بدأت دبي تتخلص أخيرا من تخمة العقارات التي ضربت السوق لسنوات، بعدما شهدت الفترة الأخيرة طفرة شراءات من المستثمرين الروس وارتفاعا ملحوظا في الطلب المحلي، مما يشي بنمو القطاع على غير المتوقع، وسط ترجيح خبراء بأن يستمر في إظهار حركة نشطة على المدى القريب.
دبي – رصدت أحدث المؤشرات أن سوق العقارات في دبي استطاع أن يكتسب زخما كبيرا بعد تخفيف قيود الإغلاق، وعززت من نشاطه الارتدادات القادمة من شرق أوروبا، والتي جعلت الروس يتدافعون لشراء المساكن في الإمارة.
ورغم أن الأرقام بالكاد كانت تظهر الانتعاش، لكن وفقا لخبراء سي.بي.آر.إي غروب للاستشارات العقارية، فقد شهد سوق الإسكان في الإمارة الخليجية الثرية أفضل بداية له على الإطلاق لهذا العام، مدفوعة بارتفاع الطلب المحلي وتدفقات أكبر من المشترين الأجانب بما في ذلك الروس.
وكانت لجنة حكومية تأسست قبل الأزمة الصحية قد أدرجت بعض أكبر المطورين العقاريين في دبي كأعضاء فيها، في محاولة لإدارة العرض والطلب في سوق العقارات. وتعمل اللجنة لضمان أن الشركات المملوكة للحكومة لا تزاحم مطوري القطاع الخاص، ولم يظهر الكثير من الوضوح منذ ذلك الحين حول الكيفية التي ستحقق اللجنة بها النتائج المرجوة.
تيمور خان: نلحظ أموالا تدخل السوق سواء كانت روسية أو غيرها
ولكن الأزمة في شرق أوروبا يبدو أنها ساهمت في جعل بوصلة سوق العقارات بدبي تتجه نحو التعافي، حيث حققت المبيعات رقما اقترب من مستويات العام الذي شهد الأزمة المالية العالمية قبل 13 عاما.
وتظهر مؤشرات سي.بي.آر.إي أن إجمالي المعاملات في القطاع خلال الربع الأول من العام الجاري تجاوز نحو 19 ألف صفقة، وهو ما اعتبره خبراء المجموعة الاستشارية “أعلى إجمالي تم تسجيله على الإطلاق في الربع الأول” منذ سنوات.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى تيمور خان، رئيس الأبحاث في سي.بي.آر.إي، قوله إن “الفترة الأخرى الوحيدة التي شهدت أحجام معاملات أعلى كانت في الربعين الثاني والثالث من عام 2009، عندما تم تغيير ملكية حوالي 33 ألفا و23 ألف عقار على الترتيب”.
والعام الماضي وصل إجمالي حجم الصفقات بدبي إلى أكثر من 57 ألف صفقة، بزيادة تقدر بنحو 73.6 في المئة بمقارنة سنوية وبنسبة 51.6 في المئة عن عام 2019.
ويتعافى سوق العقارات في دبي من ركود دام سبع سنوات مدعوما بمجموعة من العوامل، بما في ذلك قلق المستثمرين الأوروبيين بشأن زيادة الضرائب المحتملة في الداخل، وزيادة المشترين الروس الذين يتطلعون إلى حماية ثرواتهم.
ولطالما كان الروس من كبار المشترين للمنازل الفخمة في الإمارة الجذابة، والتي تعتبر تقليديا من بين أفضل 10 جنسيات تستثمر في عقاراتها. ويقول سماسرة روس إنهم قاموا باقتناص العقارات في دبي خلال الأشهر الأخيرة، حيث يواجه بلدهم عقوبات أميركية وأوروبية بسبب شنه حربا ضد أوكرانيا.
