشعب العراقي في التحرر والانعتاق من الهيمنة والنفوذ الأجنبي وبكل أنواعه، ومنع أي تواجد ونفوذ إقليمي ودولي على أرض العراق الطاهرة، والإعداد لمرحلة قادمة تسودها مفاهيم التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي في البنية العامة للدولة العراقية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية