ميل الإيرانيين إلى العلمانية صداع جديد يصيب خامنئي ومساعديه

ميل الإيرانيين إلى العلمانية صداع جديد يصيب خامنئي ومساعديه

طهران – لم يعد خافيا أن النظام الإيراني بقيادة المرشد الأعلى آية الله خامنئي متوجس بشدة من ظاهرة بدأت في التنامي وهي ميل الإيرانيين إلى العلمانية ما دفع مسؤولون إلى دق ناقوس الخطر.

وحذر نائب وزير الداخلية ورئيس منظمة الشؤون الاجتماعية في إيران رستم وندي من أن هناك مؤشرات مقلقة بالنسبة إلى السلطات من بينها الهجرة والميل إلى تغيير نمط الحكم إلى العلمانية.

وقال وندي في كلمة له خلال “المؤتمر الوطني لمواجهة الأضرار الاجتماعية من وجهة نظر الإسلام” الذي عُقد في العاصمة طهران الأحد إن “مؤشرات تدل على وجود نزعة اجتماعية تميل نحو أنماط مختلفة من الحكم ولاسيما الحكومة العلمانية”.

وأوضح “اعتقد الشعب أن الحكومة الدينية عاجزة عن معالجة مشاكل البلد وتوجّه نحو أنماط بديلة من الحكومة والحكم العلماني، عندها سوف يُدق ناقوس الخطر بالنسبة إلينا”.

ويبدو أن الشباب الإيراني من أكثر الفئات التي باتت لديها رغبة جامحة في تغيير نمط الحكم، فهذه الفئة سئمت الانغلاق الذي تعيشه البلاد والذي أفضى إلى تدهور على المستويين الاقتصادي والاجتماعي وعزلة دبلوماسية.

رستم وندي: توجد نزعة اجتماعية تميل نحو تشكيل حكومة علمانية

وأقر المسؤول الإيراني بتزايد الاحتقان في الشارع بسبب الصعوبات المعيشية وغيرها بالرغم من أنه حمّل المعارضة المسؤولية في محاولة استغلال هذه المعطيات.

وقال إن “المعلومات المقدمة في المؤتمر وخاصة الجزء الذي يشير إلى الرغبة في تغييرات أساسية أو احتجاجات، مأخوذة من دراسات تتعلق بالفترة الزمنية ما بين الأعوام 2014 إلى 2019”.

وبيّن أن جهود وسائل الإعلام المعارضة لاستغلال أيّ تحليل ودراسة في القضايا الداخلية واضحة للجمهور الإيراني.

وأكد أنه وعلى الرغم من الصعوبات المعيشية وخاصة مع ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وعدم المساواة الطبقية في السنوات الأخيرة، فقد أظهر المجتمع درجات من التحمل لا مثيل لها.

وأفاد بأن نسبة بعض المشاكل الاجتماعية مثل الانتحار والقتل والاغتصاب والعنف وما إلى ذلك أقل، من بعض البلدان المتقدمة ذات الاستقرار الاقتصادي، لكنه أشار في المقابل إلى زيادة استهلاك الكحول بالرغم من أن ذلك محظورا قائلا إن ما بين 9 و10 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما يشربون الكحول، وأكثر ‏من خمسة ملايين شخص يستهلكون الكحول سنويا.

وبعد أكثر من 4 عقود على قيام الثورة الإسلامية في إيران، بدت وكأن الرغبة في تغيير النظام إلى علماني تتنامى يوميا، وهو ما دفع العديد من الأوساط إلى إطلاق تحذيرات.

ومؤخرا وجه آية الله العظمى الصافي الكلبايكاني، الذي يُعد أحد أكبر رجال الدين في إيران، انتقادات صريحة للتوجهات الخارجية لبلاده وهو ما واجهته مواقع محسوبة على المتشددين باتهامه والمزاج العام في مدينة قم بالعلمانية.

وخلال لقائه برئيس مجلس النواب محمد باقر قاليباف في قم أعرب الكلبايكاني عن قلقه إزاء المشاكل الاقتصادية في البلاد، ولم يقتصر على ذلك حيث اقترح أن تتجه إيران نحو إقامة علاقات مع جميع دول العالم “بكرامة”.

وأضاف الكلبايكاني، الذي يحمل لقب مرجع وهو أعلى لقب في الحوزات الشيعية ويشير إلى فقيه مؤهل له سلطة إصدار حكم رسمي أو تفسير في القضايا الدينية أنه “ليس من الصواب أن تكون عابسًا مع دول كثيرة، فهذا يضر بالشعب”.

وفجرت تصريحاته جدلا واسعا حيث لم تتردد صحف موالية لخامنئي ومقربة من المتشددين في انتقاده، في خطوة تعكس وفقا لمراقبين تعمّق الفجوة بين بعض رجال الدين والنظام الإيراني.

وانتقد على سبيل المثال موقع “رجا نيوز” الذي يعد مقربا من منظمة متشددة موالية للنظام تسمى “جبهة ثبات الثورة الإسلامية” والتي تشكل فصيلًا قويًا في البرلمان، بشدة تصريحات الكلبايكاني، مشيرا إلى أنها قد تندرج في سياق تلك التصريحات التي يصفها المرشد الأعلى بالعلمانية.

وقالت الباحثة السياسية الإيرانية ماري عبدي إن الانتقادات للكلبايكاني ومدينة قم المقدسة بشأن العلمانية تُظهر “المخاوف القديمة بين مساعدي المرشد الأعلى بشأن ما يشيرون إليه على أنه انتشار للعلمانية في الحوزة أو في المعاهد الدينية الشيعية”.

وبالفعل كان خامنئي قد أعرب في اجتماع مع مجموعة من رجال الدين في قم في الخامس عشر من مارس 2016 عن قلقه بشأن الجهود الرامية إلى “إلغاء الثورة في الحوزة”.

وشدد على أنه “إذا أردنا أن تظل الحكومة الإسلامية إسلامية وثورية في نفس الوقت، فيجب أن تظل الحوزة ثورية، وإلا فإن الحكومة ستكون في خطر الانحراف عن مبادئ الثورة”. كما وصف المواجهة مع الولايات المتحدة بأنها من تلك المبادئ وحذر من التشكيك بها في الحوزة.

كما وصف آية الله خامنئي في خطاب آخر ألقاه في التاسع من يناير 2019 مدينة قم المقدسة بـ”مركز الثورة وأمّها” وحذر من مساعي الأعداء “لإضعاف الروح الثورية والدينية في المدينة”.

العرب