واشنطن- تجد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن نفسها عاجزة عن التحرك أمام تكرار الهجمات الحوثية على حلفائها في المنطقة، في وقت يقول محللون ومراقبون سياسيون إن تلك الهجمات تستهدف في جانب كبير منها إظهار تخبط الولايات المتحدة وقلة حيلتها بسبب استراتيجية بايدن الذي يريد إنهاء الحرب في اليمن عبر الضغط على السعودية وإطلاق أيدي إيران والمتمردين الحوثيين.
وباتت واشنطن على قناعة بأن الحوثيين لا يأبهون بالبيانات التي يصدرها البيت الأبيض ليعرب عن قلقه أو يظهر تعاطفه مع حلفاء بالمنطقة تعرضوا لهجمات حوثية.
كما أن خطة الولايات المتحدة القائمة على العقوبات المالية لا تعني الكثير للمتمردين الذين يحصلون على الدعم المالي والعسكري من إيران عن طريق التهريب وبعيدا عن الشبكات والقنوات التقليدية.
وطالب دبلوماسيون ومسؤولون سابقون إدارة بايدن بتغيير استراتيجيتها تجاه الحوثيين الذين لا يعطون قيمة للقنوات الدبلوماسية سواء أكان ما تجلبه وعودا أم ضغوطا، وأن الوقت قد حان للبدء باستراتيجية جديدة تقوم على إظهار الحزم.
وقال جيرالد فيرستين، سفير إدارة باراك أوباما في اليمن من 2010 إلى 2013، “ما أتمناه هو أن تكون إدارة بايدن قد أدركت الآن أن الاستراتيجية التي تبنتها في فبراير 2021 لم تنجح”، وبالتالي فإن مسؤولي البيت الأبيض “في حاجة إلى تغيير نهجهم”.
والأربعاء قالت وكالة أسوشييتد برس الأميركية إن واشنطن تدرس إمكانية فرض عقوبات جديدة على جماعة الحوثي خلال الأسبوع الجاري.
ولم تعد استراتيجية الاحتواء وأسلوب الترغيب والترهيب قادرين على التأثير في الحوثيين طالما أن واشنطن أفهمتهم بردودها الدبلوماسية المرتبكة أنها لن تتدخل بشكل مباشر لوقف هجماتهم، وأن أقصى ما تقدر عليه هو إظهار وقوفها إلى جانب حلفائها.
وقالت فاطمة أبوالعصار محللة شؤون اليمن والخليج بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن إن الحوثيين “يشعرون بأنهم يستطيعون الإفلات ممّا يمكنهم فعله الآن لأنه سيكون كارثيا إذا تدخلت الولايات المتحدة أو دول أخرى”.
وبعد أن نفّذ الحوثيون أولى هجماتهم على الإمارات قال بايدن للصحافيين الشهر الماضي إنه يفكر في إعادة الحوثيين إلى قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية، وهو التصنيف الذي أعلن عنه الرئيس دونالد ترامب في أيامه الأخيرة في منصبه.
وأطلقت خطوة بايدن بالتراجع عن التصنيف أيدي المتمردين الحوثيين وشجعتهم على التقدم ميدانيا للسيطرة على مدن ومواقع استراتيجية. كما أشعرتهم بأنهم قوة لا يستهان بها، ولأجل ذلك لم يستجيبوا لمحاولات الحل السياسي بما في ذلك التي قدمها المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ.
وأضافت أبوالعصار أن العقوبات الفردية على قادة الحوثيين على الأقل سيكون لها تأثير يثير قلق هؤلاء الأفراد مما يجعلهم يدركون أن الولايات المتحدة كانت على دراية بهويتهم، وربما تفكر في استهدافهم.
ويعتقد المراقبون أن هناك مؤشرات على تغيير في الاستراتيجية الأميركية المهادنة للحوثيين وإيران، وذلك بعد التحرك الميداني للمساعدة في إفشال الهجمات على الإمارات والتصدي لها من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية قرار واشنطن إرسال طائرات مقاتلة ومدمّرة تحمل صواريخ موجّهة إلى أبوظبي للمساعدة في التصدي لهجمات المتمردين الحوثيين.
وجاء الإعلان في بيان صادر عن البعثة الأميركية في الإمارات الأربعاء، ويهدف إلى دعم الإمارات “في مواجهة التهديد الحالي”، في إشارة إلى الحوثيين، ويلي اتصالا هاتفيا جرى الثلاثاء بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
جيرالد فيرستين: ما أتمناه هو أن تكون إدارة بايدن قد أدركت الآن أن الاستراتيجية التي تبنتها لم تنجح
وقال بيان البعثة الأميركية إنّ أوستن والشيخ محمد بن زايد بحثا “مجموعة من الإجراءات التي تتخذها وزارة الدفاع لدعم الإمارات العربية المتحدة”.
ويشمل ذلك “إرسال المدمّرة حاملة الصواريخ الموجهة للبحرية الأميركية ‘يو أس أس كول’ للتعاون مع البحرية الإماراتية قبل التوقف في ميناء في أبوظبي”، من دون أن يوضح البيان تاريخ تحرّك المدمّرة.
كما أبلغ الوزير الأميركي الشيخ محمد بن زايد “بقراره نشر طائرات مقاتلة من الجيل الخامس لمساعدة الإمارات في مواجهة التهديد الحالي”.
ويشمل التعاون كذلك “الاستمرار في تقديم معلومات استخباراتية للإنذار المبكر، والتعاون في مجال الدفاع الجوي”.
وأكد بيان البعثة الأميركية أن إرسال المدمرة والطائرات للإمارات “إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الإمارات كشريك استراتيجي طويل الأمد”.
وكان بايدن حدّ من الدعم الأميركي للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، في تراجع عن سياسة سلفه ترامب التي تمثلت في تقديم مساعدة لوجستية إلى التحالف.
ومع ذلك، أعلنت واشنطن في نوفمبر الموافقة على بيع أسلحة بقيمة 650 مليون دولار تشمل صواريخ جو – جو للسعودية لمساعدتها على صد هجمات الحوثيين بطائرات مسيّرة، فيما تخوض الإمارات مفاوضات شاقة لتسلّم طائرات “أف – 35” بعد اتفاق بلغت قيمته 23 مليار دولار.
والأسبوع الماضي، أكّد مسؤول إماراتي رفيع لوكالة فرانس برس أنّ تهديد المتمردين اليمنيين لدولة الإمارات “لن يصبح الواقع الجديد”، مشدّدا على قدرة بلاده على التصدّي لأيّ هجوم وسعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستمر.
وقال “تمتلك الإمارات قدرات دفاعية بمستويات عالية وتسعى باستمرار لتحديثها”، مضيفا “بالإضافة إلى التحديثات السنوية، تعمل الإمارات مع شركائها الدوليين للحصول على أنظمة وتكنولوجيا متطورة لردع ومكافحة التهديدات لأمننا القومي”.
العرب