تفرض التحولات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم ضغوطها على دول مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي يتطلب من التكتل رؤية موحدة حيال المستجدات الطارئة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون استكمال تنفيذ اتفاق العلا.
الرياض – وجهت كل من السعودية والبحرين رسالة غير مباشرة إلى قطر بشأن ضرورة الإسراع في “إزالة الأمور العالقة” في اتفاق العلا. جاء ذلك في بيان مشترك نقلته وكالة الأنباء البحرينية (بنا)، مع ختام زيارة قام بها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الرياض الأربعاء، والتقى خلالها بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتلقي التحولات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم، سواء في علاقة بالمفاوضات الجارية حول نووي إيران والتي بلغت مرحلة حاسمة أو في ارتباط بالصدام الروسي – الغربي جراء الحرب في أوكرانيا، بظلالها على دول مجلس التعاون الخليجي؛ وهو ما يستدعي، وفق مراقبين خليجيين، تعزيز التعاون بين أعضاء هذا التكتل لمواجهة هذه التحولات وتداعياتها.
ويقول المراقبون إن أهم الخطوات هي استكمال تنفيذ اتفاق العلا، الذي دشن في عام 2021 لمصالحة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر من جهة ثانية، لكن هذا الاتفاق ظلت الدوحة تتعاطى معه بعقلية “نفعية”، وهو ما يظهر في تفاوت نسق عودة العلاقات بين قطر والدول المعنية.
ووفق البيان المشترك جرى خلال لقاءات ملك البحرين مع ملك السعودية وولي العهد بحث تعزيز العلاقات الثنائية ومستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم. وأكد الجانبان من خلالها على “مضامين إعلان العُلا الصادر في الخامس من يناير من العام الماضي”.
قطر اتخذت من اتفاق العلا معبرا لكسر المقاطعة الخليجية، لكنها تماطل في الإيفاء بالتزاماتها حياله
وذكر البيان أن الجانبين اتفاقا على “الإسراع في العمل الثنائي بين دول المجلس التعاون لإزالة كافة الأمور العالقة، بما يعزز تضامن واستقرار وأمن دول مجلس التعاون (…) وقوة وتماسك دول المجلس ووحدة الصف بين أعضائه”.
ولم يذكر البيان طبيعة تلك “الأمور العالقة”، غير أن المراقبين أشاروا إلى أن المقصود هو ضرورة تخلي قطر عن مراوغاتها والذرائع التي تسوقها للحيلولة دون تطبيع العلاقات مع البحرين.
وكان وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني نفى في الثامن عشر من فبراير الماضي ما تحاول قطر ترويجه عن وجود خلافات بينهما حول آليات التفاوض، وقال إن المنامة “ليس لديها خلاف حول آلية الحوار مع الدوحة بشأن القضايا العالقة طبقا لبيان العلا”، وإن بلاده وجهت الدعوة إلى قطر في ثلاث مناسبات لبحث هذه القضايا ولا تزال تنتظر الرد.
وجاءت تصريحات الوزير البحريني حينها ردا على نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن الذي قال في ندوة في مركز “تشاتم هاوس” في لندن إن “العلاقات مع البحرين متأخرة بعض الشيء، بسبب عدم اتفاقنا على الآليات التي ستوظف لحل الخلافات، ولكن هذا ليس بالضخامة التي يتم تصويرها”.
ويرى المراقبون الخليجيون أن قطر تتعامل مع إعلان العلا بشكل لا يخلو من انتهازية، فهي اتخذت منه معبرا لكسر المقاطعة الخليجية، لكنها تماطل في الإيفاء بالتزاماتها حياله، والتي تصب في النهاية في سياق تعزيز العمل الخليجي المشترك.
ويشير المراقبون إلى أن سياسات قطر الخارجية تتعارض في الكثير من الأحيان مع باقي محيطها الخليجي، مستدلين على ذلك بسعي الدوحة إلى إعادة تعويم إيران، مع اقتراب فرص التوصل إلى اتفاق نووي بينها وبين المجموعة الدولية.
وبدت الدوحة حريصة مؤخرا على تقديم طهران على أنها شريك يمكن للمجتمع الدولي الرهان عليه، وهو ما ظهر خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى قطر الشهر الماضي بمناسبة قمة الدول المصدرة للغاز، ولم تقم الدوحة أي اعتبار لمحيطها الخليجي الذي لا يخفي قلقه وهواجسه من نشاطات طهران ومحاولاتها الدؤوبة للإضرار به.
ويلفت المراقبون إلى التعاطي القطري أيضا مع الأزمة الأوكرانية حيث أنها رغم تبنيها لغة دبلوماسية محايدة نسبيا تحرص على تسويق أنها تقف ضمن “المعسكر الغربي” الذي تقوده واشنطن، على خلاف السعودية والإمارات اللتين تصران على جانب الحياد ليس فقط من خلال التصريحات بل وأيضا في مواقفهما من ناحية زيادة إنتاج النفط.
وأكد الملك حمد بن عيسى خلال زيارته إلى الرياض على الوقوف في صف واحد مع السعودية تعبيرا عن وحدة الهدف والمصير، وشدد على أن أمن السعودية جزء لا يتجزأ من أمن البحرين. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عنه قوله إن السعودية هي الركيزة الأساسية لأمن المنطقة واستقرارها وصمام أمانها في مواجهة المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها.
العرب