تتصاعد حدة الخلافات بين الأحزاب والكتل السياسية العراقية بعد مضي 125يوما على إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الاول عام 2021 في ضوء عدم الاتفاق على رؤية سياسية واضحة وآفاق مستقبلية لقيادة البلاد في خضم الصراعات والأزمات التي يعيشها العراق ويكابدها أبناء شعبه منتظرا عملية التغيير والإصلاح والشروع نحو المستقبل .
تبقى صورة الخلاف قائمة وتحيطها حالة الانقسام السياسي رغم الحوارات واللقاءات المستمرة على مستوى قيادات الأحزاب والشخصيات السياسية وتقديم المبادرات إلا أنها لم تفضي إلى شئ ملموس يحقق نتائج متقدمة تخدم مسيرة العمل السياسي المشترك ووضع أسس رصينة لبداية جيدة من التفاعل والانسجام ، وهذا يتأتى من طبيعة المشهد السياسي العراقي والتجارب القاسية التي مرت على البلاد منذ تشكيل سبع حكومات متعاقبة لم تستطع جميعها ادراك حجم المخاطر التي تحيط بها ولم تعمل على وضع آليات دقيقة لمواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين آفاق الحياة المعاشية للمواطن العراقي وتسخير ثرواته وتفعيل طاقاته لتحقيق آفاق ونتائج إيجابية على الصعيدين السياسي والاقتصادي خدمة للمصالح العليا للعراق .
يمكن لنا أن ننظر لنتائج الانتخابات العراقية الأخيرة انها أفرزت عدة حالات ومظاهر جديرة بالاهتمام أبرزها النتائج التي فاجأت بعض التيارات والأحزاب السياسية والتي كانت تتوقع أفضل منها لكي تتمكن من قيادة البلاد، ثم ظاهرة الاختلاف في المعايير الأساسية لتشكيل الحكومة القادمة واعتبار هذا الأمر شأن عراقي خالص دون أي تدخلات إقليمية ودولية وفرض ارادات ومصالح تخدم بلدان وأقطار لها مشاريعها السياسية والاقتصادية داخل العراق واستحضار الثوابت الوطنية والالتزامات المبدئية التي اتسمت بها أحزاب وتيارات سياسية كان أبرزها التيار الصدري بقيادة السيد مقتدى الصدر بعد حصوله على 73 مقعدا نيابيا في مجلس النواب العراقي والذي أعطى مفهوما حقيقيا لكيفية الحفاظ على المصالح العليا للشعب العراقي والتمسك بوحدة البلاد والثوابت الوطنية ورفض جميع الإملاءات التي وجهت إليه أو الرسائل التي تلقاها من وسطاءسياسين او مبعوثين إيرانيين اخرها لقائه مع اسماعيل قاأني قائد فيلق القدس والذي أكد فيه السيد الصدر رؤيته السياسية لتشكيل حكومة أغلبية وطنية ورفض مشاركة بعض الشخصيات السياسية المتحالفة مع الإطار التنسيقي ومنح الفرصة للعراقيين لحل مشاكلهم والتوصل إلى حلول جذرية تخدم مسيرة الشعب وتعزز وحدته الوطنية وتمكنه من التغلب على المصاعب والأزمات التي يواجهها والاحتفاظ بقراره السياسي المستقل ورؤيته بعدم التدخل باي صراعات دولية وإقليمية وان لا تكون الارض العراقية مسرحا لأي عمليات عسكرية من الممكن أن تحصل مستقبلا بين أي من هذه الأطراف، وهذا الموقف الذي تمسك به التيار الصدري وابلغه للايرانيين يمثل التوافق السياسي والتحالف الجمعي مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وكتلة السيادة الذي أصبح أكثر ثباتا ورسوخا في تنفيذ مشروعه في التغيير والإصلاح وتشكيل الحكومة المقبلة على أسس وثوابت وطنية والمضي نحو اختيار رئيسا للبلاد وتحقيق الأغلبية الاي تحقق إرادة الشعب وتمنح الآفاق المستقبلية لصورة للحكم القادم وحل الأزمات التي تعصف بالمجتمع العراقي وتحديد مفهوم العلاقات الدولية القائمة على المصالح المشتركة بعيدا عن التبعية السياسية واحترام القرار الوطني العراقي وتعزيز مفهوم السيادة وحماية الأمن الوطني والقومي البلاد والإسراع بتنفيذ الخطوات القادمة للحفاظ على أمن العراق بعيدا عن أي انزلاقات أمنية ومواجهات مسلحة والعمل بشكل جدي ومنظم لاختيار رئيس وزراء للحكومة الجديدة وفق المعايير الأساسية التي تخدم عملية الإصلاح والبناء وجعل مصلحة الشعب فوق كل الاعتبارات والمصالح الفئوية للاحزاب والكتل السياسية والحفاظ على أمن وسلامة العراق ومواجهة الأعمال الإرهابية والتخريبية التي بدأت عناصرها تستغل حالة الصراع والخلاف السياسي لا شعال نار الفتنة بين أبناء الشعب العراقي، والعمل لتحقيق النتائج والنجاحات التي تخدم مسيرة العمل السياسي والمضي نحو مستقبل أفضل لأبناء الشعب العراقي.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية