وكأن الاقتصاد المصري على موعد مع الهزات والانتكاسات المتتالية التي تنتقل بين قطاعاته المختلة ،لكن هذه المرة كانت قوية بما يكفي للحديث عن كارثة قد تحل بقطاع السياحة المصري بعد حادث الطائرة الروسية التي سقطت فوق شبه جزيرة سيناء .
لا ازالت التحقيقات جارية بشأن معرفة السبب الحقيقي وراء حادث التحطم الذي راح ضحيته 224 راكبا ، و الذي ما زال غير واضحا، لكن ما هو معلوم الان ، ان السياح الاجانب وعلى وجه التحديد الأوروبيين لن تكون مصر وجه لهم في مقتبل الايام فقد كان للأحداث الجارية في مصر وخصوصا في منطقة سيناء صدى كبير عالميا وخصوصا انها تتمركز فيها جماعات ارهابية وتشهد حراكا عسكريا كبيرا ، لكن استهداف الطائرة او سقوطها في هذه المنطقة على الاقل سيكون له اثرا بالغا على السياحة في مصر والتي تعتبر احد اهم القطاعات التي ترفد الخزينة العامة .
من المقرر بحسب مصادر من هيئة تنشيط السياحة المصرية ان تقوم الوزارة بحملة للترويج للسياحة المصرية في سبع دول أوروبية (روسيا ، ألمانيا ، فرنسا وإيطاليا ، جمهورية التشيك ،أوكرانيا ، بولندا)لكنها أجلتها بسبب الحادث المأساوي للطائرة الروسية.
وفي تطورات سريعة للأوضاع اعلنت الكثير من الدول الاوروبية مثل المانيا وبريطانيا ، وقف تحليق طائراتها في المنطقة، وبالتالي سيكون هذا الاجراء نقطة انطلاق للكثير من الدول وشركات الطيران الاقليمية مثل شركات طيران اماراتية والعالمية مثل لوفت هانزا” الألمانية و”اير فرانس” لتكون بمثابة مسمار اخير في نعش قطاع السياحة المتعثر اصلا في مصر .
يعد قطاع السياحة في مصر مهم جدا بالنسبة للاقتصاد الوطني وهي احد الدعامات الرئيسية للنظام الاقتصادي في مصر وقد حقق قطاع السياحة نجاحات استطاعت ان تحد من اثر تراجع المؤشر الاقتصادي للبلاد، وبحسب بيانات حكومية في عام 2014 كان اسهام القطاع السياحي بالنسبة للناتج القومي العام ، بنسبة 11.3% ، واستطاعت ان توفر 14.4% من عائدات العملة الأجنبية. ووفقا لمجلس السياحة والسفر العالمي، فإن 1 من بين 9 مصريين يعتمد على العمل في السياحة.
وعلى ما يبدو فقد كان حادث الطائرة الروسية شبه كارثة حقيقية اذا علمنا ان ثلث السياح الاجانب لمصر هم من الروس حيث تشير تقارير الى ان حوالي 3 ملايين سائح روسي يزورون مصر سنويا، وقال مسؤولين في وزارة السياحة المصرية إن شركات السياحة الروسية خفضت طاقات النقل لمنطقة سيناء بنحو 15% خلال الأسبوع الجاري.
لقد حققت مصر خلال الثمانية شهور من العام الجاري دخل سياحي بقيمة 4.6 مليارات دولار، وتأمل وزارة السياحة إنهاء 2015 بتحقيق 8 مليارات دولار، مقابل 7.3 مليارات دولار خلال العام الماضي.
منذ حوالي 5 سنوات انطلقت الثورة المصرية في مختلف انحاء البلاد وكان لها اثر كبير على الاقتصاد المصري والسياحة بشكل خاص ، وعمت الفوضى كل المدن المصرية لشهور طويلة ثم عادت لتظهر بعد تنحية الرئيس الاسبق محمد مرسي وما تبعها من اخذ وجذب كلها احداث شكلت صدمات عنيفة للاستقرار الاقتصادي في مصر ، لكن اليوم يظهر لنا نوع جديد من الحروب وهي الحرب على الاقتصاد هذا ان ثبت ان هذه الحادثة بفعل عمل ارهابي او تخريبي أيا كان مصدره ، وهو ما قد يجعل مصر تدفع ثمنا باهضا لمثل هذه الحوادث مستقبلا.
الكثير من التحليلات والتفسيرات حول حادث الطائرة الروسية لكن يبقى هناك تساؤل حول مستقبل السياحة في مصر هل سيكون هناك تحرك مصري واسع لإنقاذ ما تبقى من ايدي الارهاب ، ام سيكون هناك اعمال مماثلة في المتقبل ،لا قدر الله ، كلها تساؤلات قد يكون الجواب عنها بمدى فعالية الخطة المصرية لمواجهة مثل هذه الاحداث .
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية