استفاقة غربية حيال الخطر المتعاظم لإيران على مصالحهم في المنطقة

استفاقة غربية حيال الخطر المتعاظم لإيران على مصالحهم في المنطقة

يشكل التحرك الفرنسي والأميركي لدعم جهود الإمارات في التصدي للهجمات التي تتعرض لها من قبل المتمردين الحوثيين وغيرهم من الجماعات الموالية لإيران، خطوة لتدارك التساهل الذي طبع تعاطي الغرب مع التهديدات الإيرانية.

أبوظبي – انضمت فرنسا إلى الولايات المتحدة في تعزيز المنظومة الدفاعية للإمارات العربية المتحدة، بعد الهجمات التي تعرضت لها الدولة الخليجية الحليفة، من قبل ميليشيات موالية لإيران.

ويعكس التحرك الفرنسي والأميركي استفاقة غربية من الخطر الإيراني المتعاظم على مصالحها، والذي كان ينظر إلى التحذيرات منه على أنها مجرد تضخيم وهواجس لا ترتقي إلى التهديد الفعلي.

وقالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية الجمعة إن فرنسا ستعزز منظومة الدفاع الجوي الإماراتية. وكتبت الوزيرة فلورنس بارلي على تويتر “كانت الإمارات ضحية لهجمات خطيرة على أراضيها في يناير. ولإظهار تضامننا مع هذا البلد الصديق، قررت فرنسا تقديم الدعم العسكري، لاسيما لحماية المجال الجوي، في مواجهة أي اعتداء”.

وترتبط باريس بعلاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع أبوظبي ولديها قاعدة عسكرية دائمة في العاصمة الإماراتية. وفي ديسمبر الماضي أبرمت فرنسا صفقة ضخمة لبيع نحو ثمانين طائرة مقاتلة من طراز “رافال” للإمارات، وهي أكبر صفقة بيع خارجية لطائرة حربية فرنسية على الإطلاق.

وتعرضت الإمارات لثلاث هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ خلال الأسبوعين الماضيين، أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن اثنتين منها، بما في ذلك هجوم استهدف قاعدة تستضيف قوات أميركية. وتم إحباط الهجوم بصواريخ باتريوت أميركية الصنع مضادة للصواريخ.

وزارة الخارجية الأميركية أقرت عدة صفقات محتملة لبيع أسلحة لحلفاء بالشرق الأوسط من بينهم الإمارات والسعودية

وتبنى فصيل عراقي يطلق على نفسه ألوية الوعد الحق الهجوم الثالث بطائرات مسيرة واستهدف أبوظبي الأربعاء الماضي، في تحول وصفه محللون بالخطير على مستوى تحرك الميليشيات الموالية لإيران.

وقالت وزارة القوات المسلحة الفرنسية إن الاتفاقية المبرمة مع أبوظبي ستتضمن تنفيذ عمليات من قاعدة الظفرة الجوية تشمل التزود بالوقود وعمليات تتعلق بقدرات إطلاق الصواريخ من الأرض لإسقاط أهداف في الجو.

وأوضحت الوزارة أن “خطط عمليات الطائرات موضوعة بالفعل.. بالتنسيق مع القوات الجوية الإماراتية لكشف وإحباط هجمات الطائرات المسيرة أو صواريخ كروز التي تستهدف الإمارات”.

وأشار مسؤولون فرنسيون إلى أن مهمات التزود بالوقود والمراقبة المنتظمة التي تقوم بها طائرات رافال المقاتلة ستتم فوق الأراضي الإماراتية فقط.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري أعلنت الولايات المتحدة عن قرارها بنشر طائرات مقاتلة متطورة ومدمرة صواريخ في الإمارات، لدعمها ضد الهجمات. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن القرار يشمل إرسال مدمرة الصواريخ الموجهة “يو.إس.إس كول” التابعة للبحرية الأميركية، وطائرات مقاتلة من الجيل الخامس.

ويرى مراقبون أن التحرك المستجد للقوى الغربية هو محاولة لتدارك التعاطي السلبي إزاء التهديدات التي تشكلها طهران والتي لا تختصر في مساعيها لامتلاك القنبلة النووية، بل تتجاوزها لتشمل هذه التهديدات الترسانة الصاروخية والجماعات الإرهابية التي تحولت إلى تحد حقيقي لا يستهدف فقط دول المنطقة بل والمصالح الغربية أيضا.

