الجزائر – يعكس حل السلطات الجزائرية لحزب العمال الاشتراكي توجها واضحا منها من أجل المزيد من تضييق الخناق على الحريات السياسية في البلاد خاصة وأن ذلك يتزامن مع تواصل الاعتقالات لنشطاء سياسيين ما من شأنه أن يضفي المصداقية على التقارير الدولية التي تنتقد بشدة الواقع الحقوقي والحريات في
الجزائر.
وأفاد الحزب في بيان أن سيوجه وفدا إلى وزارة الداخلية، مباشرة بعد استلامه إشهادا مكتوبا لقرار مجلس الدولة، من أجل توضيح الإجراءات التي سيتبعها من أجل رفع القرار غير العادل والقاضي بتعليق نشاطاته وغلق مقراته.
وأكّد أنّ مجلس الدولة أمر بالتعليق المؤقت لنشاطات الحزب وغلق مقراته، معتبرا ذلك “سابقة خطرة ضد التعددية الحزبية ومساسا صارخا بالحريات الديمقراطية في بلادنا”.
وذكّر بيان الحزب الرأي العام في الجزائر أنّ “هذا القرار جاء بعد شكوى رفعها وزير الداخلية يوم السادس والعشرين من أبريل 2021 بحجة التأخر في تنظيم مؤتمره، مشيرا إلى أنّ هذه الدعوى التعسفية جاءت قبل انتهاء مهلة الإعذار الموجه له و المحددة بـ15 يوما من جهة، ومن جهة أخرى غداة تنظيمنا لمؤتمر الحزب وتسليم الوثائق المطلوبة لمصالح وزير الداخلية عن طريق محضر قضائي”.
لويزة حنون: السلطة كالحيوان البري الجريح الذي يقتل كل ما يعترض سبيله
وحزب العمال الاشتراكي ليس الوحيد الذي اكتوى بقرار حله من قبل وزارة الداخلية أو القضاء الجزائري حيث تم تجميد نشاط كل من حزبين آخرين وهما حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والحريات وحزب جبهة الجزائريين الديمقراطيين وذلك استجابة لدعوى قضائية رفعتها وزارة الداخلية بذريعة أن الأحزاب المذكورة تخالف قانون الأحزاب المعمول به في البلاد.
كما تم في وقت سابق تعليق نشاط حزب الحركة الديمقراطية والاجتماعية، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إذ تتهمهما وزارة الداخلية أيضا بمخالفة قانون
الأحزاب.
ويجمع العديد من القوى السياسية في الجزائر على إدانة ممارسات السلطة الحالية بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون خاصة في ظل استمرار الاعتقالات لنشطاء سياسيين لأسباب مختلفة على غرار مساندة الحراك الشعبي الذي اندلع في 2019 لمناهضة ترشح الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة
خامسة.
ونددت الحركة الديمقراطية الاجتماعية بقرار تعليق أنشطة حزب العمال الاشتراكي وإغلاق مقاره، قائلة في بيان لها إن هذا القرار يشكل “تدخلا في شؤون الأحزاب والقضاء على التعددية الحزبية.. واستتباعا كليا للعدالة لكسر الأحزاب والمناضلين الحراكيين المعارضين له”.
وشدد بيان الحركة الديمقراطية الاجتماعية على أن “النظام يتوجه بقوة إلى المنع الكلي للعمل السياسي المنظم، فكل الضغوط التي تطال القوى السياسية المعارضة له تأتي في ظرف لم ينجح هذا الأخير في إقناع أغلبية الجزائريات والجزائريين بمشروعه السياسي”.
وأشار إلى أن “الحملة الإدارية والقضائية الموجّهة ضد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ورئيسه محسن بلعباس إشارة واضحة إلى انحراف استبدادي خطير وغير مقبول، الهدف منه معاقبة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية على موقفه الصريح وغير المهادن ووقوفه في صف الشعب في كفاحه السلمي من أجل تغيير جذري للنظام”.
ومن جهته، شجب حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في بيان له الجمعة “حملة حل الأحزاب السياسية في الجزائر”، موضحا أن السلطات باتت تعمد إلى توظيف القضاء كمشهد وحيد في مسرح الحياة السياسية الوطنية وفق قوله.
حزب العمال الاشتراكي ليس الوحيد الذي اكتوى بقرار حله من قبل وزارة الداخلية أو القضاء الجزائري حيث تم تجميد نشاط كل من حزبين آخرين
وقال الحزب في بيان إن “قرار مجلس الدولة بتجميد نشاط حزب العمال الاشتراكي مع إغلاق مقاره، ما هو إلا إعادة نظر وإنكار للتعددية والعمل السياسي، وهي المكاسب التي انتزعت جراء نضالات دُفع ثمنها باهظا”.
وقالت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون إن “المجرى الشمولي عبر شلالات الاعتقالات والاستدعاءات والأحكام الصادرة في حق نشطاء وصحافيين بسبب آرائهم و نشاطاتهم السياسية، يتأكّد كلّ يوم” مؤكدة في كلمة لها الأسبوع الماضي أنّ هذا المجرى “يؤكّد أنّنا لازلنا تحت نفس النظام القديم الموروث عن نمط الحزب الواحد والذي أصبح يشبه ذلك الحيوان البري الجريح الذي يدمّر ويقتل كل ما يعترض سبيله كون النظام البالي يتخبّط في أزمة تفسّخ قاتلة”.
وتطرقت حنون إلى قرار مجلس الدولة الذي صدر الخميس بحق حزبين سياسيين قائلة “أصدر مجلس الدّولة قرارا يرفض من خلاله الدّعوى المرفوعة ضد حزب الاتحاد من أجل التغيير والرّقي من طرف وزارة الداخلية ملتمسة حل هذا الحزب، لا ريب أنّ الأمر يتعلّق بانتصار للحق، لكن كيف نفسّر قرار مجلس الدولة الصّادر في نفس اليوم والقاضي بتعليق نشاط حزب العمال الاشتراكي مؤقتا وغلق مقرّاته بطلب من وزارة الداخلية؟”.
وشددت الأمينة العامة لحزب العمال على أن “هذا القرار يكتسي خطورة قصوى بالنظر إلى الأسباب الهزيلة والغريبة المذكورة”، مضيفة أنّه “يشكّل منعرجا سياسيا نوعيا في مجال المساس بالمكاسب الديمقراطية”.
ويأتي تعليق حنون فيما صعّدت السلطة ضد النشطاء السياسيين لتضفي وفقا لمراقبين المصداقية على التقارير الحقوقية التي تنتقد الوضع الحقوقي المتردي في البلاد.
العرب