عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فيالدوحة، اليوم السبت، ندوة حول التدخل العسكري الروسي في سوريا، شارك فيها أكاديميون عرب وروس، وقد خلص معظم المشاركين إلى أن التدخل الروسي يهدف بالأساس لإعادة الاعتبار إلى دور موسكو على الساحة الدولية.
وتناولت الندوة أهم دوافع هذا التدخل وتداعياته المتوقعة إقليميا ودوليا، وتأثيراته على الموقف السياسي والميداني لـ فصائل المعارضة السورية، كماأفاد معظم المشاركين في الندوة بأن روسيا تسعى إلى تعزيز مكانتها الدولية بالتدخل في سوريا.
وأوضح بعض المشاركين أن روسيا تريد أن تقوم بمهمة عسكرية ميدانية واضحة تسعى لقطع الطريق إلى دمشق أمام فصائل الثورة، كما أنها تحاول تكوين واقع جغرافي جديد، يتمثل بالسيطرة على ما بات يعرف بـ “سوريا المفيدة ” أي حماة وحمص والساحل.
وقال مدير المركز عزمي بشارة، في كلمة افتتح بها الندوة، إن روسيا تتحرك بدافع قوي من مصالحها الجيوإستراتيجية، وهي مصالح تتقدم في أهميتها بالنسبة لموسكو على فكرة المحافظة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، موضحا أن روسيا تريد إثبات نفسها كدولة قوية وتريد من أميركا احترام ما تعتبره “مناطق نفوذ لها”.
وأضاف بشارة أن التدخل الروسي سيجعل من أي تدخل خارجي آخر أمرا صعبا، وهو رسالة موجهة للغرب وتركيا، كما أنه سيسمح لموسكو بتعزيز وضعها الدبلوماسي بحيث يصبح من المستحيل اتخاذ قرار بشأن سوريا بدون موافقتها.
ورأى أن التدخل الروسي لن يكون في مقدوره إنهاء الحرب التي أشعلها النظام السوري بالأساس، وإنما سيكون تمهيدا لمفاوضات أخرى، مما يفسح المجال للعمل في الطرف الآخر على دعم المعارضة ومحاولة كبح جماح روسيا.
من جهته، قال المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والإستراتيجية في واشنطن، رضوان زيادة، للجزيرة نت، إنه لا يعتقد أن أميركا ستتدخل عسكريا مقابل التدخل الروسي، لأن هناك تاريخا من التدخلات العسكرية الأميركية في أماكن أخرى لا يشجعها على ذلك في سوريا.
وأضاف زيادة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما عبّر بشكل واضح عن عدم رغبته بتدخل بلاده عسكريا في أي مكان خارج الأراضي الأميركية، مبينا أن النقاش المطروح الآن في الولايات المتحدة هو حول إمكانية زيادة المساعدات العسكرية الأميركية للمعارضة السورية، وزيادة التنسيق الاقليمي.
وتوقع أن يتطور التدخل الروسي إلى تدخل بري، موضحا أن هناك حديثا عن وجود عسكري روسي على الأرض في حماة على سبيل المثال، وبالتالي لن يقتصر الأمر على الضربات الجوية التي تركز حتى الآن على استهداف فصائل المعارضة.
وفي السياق ذاته، ركز أستاذ علم الاجتماع السياسي والرئيس السابق للمجلس الوطني السوري المعارض، برهان غليون في كلمته، على ما أحياه هذا التدخل من آمال لدى الكثيرين من إمكانية الوصول إلى تسوية حقيقية ونهائية على اعتبار أن موسكو لديها اتصالات مع جميع الأطراف المتنازعة.
وأشار غليون إلى أن موسكو قادرة على إخراج الحرب الراهنة من منطقها الطائفي إلى الحيز السياسي، موضحا أن ثمة عقبات أمام هذا السيناريو، أهمها أن روسيا لديها عداء شديد لروح وفكرة الثورة، وبالتالي هي لا ترى أمامها حركة شعبية معارضة للاستبداد إنما “مجموعات إرهابية”.
وأكد أن تشتت المعارضة السورية وانقسامها عقبة أخرى أمام الوصول إلى تسوية، مشددا في النهاية على أن أي تسوية لا تحقق إرادة الشعب السوري لن تصمد، وستعني استمرار الحرب.
عبير فؤاد
الجزيرة نت