وتبرز دبي كمركز الأعمال في منطقة الشرق الأوسط كواحدة من الوجهات المفضلة لبعض الشركات الدولية، بما في ذلك غولمان ساكس التي تسعى إلى نقل موظفين من روسيا.
وقال خان إنها “أموال دولية تدخل السوق سواء كانت روسية أو من دول أوروبية أخرى”. ولكنه استدرك بالتعليق على أن ما يحصل “يركز على النهاية العالية وهي ليست في الحقيقة القوة الدافعة وراء الجزء الأكبر من السوق، فالجزء الرئيسي الذي يقود السوق هو المالك، حيث قرر الناس للتو الالتزام والشراء”.
وتشير تقديرات سي.بي.آر.إي إلى أن متوسط أسعار المساكن في الإمارة ارتفع بواقع 11.3 في المئة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، حتى مارس 2022.
وارتفعت أسعار الشقق بنسبة 10 في المئة في المتوسط، بينما ارتفعت أسعار الفيلات بنسبة 20.2 في المئة، وهي نتيجة ثانوية للوباء، حيث دفعت ديناميكيات العمل من المنزل العديد من سكان الشقق إلى البحث عن مساحة أكبر.
ألف صفقة شهدها القطاع خلال الربع الأول من 2022 مقتربة من مستويات 2009
وسجلت المنطقة المحيطة بأطول برج في العالم، وسط مدينة دبي والخليج التجاري أعلى متوسط للأسعار بشكل عام. وسجلت الفلل الواقعة على جزيرة نخلة جميرا الاصطناعية، والتي يشتهر بها الأثرياء الروس، أعلى متوسط سعر شهريا في مارس الماضي.
وعلى الرغم من الارتفاعات الأخيرة، فإن الأسعار لا تزال أقل بكثير من ذروتها خلال عام 2014، حيث يقل سعر المتر المربع بالنسبة للشقق بواقع 26.2 في المئة. أما سعر المتر المربع بالنسبة للفلل فهو يقل بنحو 12.3 في المئة.
وتظهر أرقام سي.بي.آر.إي أن متوسط سعر المتر المربع للشقة في دبي يبلغ 1098 درهما (299 دولارا)، بينما يبلغ سعر المتر المربع للفلل نحو 1267 درهما (345 دولارا).
وإلى جانب ذلك ارتفعت الإيجارات بنسبة 13.1 في المئة في المتوسط في جميع أنحاء المدينة، وفقا للمستشار العقاري، حيث شهدت الأحياء الأكثر ثراء مثل نخلة جميرا وتلال الإمارات والمرابع العربية أكبر زيادة شهرية في الأسعار في مارس الماضي.
وقال خان إن زيادة الإيجارات “مهمة جدا جدا”. وأضاف “هناك مشكلة تتعلق بتوفر منازل عالية الجودة وأن الندرة ستؤدي إلى زيادة الطلب”، حيث يقوم المطورون بإصدار المخزون على مراحل لزيادة العوائد إلى أقصى حد.
وأوضح “بينما يستمر متوسط الأسعار ومتوسط الإيجارات في الزيادة، نشهد اعتدالا في معدلات نمو المبيعات والإيجارات في قطاع الفلل في السوق”. واعتبر خان أن ارتفاع تكلفة التمويل والمزيد من التشديد على خطط الدفع المقدمة من قبل المطورين سيؤديان على الأرجح إلى هذا الاعتدال.
وأكد خبراء عقاريون أن وتيرة المنافسة في السوق العقارية بدبي سترتفع مستقبلا، بعدما شهدت الإمارة النمو الأسرع في القطاع ضمن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا خلال العام الماضي.
وعزا خبراء في تقرير “سوق العقارات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لعام 2022″، الذي نشر قبل أيام، ذلك إلى الإمكانيات الهائلة التي وفرها إكسبو 2020، حيث لاحظوا زيادة في قيمة العقارات إلى جانب زيادة في الطلب على الصعيدين الإقليمي والدولي.
العرب