القانون لا يحمي المثليين والمتحولين جنسيا في العراق

القانون لا يحمي المثليين والمتحولين جنسيا في العراق

يتعرّض المثليون والمتحوّلون جنسيا في العراق لهجمات متصاعدة من قبل الجماعات المسلحة حيث لا توجد قوانين ولا تشريعات يمكن أن تحصنهم، ما دفع منظمة هيومن رايتس ووتش إلى اتهام تلك الجماعات بارتكاب انتهاكات تشمل الاختطاف والاغتصاب والتعذيب مع الإفلات من العقاب مستفيدة من تواطؤ قوات الأمن العراقية، وفق ما قال تقرير للمنظمة.

بغداد – يواجه المثليون والمتحولون جنسيا في العراق انتهاكات وثقتها تقارير حقوقية أشارت إلى ضلوع جماعات مسلحة تنضوي تحت لواء ميليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران في التنكيل بهذه الفئة.

وقالت امرأة متحولة جنسيا إن عدة رجال ضربوها وألقوا بها في صندوق قمامة وجرحوها وأشعلوا فيها النار قبل أن يتم إنقاذها. وقال رجل مثليّ إن صديقه قتل أمام عينيه. وجرحت امرأة مثليّة في ساقها وقالت إنها تلقت تحذيرا لوقف “سلوكها غير الأخلاقي”.

كانت هذه الروايات جزءا من تقرير تتهم فيه هيومن رايتس ووتش الجماعات المسلحة في العراق باختطاف المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية واغتصابهم وتعذيبهم وقتلهم مع الإفلات من العقاب. وتقول إن الحكومة العراقية فشلت في محاسبة الجناة.

وصدر التقرير عن المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها بالتعاون مع جمعية إيراكير العراقية لحقوق المثليين والمتحولين جنسيا يوم الأربعاء. ويتهم التقرير الشرطة العراقية وقوات الأمن بالتواطؤ في كثير من الأحيان في مضاعفة أعمال العنف ضد مجتمع الميم واعتقال الأفراد “بسبب المظهر غير المطابق”.

يرسم التقرير صورة لمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية محاصرين من اتجاهات متعددة. وتشمل “العنف الشديد” من أفراد الأسرة، والمضايقة في الشوارع، والاستهداف الرقمي والمضايقات من الجماعات المسلحة على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة بين المثليين.

وقالت رشا يونس، وهي باحثة حقوق مجتمع الميم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش ومؤلفة التقرير “أصبحت الهجمات ضد المثليين العراقيين متعددة الأوجه واتسعت أساليب الاستهداف”. وأشار التقرير إلى أن “الكثير من المثليين قالوا إنهم شعروا بأنهم مجبرون على إخفاء هويتهم للبقاء على قيد الحياة”.

وأشارت يونس إلى أن الأشخاص والمنظمات المدافعة عن حقوق مجتمع الميم يواجهون العنف والتمييز في معظم أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأكّدت أن معظم دول المنطقة لديها قوانين تجرم العلاقات المثلية.

وأضافت أن البعض يستخدم قوانين أخرى لاستهداف المثليين. وقالت إن ثقافة الإفلات من العقاب والغياب النسبي لسيادة القانون في العراق على وجه التحديد “تسمح للجماعات المسلحة بالإفلات من العقاب على العنف ضد العراقيين العاديين بمن فيهم المثليين”.

اتهامات للحشد الشعبي
ووفقا للتقرير، فإن الجماعات المسلحة التي يُشتبه في تورطها في انتهاكات ضد المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، تقع في الغالب تحت مظلة قوات الحشد الشعبي التي تدين بالولاء لإيران.

وقد نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا وقوع أي اعتداء من قوات الأمن على المثليين. كما رفض قائد متوسط ​​المستوى مع فصيل قوي داخل الحشد الشعبي الاتهامات، قائلا إن “أي عنف محتمل كان من عائلات المتضررين”.

واحتفظ تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان يسيطر في أوج قوته على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، بواحدة من أكثر أساليب القتل وحشية لمن يشتبه في كونهم مثليين برميهم من فوق أسطح المباني.

ويستند التقرير جزئيا إلى 54 مقابلة مع عراقيين من مجتمع الميم. وقد أجرت هيومن رايتس ووتش بحثها بين يونيو ونوفمبر من العام الماضي.

وفقا لهيومن رايتس ووتش فإن الجماعات المسلحة التي يُشتبه في تورطها في انتهاكات تنتمي في الغالب للحشد الشعبي

وقال اثنان من المثليين في بغداد (أحدهما ثنائي الميول الجنسية والأخرى مثلية) إنهما يخافان من مشاركة صورهما على تطبيقات المواعدة المثلية خوفا من استخدامها ضدهما.

وتحدث كلاهما بشرط عدم الكشف عن هويتهما خوفا من انتقام الجماعات المسلحة وعائلاتهما، وقالا إن الخوف من الابتزاز منتشر بين أفراد مجتمع الميم في العراق.

وقال الرجل العراقي، وهو مخرج يعيش في بغداد “عندما أختار أن أكون صريحا مع شخص أتساءل، هل يمكنني الوثوق به؟ هل سيستخدم هذا ضدي؟ لقد عشت في خوف كل يوم في حياتي منذ أن اكتشفت ميولاتي الجنسية”.

وقالت المرأة المثلية، وهي موظفة في سفارة أجنبية، إنها أخبرت القليل من الأصدقاء المقربين. وعندما سئلت عن أسوإ ما يمكن أن يحدث إذا أعلمت أسرتها، قالت “سيقتلونني”.

وتعتبر البنود “الأخلاقية” غير المعرفة جيّدا وغياب التشريعات المناهضة للتمييز من بين “الحواجز الهائلة” التي أشار إليها التقرير على أنها تمنع الأشخاص المثليين من إبلاغ الشرطة عن الانتهاكات أو تقديم شكاوى ضد وكلاء إنفاذ القانون. وأضاف أن هذا ما يخلق بيئة “يمكن فيها للشرطة والجماعات المسلحة أن تعتدي عليهم دون عقاب”.

وأضافت المرأة المتحولة، التي قالت في التقرير إن النيران أضرمت في جسدها واصفة الهجوم الذي تعرضت له العام الماضي، أن مهاجميها استخدموا شفرات حلاقة. وتابعت “كنت أصرخ وأصارع بسبب الحروق، لكنني تمكنت من حماية وجهي”.

وقال التقرير إن بعض المسؤولين في الحكومة العراقية والشخصيات الدينية أدلوا بتصريحات مناهضة للمثليين مما ساهم في تأجيج العنف ضد مجتمع الميم، مضيفا أن أعضاء الجماعات المسلحة بدأوا حملة عنف ضد الرجال المشتبه في سلوكهم الجنسي المثلي في 2009. وحثت اللجنة السلطات العراقية، من بين توصياتها، على التحقيق في تقارير عن أعمال عنف ترتكبها الجماعات المسلحة وقوات الأمن ضد أفراد مجتمع الميم المفترضين أو الفعليين، ومعاقبة من تثبت مسؤوليتهم.

العرب