أعلن اليوم السبت الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف بعد غد الاثنين يوم حداد وطني على أرواح ضحايا أعمال الشغب في البلاد، فيما اعتقلت السلطات رئيس جهاز أمن الدولة المقال كريم ماسيموف بتهمة الخيانة، وناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأزمة مع توكاييف واقترح عقد قمة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، والتي أرسلت قوات لدعم السلطات الكازاخية في مواجهة الاضطرابات الحالية.
وقال الرئيس توكاييف أمس إن السلطات استعادت ما سماه النظام الدستوري في معظمه بعد أيام من الاضطرابات التي أسفرت عن مقتل 26 شخصا وإصابة المئات واعتقال الآلاف.
وذكر توكاييف أنه أعطى أوامره بإطلاق النار على من وصفهم بالمجرمين من دون سابق إنذار.
وقال الرئيس الكازاخي إن من وصفهم بالإرهابيين نفذوا هجمات على ألماتي -أكبر مدن البلاد- عبر 6 مراحل، وأكد أن البلاد واجهت “مجموعات إرهابية مدربة جيدا في الخارج”.
وذكرت وكالة سبوتنيك كازاخستان مساء اليوم إن الاشتباكات ما زالت متواصلة بضواحي مدينة ألماتي على طول الطريق بينها وبين العاصمة القيرغيزية.
وأفادت وسائل إعلام كازاخستانية نقلا عن السلطات بأنه تم إغلاق مطار ألماتي الدولي إلى أجل غير مسمى.
وذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية اليوم أن إسرائيليا قتل الليلة الماضية برصاص مجهولين في مدينة ألماتي خلال الاحتجاجات، ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن أحد أقارب القتيل أنه قضى عندما أطلق مسلحون النار على سيارة كان يستقلها هو واثنان من أصدقائه.
وكانت احتجاجات على زيادة أسعار الوقود قد اندلعت الأحد الماضي في كازاخستان أكبر دولة في آسيا الوسطى، قبل أن تتحول إلى أعمال عنف ونهب ومواجهات، وقد أعلنت الحكومة استقالتها الأربعاء الماضي، تلاها فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد “بهدف حفظ الأمن العام”.
وقالت وزارة الداخلية في بيان اليوم إن عدد المعتقلين في الاضطرابات الحالية ارتفع إلى 4 آلاف و266 بمن فيهم مواطنو دول أخرى، وأضافت أنه تم ضبط مستودع أسلحة في منطقة جامبيل، ومنتجات مسروقة من مبنى خدمة السيارات في ألماتي.
وفي سياق متصل، أعلن جهاز أمن الدولة الكازاخي اليوم اعتقال رئيس الجهاز المقال كريم ماسيموف بتهمة الخيانة، وأضاف الجهاز في بيان له أن ماسيموف اعتقل أول أمس الخميس بعد إقالته فورا، وإن شخصيات سياسية وأمنية أخرى اعتقلت أيضا ولم يكشف عن أسمائها بعد لضرورات التحقيق، وفق البيان.
وأوردت وكالة الأناضول أن صمد أبيش نائب رئيس لجنة الأمن القومي أقيل من منصبه، وهو ابن أخت الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف.
وشغل ماسيموف سابقا مناصب حكومية كثيرة، أبرزها رئاسة الحكومة، وبعد استقالة الرئيس الكازاخي السابق نزارباييف -الذي احتفظ لنفسه برئاسة مجلس الأمن القومي وبلقب زعيم الأمة- عين ماسيموف رئيسا لجهاز أمن الدولة في العام 2016، ويعد ماسيموف من المقربين من الرئيس السابق نزارباييف.
من جهة أخرى، قال حزب “نور وطن” (الحزب الحاكم في كازاخستان) اليوم السبت إن مقاره في معظم المدن الرئيسية تعرضت للتدمير والإحراق.
