داكار – تواجه أفريقيا معضلة نقص المياه بالرغم من الموارد المائية الهائلة التي تحظى بها القارة السمراء التي تعرقل عدة عوامل استغلالها لتلك الموارد بما ينطوي عليه من تداعيات في ظل التغيرات المناخية.
وقال رئيس الجمعية الأفريقية للمياه سيلفان أوشر إنه رغم وفرة الموارد المائية في القارة إلا أنها لا تستخدم سوى 5 في المئة منها، بسبب ضعف البنية التحتية والخلافات السياسية.
وجاء ذلك في تصريحات أدلى بها أوشر على هامش مشاركته في أعمال “المنتدى العالمي التاسع للمياه” الذي انتظم في العاصمة السنغالية داكار.
وذكر أوشر أنه مع تفشي جائحة كورونا تزايدت مرة أخرى أهمية المياه بالنسبة إلى الصحة العامة وصحة المجتمع، وبعض البلدان الأفريقية سعت لتسهيل سبل الوصول إلى المياه خلال تلك الفترة.
وأوضح أن بعض البلدان لم تفرض رسوما على اشتراكات المياه خلال مرحلة انتشار الوباء، وسعت لتسهيل وصولها إلى السكان وتوزيعها مجانا.
وأشار إلى أن أفريقيا، وخلافًا للاعتقاد السائد، ليست قارّة قاحلة ولكنها تعاني من نقص في استغلال المياه.
سيلفان أوشر: 5 في المئة فقط من الموارد المائية يتم استغلالها في أفريقيا
وزاد “تمتلك أفريقيا 5 مليارات متر مكعب من المياه، بما في ذلك المياه الجوفية ومياه الأمطار، ولكنها لا تمتلك القدرة على استغلال سوى 5 في المئة فقط من مواردها المائية لتوفير مياه الشرب والكهرباء والري بسبب ضعف حاد في البنية التحتية، وكذلك جراء الصراعات السياسية والقبلية”.
وتحتفل دول العالم باليوم العالمي للمياه في الثاني والعشرين مارس من كل عام، وتمت احتفالات هذا العام تحت شعار “المياه الجوفية: جعلت غير المرئي مرئيا”.
وتهدف الأنشطة والاحتفالات التي يتم تنظيمها للمناسبة إلى رفع الوعي بأزمة المياه العالمية، بما في ذلك الجوفية، وتأثيرات الأزمة على دول العالم، والطرق الواجب اتباعها لمنع الهدر والاستغلال الأفضل للموارد المائية.
وأكد أوشر على أن الافتقار إلى الإرادة السياسية وجهود تحسين البنية التحتية يعد من بين الأسباب التي تحول دون استفادة أفريقيا من مواردها المائية بشكل مفيد.
ولفت أوشر الانتباه إلى وجود مفارقة في القارة في ما يخص استغلال الموارد المائية بالطريقة المثلى، وقال “بينما تتمتع البلدان ذات الموارد المائية المنخفضة بإمكانية أكبر في ما يخص استغلال المياه، فإن البلدان ذات الموارد المائية الغنية جدًا لديها فرص أقل في استغلال تلك الموارد”.
وأوضح “على سبيل المثال، المغرب بلد صحراوي تقريبا لكن نسبة استغلاله للمياه مرتفعة للغاية، على العكس من ذلك يمكننا القول إن جمهورية الكونغو الديمقراطية ذات الموارد المائية الوفيرة غير قادرة على توفير المياه لما يقرب من نصف السكان”.
وأفاد بأن حفر الآبار والتقليل من نسبة الهدر تعتبر من الطرق الفعالة لزيادة القدرة على الوصول إلى الموارد المائية وتوفيرها، مشيرًا إلى أن أفريقيا ستكون في المستقبل القريب محطّ اهتمام عالمي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، لذلك يتحتم على السياسيين العمل على إيجاد حلول لمشكلة الاستغلال الأفضل للموارد المائية في القارة.
واعتبر أن أفريقيا ستكون المركز الرئيسي للأنشطة التجارية خلال السنوات الخمسين القادمة، وقال “إذا كان السياسيون يريدون حقا الاستفادة من هذه الميزة، فعليهم حماية الموارد المائية أولا، والعمل على مشاريع توفر المزيد من المياه للسكان وتمنع تلوث مواردها”.
وكان تقرير للأمم المتحدة حول التنمية المائية في العالم جرى إعداده بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) قد أشار إلى أن المياه الجوفية تشكل ما نسبته 99 في المئة من المياه العذبة حول العالم.
ولفت التقرير كذلك إلى أن القارة الأفريقية تعتبر من المناطق الغنية بالموارد المائية، وأنه رغم ذلك فإن أكثر من 500 مليون شخص في القارة يعانون من مشاكل متعلقة بتوفير المياه بما في ذلك مياه الشرب.
وذكر التقرير أن مصر وبوتسوانا والغابون وموريشيوس وتونس دول أفريقية تتمتع بأعلى نسبة وصول إلى المياه، في حين تم إدراج الصومال وتشاد والنيجر بوصفها دولا ذات أدنى مستوى وصول إلى المياه.
وبيّن التقرير كذلك أن 3 من كل 10 أشخاص في القارة لا يمكنهم العثور حتى على مياه الشرب.
وفي العالم عانى 3.6 مليار شخص من نقص في الوصول إلى المياه لمدة شهر واحد على الأقل من السنة في 2018، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 5 مليارات بحلول 2050، كما يقول الباحثون.
العرب