ومنذ وصول إدارة جو بايدن منذ عام إلى السلطة ركزت الولايات المتحدة وباقي القوى الغربية اهتمامها على سبل ترويض طهران ودفعها إلى طاولة المفاوضات بشأن ملفها النووي، متجاهلة التحديات الأخرى التي تفرضها إيران.

وشكل التعاطي الأميركي المتردد وغير الحازم مع المتمردين الحوثيين وإقدام واشنطن في فبراير الماضي على شطبهم من لائحة الإرهاب، بمثابة ضوء أخضر للمتمردين للتصعيد الميداني في اليمن ورفضا لأي حلول للسلام.

وقال المحلل السياسي والباحث البريطاني كون كوفلن، أحد كبار زملاء معهد جيتستون الأميركي، ومحلل الشؤون الدفاعية بصحيفة ديلي تليغراف، إنه يتعين على إدارة بايدن أن تشعر بالخجل إزاء قراراتها، في أعقاب الهجمات الخطيرة التي شنها الحوثيون ضد أحد أهم حلفاء واشنطن في الخليج.

وأضاف كولن في تحليل نشره معهد جيتستون أن خبراء الأمن في الخليج يقولون إن الحوثيين زادوا من هجماتهم ضد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، والذي يضم الإمارات، والتي شملت مؤخرا استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة التي زودتهم بها إيران، الداعم العسكري الرئيسي لهم.

وذكر كولن أنه أثناء زيارة قام بها مؤخرا للمنطقة أبلغه مسؤول أمني خليجي كبير أنه بعد القرار الأميركي بحذف تصنيف الحوثيين من لائحة المنظمات الإرهابية “من الواضح أنهم اعتقدوا أن بإمكانهم استئناف عملياتهم الإرهابية، لأنه ليس لدى أحد استعداد لإيقافهم”.

وأدى التصعيد المتزايد في هجمات الحوثيين، في وقت يفترض فيه مشاركة داعمتهم إيران في جهود دبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، في فيينا، إلى أن تجدد الإمارات والمجتمع الدولي مطالبة إدارة بايدن باتخاذ موقف أكثر حزما مع الحركة الإرهابية.

تحرك القوى الغربية هو محاولة لتدارك التعاطي السلبي مع تهديدات طهران والتي لا تختصر في مساعيها لامتلاك القنبلة النووية

وطلب قادة الإمارات وغيرهم من قادة الخليج من بايدن علانية إعادة فرض التصنيف الإرهابي بالنسبة إلى الحوثيين، وهي خطوة يقول المسؤولون الخليجيون إنها ستؤدي في النهاية إلى عرقلة محاولات إيران لتزويد الحوثيين بأسلحة متطورة.

ويمثل العنف الحوثي المتزايد ضد الإمارات إحراجا بالغا لإدارة بايدن، التي اتخذت قرار حذف التصنيف الإرهابي ضد الحوثيين على أمل دفعهم للتوقف عن أنشطتهم الإرهابية. كما كان بايدن يأمل في أن تعتبر إيران هذه الخطوة بادرة حسن نوايا، وأن تدفعها لاتخاذ موقف أكثر إيجابية في محادثات فيينا.

وأوضح كولن أنه لم يتحقق ما كان يأمله بايدن، ولكن حدث العكس. ومن ثم فإنه من المهم في هذه الظروف أن تعترف إدارة بايدن بأنها ارتكبت خطأ أساسيا بحذفها تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وأنه يتعين عليها اتخاذ إجراء فوري لإعادة التصنيف.

وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على واشنطن تلبية طلب الإمارات، وطلب الدول الخليجية النفطية الأخرى المستهدفة بتزويدها بإمكانيات دفاعية قوية للتصدي للحوثيين.

وأعلن البنتاغون الخميس أن وزارة الخارجية أقرت عدة صفقات محتملة لبيع أسلحة لحلفاء بالشرق الأوسط من بينهم الإمارات والسعودية.

وأوضح البنتاغون أن الخارجية الأميركية وافقت على بيع الإمارات قطع غيار بقيمة 30 مليون دولار من أجل أنظمة الدفاع الصاروخي هوك.

العرب