“العقبة” الاردنية نموذج المناطق الاقتصادية الخاصة

“العقبة” الاردنية نموذج المناطق الاقتصادية الخاصة

3_8
تعرف المنطقة الاقتصادية الخاصة بأنها منطقة جغرافية في دولة ما تكون مخصَّصة لتصدير البضائع إلى الدول الأخرى وتوفير فرص العمل، ويطلق عليها اختصاراً (SEZ) وهي تستثنى المناطق الاقتصادية الخاصة من القوانين الفدرالية الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وحظر الاستثمارات الأجنبية وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية. ومن ثمَّ تكون المناطق الاقتصادية الخاصة قادرةً على تصنيع وإنتاج بضائع بأسعار منافسة عالمياً.
و يتضمَّن تصنيف المنطقة الاقتصادية الخاصة (SEZ) أنواعاً مختلفةً من المناطق الاقتصادية، مثل مناطق التجارة الحرة (FTZ) والمناطق الحرة (FZ) ومناطق معالجة الصادرات (EPZ) والمناطق الصناعية (IE) والموانئ الحرة والمناطق الاقتصادية الحرة ومناطق المشاريع الإعمارية.
وتعتبر دولة الصين من أكثر الدول التي حققت قفزات تنموية من خلال تجربتها في انشاء المناطق الاقتصادية الخاصة ، وكذلك الحال استفادت كثير من دول العالم سواء المتقدمة .

تجربة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة

الموقع:

تقع مدينة العقبة الاردنية الى اقصى الجنوب وعلى بعد حوالي 350 كم جنوب العاصمة عمان وتبلغ مساحة مدينة العقبة (375 كم2) وتمتد شواطئها على خليج العقبة إلى حوالي (27 كم2) أما عدد سكانها ما يزيد عن (100) ألف نسمة ،وهي مدينة تقع على البحر الاحمر وتقع على الحدود مع مدينة حقل في المملكة العربية السعودية عبر مركز حدود الدرة, ومصر، وأيضا مع مدينة ايلات عبر معبر وادي عربة وكلتا المدينتين تقعا على رأس خليج العقبة المتفرع من البحر الأحمر.
تعتبر العقبة المنفذ البحري الوحيد للأردن على العالم لذلك تعتبر المنطقة سياحية بامتياز، وقد ساهمت العديد من العوامل في ذلك ؛ مثل الجو الحار في الصيف والدافئ في الشتاء ، كذلك كونها مدينة تقع على البحر الاحمر ، حيث تنتشر فيها الفنادق والمنتجعات والاماكن الترفيهية ، ناهيك عن كونها مدينة عصرية بكل المقاييس حيث تمتد فيها الاسواق والمقاهي والتي تشكل مركز للزوار المدينة سواء من الداخل والخارج .
وعلى مقربة من العقبة يقع وادي رم على شمال المدينة حيث يعتبر مقصدا لهواة التخييم والمغامرة وهو ذات طبيعة صحراوية وكذلك محمية طبيعية تجذب السائحين من كل اقطار الدنيا.

العقبة كمدينة اقتصادية خاصة

أنشئت منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة كمنطقة حرة عام 2001 بناء على توجيه من العاهل الاردني عبد الله الثاني ، وكانت التوجه ان تكون منطقة اقتصادية بشروط خاصة ،لتشكل نقطة الانطلاق نحو خلق مركز إقليمي متطور في موقع استراتيجي من الشرق الأوسط .
ان اطلاق منطقة العقبة الاقتصادية قبل نحو 15 عاما تعتبر خطوة ذكية نحو تركيز اقتصاد هذه المنطقة الاقتصادية على خلق ميزة تنافسية للمنطقة؛ فقد وفر الموقع الاستراتيجي المطل على البحر الاحمر والمنفتح على عدد من القارات ان تكون منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة محوراً لوجستياً عالمي عن طريق بناء الموانئ والمطارات والسعي الحثيث لربطها بشبكة مواصلات متميزة ودورها في دفع عجلة التنمية للاقتصاد الاردني ناهيك عن دورها في نهضة المدينة وتعزيز دخل السكان وايجاد فرص العمل والمشاركة في زيادة الناتج المحلي.
وقد جاء إنشاء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة لمواجه محدودية موارد الاقتصاد الأردني من خلال زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل عن طريق بناء البيئة الاستثمارية النموذجية المنافسة والضرورية ، لجذب حجم كبير من الاستثمارات الأجنبية والمحلية المباشرة.
وكانت الرؤية ان تصبح العقبة منطقة تنموية استثمارية متعددة الأنشطة الاقتصادية و منطقة حرة معفاة من الرسوم الجمركية و معظم الضرائب. لذلك تم ايجاد بيئة استثمارية من خلال تطبيق أنظمة إدارية عالية الفعالية والتعامل من خلال نافذة استثمارية واحدة وذلك بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز دور القطاع الخاص في العملية التنموية بالمشاركة في تطوير منطقة العقبة و الإقليم بما في ذلك توفير خدمات البنية التحتية وأي خدمات عامة والسعي لان تكون منطقة اقتصادية خاصة بامتياز .

PC_Content_aqaba port_1916_IMG
و حققت منطقة العقبة الكثير من النجاحات منذ اطلاقها حيث شهدت دخول استثمارات بمليارات الدولارات متجاوزة في ذلك التوقعات التي وضعت في البدايات لتحقيقه عام 2020 بنسبة 133 في المئة .واستطاعت ان تجذب الكثير من الاستثمارات الاجنبية والعربية شركات لوجستية عالمية مثل ايه بي إم تيرمينالز واجيليتي للاستثمار في مجال الخدمات اللوجستية، ومشروع مرسى زايد ، مشروع سرايا العقبة السياحي ،ومشروع واحة أيلة ،والمدينة الصناعية ،بالإضافة الى عشرات المشاريع الاقتصادية والتجارية والسياحية .
ختاما يمكن القول ان طبيعة الظروف التي تعيشها منطقة والشرق الاوسط اليوم خصوصا بعد ظهور الثورات العربية او ما اطلق عليه اسم “الربيع العربي” وما خلفه من هزات وخسائر على اقتصاديات المنطقة ككل ، اثبت اهمية التجربة الاردنية بأنشاء منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وهو ما أكدته الدلائل والمؤشرات الاقتصادية الحديثة بأن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، حققت قفزات نوعية في حجم ونوعية الاستثمارات العربية والاجنبية لتكون نموذجا يقتدى به في تطوير الاقتصاد الوطني ليكون مزدهراً ومنفتحاً على الأسواق الإقليمية والعالمية .

عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية