تستمر الحوارات الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني لتأخذ ابعادا أكثر واقعية من خلال التطورات الأخيرة التي شهدها العالم ومنها المواجهات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا ومديات التأثير الكبير الواقع على إدارة المفاوضات بشكل يؤدي إلى الخروج بنتائج إيجابية وتوقيع اتفاق مشترك بين جميع الأطراف، ومن الحقائق التي برزت خلال المحادثات الأخيرة هي تمسك النظام الإيراني بضرورة العمل على رفع اسم الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية وتقديم ضمانات بعدم الانسحاب الأمريكي من أي اتفاق قادم والتحقق من رفع العقوبات الاقتصادية بشكل كامل ، ولكن الشرط الإيراني جوبه برفض شديد من قبل العديد من أعضاء الكونجرس والحزب الديمقراطي والجمهوري الأمريكي وادى إلى قيام (براين ماست وسكوت بيري) عضوا الحزب الجمهوري بمشروع قانون باسم (منع المتعاطفين مع الإرهاب من استرضاء الارهابين) بهدف إلى منع الرئيس جوبايدن من رفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني وان لا يتم سحب القرار أو الغاؤه إلا بقرار مشترك من الكونجرس الأمريكي وفرض مناقشة القرار في مجلس النواب والكونغرس.
ووفق معلومات مؤكدة حصل عليها مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية والسياسية وجود عدة أطراف دولية تعمل على تسوية الخلافات بين واشنطن وطهران للوصول إلى صيغة توافقية يتم فيها رفع الحظر عن الحرس الثوري الإيراني وإبقاء العقوبات على قيادة فيلق القدس الإيراني، وهذا يؤدي إلى رفع الحرج عن إدارة الرئيس جوبايدن ويحقق إنجاز سياسي واقتصادي للنظام الإيراني الذي يعاني من أزمات اجتماعية واقتصادية كبيرة تتعلق بسوء الأحوال المعاشية وارتفاع نسبة التضخم المالي وزيادة نسبة الفقر والعوز داخل المجتمع الإيراني ويسعى إلى تعزيز حالة الاستقرار السياسي للنظام ومواجهة جميع الخلافات بين التيارات السياسية الإيرانية.
وأكد ذلك تصريح وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان بقوله( أن موضوع الحرس الثوري لا يشكل عائقا أمام التوصل إلى تفاهم يعيد احياء الاتفاق النووي اذا لم ينجح الوفد المفاوض من إخراجه من لائحة العقوبات والمنظمات الإرهابية ) ، يعتبر هذا التصريح دليل واقعي على عمق المعاناة التي يشعر بها مسؤولي النظام وسعيهم إلى إنهاء المفاوضات وتوقيع الاتفاق الذي يحقق لهم استقرارا داخليا ومنافع اقتصادية ورفع الأموال المجمدة وإعادة الاعتبار المعنوي لإيران .
ونرى في مركز الروابط للدراسات الإستراتيجية والسياسية أن نتائج الحوارات قد بدأت تعطي انفراجا واضحا في قبول جميع الأطراف لها وتلقي بظلالها على المسار المعتمد في تهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي رغم أن الاتفاق اذا ما حصل سيشكل خسارة كبيرة لإدارة الرئيس جوبايدن والحزب الديمقراطي الأمريكي ونتائج وخيمة على سير الانتخابات التشريعية القادمة نهاية هذا العام لمجلس النواب والكونغرس ولكن يبقى الهاجس الأساسي والأهداف العليا هي حقوق ومصالح شعوب المنطقة بعيدا عن الأهداف والمصالح الميدانية والنفعية للإدارة الأمريكية وعلى النظام الإيراني ان يتعامل مع المتغيرات السياسية والمواقف الأمريكية بشكل واقعي بعيدا عن سياسية التعنت وإظهار القوة للخروج من دائرة العقوبات والعودة للاندماج بالمحيطين الدولي والإقليمي وفق أسس وثوابت جديدة .
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية