سعر صرف الدينار العراقي يتحول إلى أزمة سياسية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي

سعر صرف الدينار العراقي يتحول إلى أزمة سياسية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي

تحولت  أزمة سعر صرف الدينار العراقي إلى أزمة سياسية بين التيارالصدري وقوى الإطار التنسيقي لاسيما بعد طلب النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي، التابع للتيار الصدري، إصدار قرار بمنع السفر عن وزير المالية علي عبدالأمير علاوي.

ونددت قوى تابعة للإطار التنسيقي بالخطوات المتخذة بحق وزير المالية، ملمحة إلى أن الأمر لا يخلو من حسابات سياسية ودوافع شعبوية للتيار الصدري، حيث أن قرار الوزير بخفض سعر الصرف تم بمباركة من البرلمان السابق ومن معظم القوى السياسية المتنفذة، بما في ذلك التيار نفسه.

في المقابل أعرب جزء كبير من الشارع العراقي عن مساندته للتيار الصدري في إثارة قضية سعر الصرف، التي تأذى منها المواطنون كثيرا بفعل ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، داعيًا إلى ضرورة مراجعة قرار خفض سعر الدينار.

وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب وجه السبت طلبا إلى الادعاء العام لإصدار قرار بمنع سفر وزير المالية علي علاوي، بسبب ملفات قال إنها متعلقة بـ”مخالفات مالية وقانونية”.

وجاءت خطوة الزاملي عقب امتناع وزير المالية عن حضور الجلسات النيابية اعتراضا على أسلوب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بعد دعوة الأول إلى حضور الوزير فورا للبرلمان، عبر تغريدة في تويتر.

إياد علاوي: تغيير سعر الصرف تم بعد مشاورات مع جميع الكتل

وشمل الطلب ذاته طلب الزاملي من الادعاء العام “اتخاذ الإجراءات القانونية لمنع الوزير من السفر حفاظا على المال ولحين حسم ملفات متعلقة بمخالفات مالية وقانونية، في ظل امتناعه عن الحضور للمجلس”، دون تفاصيل أكثر.

وكان البرلمان طلب من وزير المالية علي علاوي في وقت سابق الحضور لمناقشة سعر صرف الدينار العراقي، غير أنه امتنع للمرة الثانية بسبب قصر المدة الممنوحة له للتعليق.

وتأتي استضافة وزير المالية من قبل النائب الأول لرئيس مجلس النواب بعد يومين على مطالبة مقتدى الصدر البرلمان بالتحقيق مع مصارف تابعة لجهات سياسية متورطة في مخالفات مالية وقانونية، واستدعاء الوزير، ورفض الأخير أن يتم التعبير عن إرادة الحكومة من خلال تغريدات.

ووزير المالية علي علاوي مستقل، ويحمل إلى جانب الجنسية العراقية الجنسيتين الأميركية والبريطانية، وشغل منصبيْ وزير التجارة ووزير الدفاع بعد عام 2003.

وقررت الحكومة العراقية في موازنة 2021 خفض قيمة الدينار بواقع 1450 ديناراً لكل دولار أميركي، بعد أن كان 1182 ديناراً لكل دولار، وذلك لمواجهة الأزمة المالية وتدهور الاقتصاد المحلي. وتسبب القرار في أزمة على المستوى المحلي، اذ ارتفعت أسعار السلع والبضائع في الأسواق المحلية، وألحقت أضرارا بالطبقة الكادحة.

وشهدت مختلف المحافظات العراقية احتجاجات واسعة مناهضة لقرار خفض قيمة الدينار العراقي.

ودخل مقتدى الصدر، الذي يستعد لتولي تياره قيادة دفة المرحلة المقبلة في العراق، على خط هذه الأزمة من خلال الدعوة إلى مراجعة القرار مع ضرورة استجواب الوزير.

وتتضارب المواقف في العراق بين من يرى أن مبادرة التيار الصدري تندرج ضمن برنامج الإصلاح الذي أعلن عنه وبين من يعتبر أن تحركات التيار لا تعدو كونها خطوة شعبوية، يستهدف من خلالها كسب الشارع.

وانتقد زعيم ائتلاف الجبهة الوطنية إياد علاوي الأحد قرار البرلمان بشأن منع سفر وزير المالية علي عبدالأمير علاوي، مؤكداً أن هذا الأمر من صلاحيات السلطة القضائية في البلاد حصرا.وقال علاوي في بيان إن “تغيير سعر صرف الدولار جاء بعد مشاوراتٍ مع جميع الكتل التي شاركت في الحكومة وبالتالي محاولة التنصل من مسؤولية هذا القرار أو رميها على الآخرين لن تنطلي على الشعب”.

واعتبر علاوي أن “أوامر منع السفر تصدر بحق المدانين أو المتورطين بشبهات الفساد والجريمة من قبل السلطة القضائية، ولا يمكن أن تخضع للأهواء والأمزجة ولن تخيف الكفؤ والنزيه مثل علي علاوي خاصة أنه طلب من رئيس مجلس النواب عقد جلسة لمجلس النواب والتصويت على الثقة عليه كوزير والسماح له بإلقاء كلمة عن الاقتصاد وسعر الصرف”.

من جهته أبدى رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية عطوان العطواني الأحد استغرابه من صمت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بشأن سعر صرف الدولار وما رافقه من سجال بين البرلمان ووزير المالية.

وقال العطواني في تصريحات صحافية إن “صمت رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تجاه التهجم على وزير في فريقه وأزمة الدولار مقلق لجميع الأطراف السياسية”.

وأضاف أن “خلط الأوراق وإلقاء التهم جزافا غير صحيح أبدا ويؤدي إلى أزمة سياسية جديدة ونتمنى أن يكون الاختلاف على البرامج لا على المناصب”.

وتأتي أزمة سعر الصرف في خضم توتر متصاعد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر، في ظل غياب التوافق حول تشكيل الحكومة والرئاسات الثلاث.

ويرى مراقبون أن أزمة سعر الصرف هي انعكاس لصراع إرادات بين التيار والإطار، مشيرين إلى أن وزير المالية هو ضحية هذا الصراع. ولفتوا إلى أن تحميل وزير مالية مسؤولية قرارات سبق وأن وافقت عليها القوى السياسية ليس سابقة.

وتزامن الجدل حول وزير المالية علي علاوي مع صدور حكم قضائي بالسجن سنتين بحق وزير المالية الأسبق رافع العيساوي مع وقف التنفيذ.

ويتعلق الحكم الصادر ضد العيساوي بإحدى القضايا السابقة التي تتعلق بالنزاهة عندما كان يشغل منصب وزير المالية.

وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن في يونيو من عام 2020 إطلاق سراح وزير المالية السابق رافع العيساوي بكفالة بعد انتفاء الأدلة الموجهة إليه وفق قضايا تتعلق بالإرهاب.

وتم توقيف العيساوي في العام 2020، وفتح تحقيق معه عن جرائم تتعلق بالإرهاب.

وشغل العيساوي الذي ينتمي إلى كتلة اتحاد القوى الوطنية العراقية (الائتلاف السُني) منصب وزير المالية في الحكومة العراقية بين عامي 2008 – 2014 حينما كان نوري المالكي رئيسا للوزراء، وقدم استقالته من منصبه قبيل انتهاء مهامه بعد اتهامه بدعم الإرهاب

صحبقة العرب