نواب المعارضة يردون على رسالة أمير الكويت بالمزيد من التصعيد

نواب المعارضة يردون على رسالة أمير الكويت بالمزيد من التصعيد

الكويت – رد عدد استثنائي من نواب البرلمان الكويتي على دعوة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح إلى عدم التعسف في استجواب الوزراء بالمطالبة بسحب الثقة من وزير الأشغال العامة علي الموسى، ما اعتبرته أوساط سياسية كويتية إمعانا في التصعيد وتعاملا مع خطوات التهدئة التي اعتمدها أمير البلاد للمساعدة في تهدئة الأزمة السياسية على أنها ضعف.

وتقدم 10 نواب (من مجموع 50 نائبا) بالطلب بعد يوم واحد من رسالة أمير البلاد التي نقلها رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم إلى النواب في جلسة خصصت لمناقشة تبعات الأزمة الأوكرانية.

وقالت الأوساط السياسية الكويتية إن الاستجوابات المتتالية للوزراء لا تعبّر فعلا عن رغبة في تحسين أداء الوزراء وتسليط الضوء على العاملين في الوزارات لإشعارهم بوجود رقابة قوية، وإنما هي أداة من أدوات صب الزيت على نار الأزمة السياسية المستحكمة في البلاد، وأضافت أن مجلس الأمة صار واجهة للصراعات والتحالفات التي تغذيها التجاذبات داخل الأسرة الحاكمة.

وأكدت هذه الأوساط أن تقديم طلب استجواب في حق وزير جديد، بعد يوم واحد من رسالة الأمير التي دعت إلى وضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار والابتعاد عن الصراعات وتفادي استخدام الأدوات الدستورية بشكل تعسّفي، هو موقف من الرسالة وتحد لرغبة الأمير، وتأكيد آخر على أن مجلس الأمة (البرلمان) لا يهتم بتشجيع المناخ النيابي والسياسي المساعد على تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

لعبة الاستجوابات وتصعيد السياسيين العائدين من الخارج تحدّ سافر لسلطة الشيخ نواف الأحمد قد يدفع إلى حل البرلمان

وتتسق دعوة النواب مع إشارات تصعيد أطلقها سياسيون كويتيون عادوا إلى البلاد بعد العفو عنهم وهم يتصورون أن الوضع السياسي الهش في الكويت يمثل فرصة جديدة لهم، وهو ما يعد تحديا سافرا لسلطة الشيخ نواف الأحمد، ومرحلة جديدة من مراحل استثمار المعارضة أزمة البلاد مما قد يؤدي إلى حل البرلمان.

وكان أمير الكويت ناشد في رسالته “أبناءه النواب تحاشي الصراعات الثانوية المبنية على المصالح الضيقة وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وتفادي استخدام الأدوات الدستورية في غير مكانها الصحيح وبشكل متعسف لا يراعي الظروف توقيتا ومواءمة”.

كما دعاهم إلى “التركيز على التعاون والتعاضد بين السلطتين حتى تمرّ البلاد من الأزمة العالمية الدقيقة بأمان وسلام”.

وتزامنت رسالة الأمير وطلب استجواب وزير الأشغال العامة مع الحكم القضائي بتبرئة رئيس الوزراء السابق جابر المبارك الصباح وثمانية آخرين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ”صندوق الجيش”، ما يوحي بوجود رغبة لدى الأسرة الحاكمة في التهدئة وتنقية الأجواء.

ويرى متابعون للشأن الكويتي أن الشيخ نواف الأحمد يبذل كل ما في وسعه من أجل جمع الكويتيين على أرضية واحدة هي التفرغ لمعالجة الأزمة المستحكمة التي تعيشها البلاد، وأنه يسعى لبناء الثقة بين مجلس الأمن والسلطة التنفيذية، لكن المعارضة البرلمانية ترى أن هذا الخطاب يعبر عن ضعف، وأن الفرصة متاحة أمامها لأن تصبح أقوى.

ويؤكد المتابعون أن النواب الذين عادوا من الخارج بعد أن تمتعوا بعفو أميري وجدوا أن الظروف مهيأة أمامهم للعودة إلى الواجهة وأن عليهم استغلال الفرصة، خاصة في ظل الخلافات داخل الأسرة الحاكمة ولجوء بعض الفاعلين في الأسرة إلى استقطاب بعض النواب وتوظيفهم ورقة ضغط باستهداف هذا الوزير أو ذاك ممن يحسبون على الشق المنافس لهم، أو استهداف بعض الوزراء الذين يريدون النجاح ولا يخضعون للضغوط والإغراءات.

ويشير هؤلاء إلى أن كثرة الاستجوابات وسيطرتها على عمل مجلس الأمة وصرف الأنظار عن مشاغل الكويتيين الحقيقية كلها عناصر تدفع باتجاه تأزيم الوضع وقد تقود إلى استقالة الحكومة الحالية، وربما حل البرلمان والإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها، محذرين من أن الانتخابات ستفقد قيمتها كما أن لا أحد سيصبح متحمسا للحصول على حقيبة وزارية أيا كانت الإغراءات التي تقدم له، وهو ما يعني أن الأزمة ستطول ولن تقدر السلطة على تطويق مخلفاتها في المدى المنظور.

وتسببت الاستجوابات في رحيل إحدى عشرة حكومة واستقالة وإعفاء ستة عشر وزيرا آخرهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي الصباح، ووزير الداخلية أحمد المنصور اللذان اعتراضا على “التعسف النيابي” في استخدام الاستجوابات، و”تعطيل” تحقيق مصالح الشعب، قبل أن يصدر في اليوم التالي مرسوم أميري بقبول الاستقالتين.

وينتقد النوّاب الفساد الحكومي باستمرار بينما يعرقلون الإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها، خاصة أن الاحتياطيات النقدية تجفّ. ولا تستطيع الدولة اقتراض المال أو فرض ضريبة مبيعات أو إصلاح رواتبها وإعاناتها المتضخمة بسبب المعارضة البرلمانية.

ويقول نشطاء على مواقع التواصل إن الكويتيين يعرفون المشاكل بتفاصيلها المملة، وهم لا يطلبون من مجلس الأمة ومن الوزراء إعادة عرض تلك المشاكل على الملأ وإنما البحث لها عن حلول وتجنب تحويلها إلى مادة لتصفية الحسابات وزيادة الرصيد الشعبي والانتخابي لهذا النائب أو ذاك.

ويعتبر هؤلاء النشاط أن توجيه الاستجواب لوزير الأشغال حول الأمر إلى ما يشبه اللعبة التي لا تتوقف، وأن الموسى لن يكون الأخير في قائمة ضحايا الاستعراضات البرلمانية.

ووفق وكالة الأنباء الرسمية “كونا”، أعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن تقدم 10 نواب بطلب لسحب الثقة من الوزير الموسى الأربعاء القادم.

وجاء طلب سحب الثقة عقب مناقشة المجلس استجوابا للوزير، قدمه النائب عبدالله المضف، في السادس عشر من فبراير الماضي، تضمن اتهامات بـ”التهاون في محاربة الفساد، والتخاذل في التعامل مع التقارير الرقابية، والتجاوز على الصلاحيات الدستورية”.

ونفى الوزير أثناء الاستجواب تلك الاتهامات، مؤكدا أنه “لم يتهاون في محاربة الفساد، ويتعامل مع التقارير الرقابية بما يقره القانون”، بحسب إعلام محلي.

العرب