الدعم الخارجي
وقالت الخارجية الروسية مساء اليوم “نرصد تحسنا في الوضع بكازاخستان وعودة عمل المؤسسات الاقتصادية والخدمية تدريجيا”.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي سيطرت على مطار ألماتي، ثم وضعته تحت سيطرة قوات الأمن الكازاخية.
وقالت الوزارة إن 20 طائرة شحن عسكرية ستواصل اليوم نقل القوات الروسية وعتادها إلى كازاخستان.
وفي الوقت نفسه، أجرى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والكازاخي توكاييف اتصالا هاتفيا مطولا، ناقشا فيه الإجراءات المشتركة ضمن تفويض منظمة الأمن الجماعي لمكافحة الإرهاب، وفق ما أعلنه الكرملين.
كما عبّر توكاييف عن امتنانه للمساعدة التي قدّمتها منظمة معاهدة الأمن الجماعي لكازاخستان.
وأضاف الكرملين أن توكاييف أطلع بوتين على تطورات الأوضاع في بلاده وأكد أن الأمور تتجه نحو الاستقرار.
وشدد الكرملين على أن بوتين يدعم مقترح توكاييف بعقد قمة عبر الفيديو في الأيام القادمة لقادة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، والتي أرسلت -وما تزال- قوات لحفظ السلام إلى كازاخستان بطلب من رئيسها توكاييف.
وكانت روسيا قد شكلت هذه المنظمة في العام 2002 بمعية عدد من جيرانها بما فيهم كازاخستان لتكون بمثابة حلف سياسي عسكري للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.
من جانب آخر، نشب سجال بين وزارة خارجيتي روسيا وأميركا بشأن الأزمة الكازاخية، إذ وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصريحا لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنه يتّسم بالفظاظة، بعد أن قال إن الروس إذا دخلوا بلدا، فمن الصعب إخراجهم منه، في إشارة إلى إرسال موسكو قوات دعم للسلطات الكازاخية.
فردّت المتحدثة الروسية على كلام بلينكن بالقول إنه “إذا دخل الأميركيون بيتك، فمن العسير عليك البقاء على قيد الحياة وعدم التعرض للسرقة أو للاغتصاب”.
وفي سياق متصل، قالت وزارة الدفاع في قرغيزستان المجاورة لكازاخستان -أمس الجمعة- إنها أرسلت 150 جنديا و8 مركبات مدرعة و11 مركبة محملة بالمعدات إلى جارتها ضمن قوة حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي.
وأوضح بيان للوزارة أن مهمة الجنود هي حماية المرافق ذات الأهمية الخاصة والإستراتيجية في كازاخستان.
وقالت وكالة الأنباء القطرية إن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أجرى اتصالا هاتفيا مع رئيس كازاخستان، تناولا فيه تطورات الأوضاع في كازاخستان.
وأضافت الوكالة أن الرئيس الكازاخستاني أطلع أمير قطر على الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع في كازاخستان، وتعزيز الأمن والاستقرار فيها.
من جانبه، أعرب أمير قطر عن ثقته في قدرة السلطات الكازاخستانية على تجاوز هذه الأزمة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.
وتزايدت الدعوات الدولية لخفض التصعيد ولحل سلمي للأزمة في كازاخستان، إذ قالت كريستانا هوفمان نائبة المتحدث باسم الخارجية الألمانية إن حكومتها تراقب التطورات في كازاخستان، وتحث الأطراف المعنية على وقف التصعيد وإيجاد حل سلمي.
كما عبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن قلق الاتحاد الأوروبي من التطورات، ودعت إلى ضمان حقوق المواطنين وأمنهم في كازاخستان.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عبر عن قلق بلاده من الأحداث في كازاخستان، وقال إن الوزارة ستراقب عن كثب أي انتهاكات لحقوق الإنسان من جانب قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي في البلاد.
بدورها، أعلنت الصين دعمها إرسال دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا قوات حفظ سلام إلى كازاخستان، قائلة إنها “تدعم جميع جهود السلطات الكازاخية لإنهاء الاضطرابات في أقرب وقت ممكن”.
المصدر : الجزيرة + وكالات