تراخيص جديدة للتنقيب في بحر الشمال.. بريطانيا تسابق الزمن للاستغناء عن الغاز الروسي

تراخيص جديدة للتنقيب في بحر الشمال.. بريطانيا تسابق الزمن للاستغناء عن الغاز الروسي

لندن – تسابق الحكومة البريطانية الزمن من أجل زيادة إنتاجها من النفط والغاز، وإنهاء الاعتماد على النفط والغاز الروسيين، ولتحقيق هذا الهدف عاد الاهتمام الحكومي ببحر الشمال، للتنقيب فيه عن الغاز من جديد.

ورغم أن المملكة المتحدة تعدّ من أقل الدول الأوروبية اعتمادا على النفط والغاز القادمين من روسيا، فإن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أعلن عزم بلاده إغلاق الباب نهائيا أمام الصادرات الطاقية الروسية إلى الأبد.

ومباشرة بعد إعلان هيئة الترخيص للتنقيب في بحر الشمال نيتها إطلاق تراخيص جديدة للتنقيب عن الغاز تضاربت التوقعات حول قدرة مخزون بحر الشمال على تغطية احتياجات الغاز في حال عدم الاستيراد من روسيا.

كنز من الغاز
كشف رئيس هيئة الترخيص للتنقيب في بحر الشمال، في تصريحه لصحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) البريطانية، عن نية الهيئة السماح للشركات بالتنقيب عن الغاز في بحر الشمال من جديد، وذلك بعد توقف عن منح التراخيص منذ 2020.

وتقدم الهيئة البريطانية صورة متفائلة للاكتشافات التي يمكن العثور عليها في بحر الشمال، مؤكدة أنها جهزت الترخيص لأكثر من حقل ومن المتوقع انطلاق أعمال التنقيب فيها خلال هذه السنة.

يتزامن هذا القرار مع ترقب لإعلان الحكومة البريطانية عن إستراتيجية طاقية جديدة، الهدف منها تعزيز الاستقلالية الطاقية للبلاد، وجعل السوق المحلية بمنأى عن أي تقلبات خارجية لسوق الطاقة.

وفي العام الماضي نجحت بريطانيا في إنتاج 40% من احتياجاتها من الغاز عبر مصادرها المحلية، وفي المقابل تستورد 8% من احتياجاتها من النفط و4% من الغاز من روسيا، وذلك يعني أن المملكة قادرة على تغطية الصادرات الروسية.

حلم أم واقع؟
تحاول الحكومة البريطانية الدفاع عن قدرة بحر الشمال على توفير مزيد من الغاز والنفط للبلاد، وذلك للرد على مخاوف المدافعين عن البيئة الذين يقولون إن بحر الشمال من أكثر الأحواض في العالم التي بلغت مرحلة النضج لكثرة استغلاله، وإن معدل تراجعه السنوي يراوح بين 5% إلى 7%.

أما تحذيرات بعض العلماء فتؤكد أن عملية التنقيب والإنتاج في حال العثور على الغاز أو النفط قد تستغرق سنوات، ومع ذلك فهناك شركات نفطية متحفزة لبداية عملية التنقيب وفي مقدمتها عملاق النفط البريطاني “بريتيش بتروليوم” (BP).

وتحاول الحكومة البريطانية تهدئة مخاوف المدافعين عن البيئة، بكون الإستراتيجية الطاقية الجديدة سوف تضمن تعاملا أفضل من عمليات التنقيب، لكنها في المقابل تمنح صلاحيات تجاوز أي محاذير بيئية في حال كان الأمن الطاقي للبلاد في خطر.

لا خطوط حمراء
من بين التقنيات التي تتجه الحكومة البريطانية للعودة إليها لزيادة إنتاج الغاز تقنية تسمى “التكسير الهيدروليكي”، وهي تقنية تقوم على تكسير الصخور لتحفيز صعود الغاز أو النفط، وهذه التقنية مُنعت في بريطانيا منذ سنة 2019 لأنها قد تؤدي إلى تلويث المياه الجوفية والسطحية.

ويظهر أن الظرف الحالي الموسوم برغبة بريطانيا زيادة اعتمادها على مصادرها الطاقية دفعها إلى التراجع عن كثير من الخطوط الحمراء.

أرقام مغرية
تقدم شركات النفط والغاز في بريطانيا كثيرا من الأرقام المغرية لتحفيز الحكومة البريطانية على إطلاق عمليات التنقيب من جديد، وتؤكد الهيئة الممثلة لشركات التنقيب عن النفط والغاز في بريطانيا (UKOOG) أن البلاد تتوفر على احتياطي مهم من الغاز الصخري سيوفر للمملكة المتحدة كل احتياجاتها من الغاز لمدة 50 سنة القادمة عند العثور على 10% فقط من الاحتياطي المتوقع منه، حسب ما صرح مصدر عن ممثلي شركات التنقيب للصحافة البريطانية.

أما تقديرات هيئة تنظيم التنقيب في بحر الشمال فتشير إلى وجود 4.4 مليارات برميل من النفط تحت مياه المملكة المتحدة، مع إمكانية وجود 10 مليارات من الاحتياطيات التي من الصعب إثباتها، وسيكون لها تأثير على تقوية الأمن الطاقي البلاد.

النووي والرياح
تعدّ بريطانيا من الدول الرائدة في إنتاج الطاقة من المصادر النظيفة وخصوصا من طاقة الرياح، حيث وضعت المملكة خطة لرفع إنتاج طاقة الرياح إلى 4 أضعاف ليبلغ 40 غيغاواتا بحلول سنة 2030، إلا أن هناك تعثرا في بعض المشاريع قد يؤجل بلوغ هذا الهدف.

وتحاول الحكومة البريطانية تدارك قرار التخلي عن المحطات النووية التي كانت في السابق توفر للبلاد خمس احتياجها من الطاقة، ومن المتوقع أن تصبح كل المحطات النووية الست خارج الخدمة بحلول سنة 2030، وذلك يعني أن مجموع الإنتاج النووي سيبلغ 4.45 غيغاواتات، وهو نصف الإنتاج مقارنة ببداية العقد الحالي.

ولا تريد بريطانيا الدخول في منافسة مع الأوروبيين -الأكثر حاجة للغاز والنفط الروسيين- على الأسواق البديلة سواء في الخليج أو الولايات المتحدة، ولهذا تسعى لرفع نسبة اعتمادها على إنتاجها المحلي من الطاقة.

المصدر : الجزيرة