المستقلون في العراق يفوتون فرصة “مزاحمة الكبار”

المستقلون في العراق يفوتون فرصة “مزاحمة الكبار”

تتعدد المبادرات لحل الأزمة السياسية في العراق، دون أن تكون لأي منها الحظوظ الكافية للنجاح، لاسيما وأن بعضها صيغ في سياق مناكفة الطرف المقابل وعرقلته، على غرار المبادرة التي تقدم بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للمستقلين.

بغداد- مر نحو أسبوع على طرح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لمبادرته بشأن تولي تحالف من المستقلين، يضم أربعين نائبا فما فوق، مهمة تشكيل حكومة جديدة في مهلة لا تتجاوز الأسبوعين، دون أن يسجل أي تقدم ملموس في هذا الصدد.

يتزامن ذلك مع بدء الحزب الديمقراطي الكردستاني في الترويج لمبادرة سياسية جديدة لم يعلن عن تفاصيلها، ويقول قياديو الحزب الكردي إن حظوظها تبدو وافرة لتحقيق اختراق في الانسداد السياسي الراهن.

وترى أوساط سياسية عراقية أن قدرة المستقلين على تطويع المشهد لصالحهم وتشكيل حكومة جديدة، تبدو منعدمة، في ضوء انقسام ولاءاتهم بين التيار الصدري وخصمه الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الموالية لإيران.

هريم كمال آغا: توحيد البيت الشيعي مفتاح التفاهمات بين الكتل الأخرى

وتوضح هذه الأوساط أنه لا يوجد نواب مستقلون حقيقيون، فمعظمهم لديهم ولاءاتهم السياسية، باستثناء عدد قليل من الأسماء لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، مشيرة إلى أن الصدر حينما طرح مبادرته كان يدرك هذا الواقع، لكنه أراد فقط المزايدة على مبادرة الإطار التنسيقي.

وأعادت هذه الأوساط التذكير بجهود سابقة للتيار الصدري في حشد دعم المستقلين خلال جلستي انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه فشل في تحقيق ذلك، ويعلم زعيمه أن الوضع لن يتغير حتى وإن ألقى بكرة كامل التشكيل الحكومي في سلتهم.

وعقد المستقلون الأحد الماضي اجتماعا للخروج بموقف موحد بشأن مبادرتي التيار والإطار، وانتهى هذا الاجتماع بقرارات فضفاضة من قبيل تشكيل لجان للنظر في المبادرتين.

وتقول الأوساط إنه تم الزج بالمستقلين في معركة تحد بين الإطار والتيار، وإن النتيجة ستكون المزيد من الانقسامات والتفتت ضمن هذا المكون، لافتة إلى أن إطلالة الحزب الديمقراطي الكردستاني حليف التيار الصدري، وإعلانه عن مبادرة، هي في جانب منها رسالة عن عدم جدية مبادرة الصدر للمستقلين.

وبدأ الحزب الديمقراطي الكردستاني الاثنين الترويج لمبادرة جديدة متوجها بداية إلى حليفيه التيار الصدري وائتلاف السيادة السني، ويتكتم الحزب الكردي على ذكر تفاصيل المبادرة، وسط شكوك في إمكانية أن ترى هي الأخرى النور، لسبب بسيط وهو أن الحزب الديمقراطي لا يملك إرادة سياسية لترميم البيت الكردي والتوصل إلى رؤية مشتركة مع الاتحاد الوطني الكردستاني، فكيف تكون له القدرة أو الإرادة لجمع شتات القوى السياسية على رؤية موحدة؟

محمد كريم البلداوي: ضرورة الابتعاد عن اختلاق الأزمات وفرض الإرادات، والتفاهم على منهج وطني موحد

ولا تنحصر الأزمة السياسية، المتفجرة في العراق منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر، في الانقسامات داخل البيت الشيعي، بل تطول أيضا البيت الكردي في ظل إصرار الحزب الديمقراطي على الاستفراد بالحصة الكردية داخل المنظومة السياسية العراقية، مستغلا في ذلك النتائج التي حققها في الانتخابات والدعم السياسي للتيار الصدري.

وقد جرت محاولات لتقريب وجهات النظر بين الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الذي يقوده بافل طالباني، لاسيما لجهة الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، لكن الديمقراطي رفض ذلك، مصرا على ترشيح أحد قياداته للمنصب.

ويقول مراقبون إنه كان الأولى بالحزب الديمقراطي التوجه بداية نحو تسوية الأزمة مع الاتحاد الوطني، قبل عرض مبادرة على باقي الفرقاء، حينها يمكن فقط الحديث عن حظوظ وافرة لجهوده في إنهاء الأزمة.

ويشير المراقبون إلى أن الحزب الديمقراطي، كما باقي القوى السياسية الرئيسية، يدرك أن أي انفراجة مرهونة أساسا باتفاق القوى الكردية والشيعية، وخلاف ذلك فإن الخيارات المطروحة منحصرة فقط في التمديد لحكومة مصطفى الكاظمي، أو الذهاب في خيار حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة.

وقال رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي هريم كمال آغا، في تصريحات لوكالة “شفق” المحلية الثلاثاء، إن “حلول الأزمة السياسية الحالية، والخروج منها، مرهونة بتفاهم البيت الشيعي (الإطار التنسيقي والتيار الصدري)، ولن تخرج أي حلول دون توحد البيت الشيعي، هذا هو مفتاح التفاهمات والحلول بين الكتل الأخرى”.

ودعا آغا إلى “ضرورة توحيد البيتين الشيعي والكردي، وكلاهما حلقات مكملة، للخروج بحلول تنهي الانسداد السياسي والمشاهد المعقدة للعملية السياسية التي تعرقل تشكيل الحكومة، والالتفات نحو الملفات والاستحقاقات المهمة والمجمدة في البلاد”. وأكد آغا “متمسكون باستحقاقنا برئاسة الجمهورية، ونتمنى توحيد القوى الكردية لإنهاء هذه الأزمة بما يضمن مصالح الجميع”.

قدرة المستقلين على تطويع المشهد لصالحهم وتشكيل حكومة جديدة، تبدو منعدمة، في ضوء انقسام ولاءاتهم بين التيار الصدري وخصمه الإطار التنسيقي

ويدعم الاتحاد الوطني الكردستاني ترشيح الرئيس الحالي برهم صالح لولاية جديدة، الأمر الذي يرفضه بشدة الحزب الديمقراطي الكردستاني، رغم المكانة التي يحظى بها صالح على الصعيدين الداخلي والدولي.

وفي موقف بدا متحفظا على مبادرة الحزب الديمقراطي، حث النائب عن تحالف الفتح المنضوي ضمن الإطار التنسيقي محمد كريم البلداوي، التحالف الثلاثي على طرح مبادرات بديلة عن المبادرات التي لا تلائم مزاجهم السياسي، وتنهي الأزمات المتفاقمة.

وشدد على “ضرورة الابتعاد عن اختلاق الأزمات وفرض الإرادات، والتفاهم على منهج وطني موحد ينهي ملفات ومشاكل عالقة منذ فترات طويلة”. وحدد البلداوي نهاية الأزمة بين الإطار التنسيقي والتحالف الثلاثي “بالتوافق والتفاهم على المبادرات أو الذهاب نحو معارضة قوية تقوم دور البرلمان والحكومة القادمة”، معتبرا ما يجري من خلافات بين القوى السياسية بأنه “محاولات للي الأذرع ووضع العصا في عجلة العملية السياسية”.

العرب