ثلث التونسيين يعانون الفقر نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة

ثلث التونسيين يعانون الفقر نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة

قادت السياسات العمومية التي تبنتها الحكومات المتعاقبة في تونس خلال السنوات الأخيرة إلى تفاقم البطالة حيث باتت تشمل حوالي ثلث التونسيين ما أثار مخاوف من حدوث انفجار اجتماعي، خاصة في ظل التكهنات إزاء التداعيات المحتملة للحرب في أوكرانيا وغياب عدة مواد أساسية عن الأسواق التونسية وسط جهود من السلطات لمحاربة الاحتكار الذي قال الرئيس قيس سعيد إنه سيتم خوض “حرب بلا هوادة” ضده.

تونس – كشفت أرقام لدراسة أجراها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي) أن 4 ملايين تونسي يعانون من الفقر، في حصيلة تعكس فشل السياسات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ يناير 2011.

وجاءت هذه الأرقام بعد أيام قليلة من إعلان الحكومة التونسية عن نفس الرقم للأشخاص الذين يرزحون تحت وطأة الفقر، ما يشكل تحذيرا للحكومة من إمكانية تأزم الوضع الاجتماعي.

وكان وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي قد أعلن في الفاتح من مارس الجاري أن 963 ألف عائلة -تضم نحو 4 ملايين تونسي، من حوالي 12 مليونا إجمالي سكان البلاد- تعاني من الفقر.

وجاءت تصريحات الوزير التونسي خلال افتتاح ندوة حول النهوض بواقع الأخصائيين الاجتماعيين وإصلاح القطاع الاجتماعي، نظمتها وزارة الشؤون الاجتماعية بمدينة القيروان (شمال شرق) ونقلتها وكالة تونس أفريقيا للأنباء.

منير حسين: الوضع مهدد بالانفجار رغم الخطاب المطمئن للتونسيين منذ يوليو

وقدم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مجموعة من الإصلاحات من بينها إرساء نظام حوكمة جديد قائم على ضمان الحقوق مقابل القيام بالواجبات، وإرساء علاقة تعاقدية بين السلط الإدارية ومختلف الأطراف الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على تعميم الرقمنة إلى جانب تعزيز دور دائرة المحاسبات، وإرساء قواعد واضحة للفصل بين الإداري والسياسي، وتعزيز قدرة الإدارة على التخطيط الاستراتيجي واستباق الأحداث وضبط التوقعات بطريقة موضوعية.

وتُنذر هذه الأرقام حول الفقر -التي تأتي في وقت تشهد فيه تونس مسارا سياسيا انتقاليا يقوده الرئيس قيس سعيد منذ أن أطاح بالبرلمان في يوليو الماضي وأقال الحكومة- باحتقان اجتماعي خاصة في ظل الوضع العالمي الجديد الذي يزيد من مراكمة التحديات على البلد الذي يعتمد بشكل كبير في تأمين اكتفائه الغذائي على التوريد بالعملة الصعبة.

وقال منير حسين وهو عضو الهيئة المديرة في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إن “الوضع مهدد بالانفجار رغم الرسائل التي يبثها الخطاب السياسي منذ الخامس والعشرين من يوليو والتي طمأنت عددا لا بأس به من التونسيين”.

وتابع حسين في تصريح لـ”العرب” أن “كل المؤشرات تدل على أن الأزمة التي نعانيها تتعقد وتتعمق، وكل الإجراءات التي نتخذها لم تخفف الأزمة؛ قاعدة الفقر اتسعت تحت تأثير جائحة كورونا وغيرها، وثلث التونسيين يعانون الفقر ويجدون صعوبة في الحصول على حاجياتهم الأساسية”.

وأوضح أن “الخطاب السياسي بعد الخامس والعشرين من يوليو مطمئن جدا بالنسبة إلى الناس؛ خطاب يركز على الإصلاح ومحاربة الفساد، ومحاباة للفئات المتضررة من المنوال التنموي الذي وقع اعتماده، لكن هناك إشكاليات تتعلق بوضع ميزانية هذا العام وأيضا غياب الشفافية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، شروط الصندوق لا تراعي الفئات الهشة والمفقرة والطبقة الوسطى التي قد تتحول إلى عنوان بارز لتحركات اجتماعية”.

سهير العسكري: 10 سنوات شهدنا فيها سياسة تجويع وتفقير للشعب التونسي

وتحمّل أوساط سياسية تونسية السياسات التي تم انتهاجها في السنوات الأخيرة من قبل الحكومات المتعاقبة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع من تدهور يهدد بالانزلاق نحو مربعات أخرى.

وقالت النائبة في البرلمان المجمدة أعماله سهير العسكري إن “10 سنوات -من 2011 إلى اليوم- شهدنا فيها سياسة تجويع وتفقير للشعب التونسي، ومديونية، وقروضا لا يتم استغلالها وفقا لما هو مخطط لها، إلى جانب منوال تنموي لم يتغير وسط توقف الاستثمارات”.

وأوضحت العسكري في تصريح لـ”العرب” أن “هناك وزارات -مثل وزارة التجارة والمالية وغيرهما- مطالبة اليوم باتخاذ إجراءات عاجلة وإلا فإن الوضع سيتأزم أكثر في الأيام القادمة خاصة وأن تونس ليست بمعزل عن العالم، ستتأثر البلاد بما تشهده الساحة الدولية من توترات”.

وتعاقبت على تونس -منذ نجاح الثورة التي اندلعت عام 2011 في الإطاحة بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي- عدة حكومات لم تنجح في انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية الحادة وسط تجاذبات سياسية كادت تعصف باستقرار البلاد.

وبلغ عدد سكان تونس نحو 11 مليونا و708 آلاف و370 نسمة، وفق بيانات صدرت عن المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) في يناير 2020.

وتضمن قانون المالية لسنة 2022 زيادة منح العائلات المعوزة من 180 دينارا (61.85 دولار) شهريا إلى 200 دينار(68.7 دولار)، على أن يشمل هذا الإجراء 310 آلاف عائلة، وفق الوكالة الرسمية.

العرب