الرئيس العراقي يحذر من الانسداد السياسي ويدعو إلى الحوار

الرئيس العراقي يحذر من الانسداد السياسي ويدعو إلى الحوار

بغداد – حذر الرئيس العراقي برهم صالح، مساء السبت، من حالة الانسداد السياسي داعيا القوى السياسية إلى عقد حوار فاعل للخروج من أزمة انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة الجديدة، فيما وجه زعيم التيار الشيعي مقتدى الصدر رسالة إلى خصومه من الإطار التنسيقي بأنه لا عودة إلى “خلطة العطار” بشأن تشكيل الحكومة المقبلة.

وجاء ذلك عقب إخفاق البرلمان العراقي في جمع 220 نائبا من الحضور للتصويت على رئيس الجمهورية، بعدما لبّى 126 نائبا دعوة المقاطعة من الإطار التنسيقي، التحالف الشيعي الذي يضمّ كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح التي تنضوي تحتها فصائل موالية لإيران.

وقال صالح إن “انعدام التفاهمات الوطنية وعدم انعقاد جلسة مجلس النواب لاستكمال الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها المُحددة هو أمر مؤسف ومثير للقلق بعد مرور أكثر من 5 أشهر على إجراء الانتخابات المُبكرة”.

وشدد الرئيس العراقي على أن “استمرار حالة الانسداد السياسي وسط التحديات الجسام التي تواجه البلد بات أمرا غير مقبول”.

وأضاف أنّ “إجراء الانتخابات المبكرة لم يكن هدفا بحد ذاته، بل وسيلة للإصلاح وضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي وتحسين الأوضاع العامة في البلد، والاستجابة لمطالب العراقيين، وأن مجلس النواب الجديد المنبثق عن الانتخابات، يقع على عاتقه مسؤولية استثنائية كونه جاء بعد حراك شعبي وإجماع وطني واسع يطالب بتصحيح المسارات، وإنهاء الأزمات السياسية المستحكمة في البلد لا تكريسها”.

وأشار إلى أنّ “القوى السياسية اليوم أمام اختبار وطني حاسم، وأن الظروف العصيبة التي مرّت بالبلد والظرف الدقيق الراهن يفرض على الجميع مسؤولية تاريخية وعملاً استثنائياً في الخروج من الأزمة الراهنة، بروح الوطنية والتكاتف، والشروع في تلبية الاستحقاقات الوطنية بتشكيل حكومة مقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد، وتعزز سيادته واستقلاله، وتعمل على تلبية تطلعات العراقيين”.

ودعا الرئيس صالح جميع الأطراف السياسية العراقية إلى “حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة بلا تهاون أو تأخير، وتغليب مصالح العراق والعراقيين والأخذ في الاعتبار الظروف الإقليمية والمتغيرات الدولية والتحديات الداخلية الماثلة أمامنا، وخصوصا الأوضاع الاقتصادية الخطيرة، والتي تستدعي حرصاً على تمتين الجبهة الداخلية في سبيل الخروج من الأزمة الراهنة وبما يلبي طموحات المواطنين، الذين ينتظرون بترقب ونفاذ صبر تشكيل سلطات معبرة عن إرادتهم وتطلعاتهم في العيش الكريم الحر”.

وفي وقت سابق السبت، أجّلت رئاسة البرلمان العراقي، جلسة اختيار الرئيس إلى الأربعاء المقبل، بعدما قاطعها خصوم مقتدى الصدر السياسيين المنضوين في “الإطار التنسيقي” التي تضم قوى وفصائل شيعية مدعومة من إيران، إضافة إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي رشح مجددا الرئيس الحالي برهم صالح لشغل منصبه لولاية ثانية.

ورسميا، شارك 202 نائب في الجلسة، لاسيما من التحالف الذي يقوده التيار الصدري، أي أقلّ بـ18 نائبا من نصاب 220 الضروري للشروع بعملية الانتخاب.

ورغم إخفاق البرلمان في انتخاب رئيسا للجمهورية، أبدى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي تصدرت قائمته الانتخابات البرلمانية الأخيرة، السبت، رفضه العودة إلى المحاصصة التي وصفها بـ”خلطة العطار” بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، مشدداً على مساعيه في تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

وقال الصدر في تغريدة عبر حسابه على تويتر، “شكرا لكل من حضر الجلسة حبا بالعراق، شكرا تحالف إنقاذ الوطن(175 مقعدا)، شكرا امتداد (9 مقاعد)، شكرا الجيل الجديد (9 مقاعد)، شكرا للإخوة المستقلين، هؤلاء ما أرعبهم تهديد ولا أغراهم ترغيب”.

وأضاف، “يتجدد موعدكم في الأربعاء القادم (الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس) مع من يلتحق مجددا لنزيح الفساد والتبعية والتوافقية”، مجددا تأكيده على مساعيه لتشكيل حكومة أغلبية وطنية.

وتابع الصدر، “لن نعود لخلطة العطار، فاليوم ثبتنا وأثبتنا أن لا مكان للمحاصصة، فكانت أجمل فسيفساء عراقية لا شرقية (إيران) ولا غربية (أميركا)”.

وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.

وهناك أربعون مرشحا لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني. ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.

ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد الغزو الأميركي الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب. ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليديا منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.

العرب