إسرائيل و”النكبة”: من الاعتراف إلى الإنكار

إسرائيل و”النكبة”: من الاعتراف إلى الإنكار

تحتفل إسرائيل بما تعتبره ذكرى ميلادها، بينما يعتبره الفلسطينيون “نكبة” -أو كارثة- حلت بهم ودفعتهم إلى المنفى. ولكن، إذا كان مسؤولون ومثقفون إسرائيليون قد اعترفوا بتلك النكبة عند تأسيس الدولة الوليدة، فإن الصوت الإسرائيلي الرسمي تحول سريعا من الاعتراف إلى الإنكار بشأنها. يحدث ذلك بينما تتزايد الأدلة على التصفية الجسدية والتطهير العرقي اللذين ارتكبهما الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في 1947-1948.
* * *
يعتقد كل من إلينور ميرزا برونشتاين وإيتان برونشتاين أباريسيو بأن الاعتراف بالنكبة وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين هما شرطان لا يمكن الاستغناء عنهما للوصول إلى سلام عادل وشامل.
مهما بدا ذلك مفاجئاً، كان أول من استعمل مصطلح “النكبة” لوصف الكارثة الفلسطينية هم العسكريون الإسرائيليون. في تموز (يوليو) 1948، ألقت طائرات الجيش الإسرائيلي بمناشير موجهة إلى سكان طيرة حيفا من السكان العرب الفلسطينيين الذين كانوا يقامون الاحتلال. دعتهم فيها إلى الاستسلام بلغة عربية متقنة كتب فيها هذا النص: “إذا كنتم تريدون النجاة من نكبة، وتجنب كارثة، والنجاة من إبادة لا مفر منها، سلموا أنفسكم”. وبعد ذلك بفترة وجيزة، في آب (أغسطس) 1948، نشر المفكر السوري قسطنطين زريق دراسته المعنونة “معنى النكبة”، التي كتب في معرضها: “ليست هزيمة العرب في فلسطين بالنكسة البسيطة، أو بالشر الهين العابر، وإنما هي نكبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى”. وبالنسبة للكاتب، أصابت هذه النكبة العالم العربي بأسره ولا يمكن أن يقتصر أثرها على الفلسطينيين فحسب. وفي أواخر العام نفسه، في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 1948، نشر ناثان ألترمان قصيدته “إل زوت” (عن ذلك) في صحيفة “دافار”، التي أمر دافيد بين غوريون بتوزيعها على جميع الجنود. وتصف القصيدة المذبحة التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين العزل، ومن المحتمل أنها تشير إلى جرائم الحرب التي ارتكبت في مدينة اللد. وتؤكد حنان حيفر ويتسحاق لؤور أن انتقاد الترمان لهذا الحدث لم يكن بالحدة التي يبدو عليها للوهلة الأولى. ولكن، حتى إذا كانا على حق، وعلى الرغم من أن القصيدة تنتهي بدعوة شديدة الوضوح: “لا تخافوا”، و”لا ترووه في جات…”، فإن هذه القصيدة تروي أحداثاً لو أنها نشرت اليوم لأثارت ضجة كبيرة في الشارع الإسرائيلي وبين قادته، تؤكد ذلك العاصفة التي أثارتها اكتشافات منظمة “كسر الصمت” في العام 2016، على سبيل المثال.
في العام 1948، كتب س. يزهار، أحد أكبر الكتاب الإسرائيليين، رواية “هاشافوي” (الأسير) التي وصف فيها تعامل الجنود الإسرائيليين الوحشي مع الفلسطينيين المهزومين. وتروي العديد من رواياته التي صدرت في تلك الأعوام، وخاصة روايتي “أيام زكلاغ” و”خربة خزعة”، بشكل صريح، الفظائع التي ارتكبها الجنود اليهود أثناء النكبة. حتى أن رواية “خربة خزعة” أدرجت في البرامج الرسمية لوزارة التعليم، وقرأها بالتالي آلاف الطلاب.
سذاجة الخطابات الأولى
اتسمت نهاية الأربعينيات من القرن الماضي بنوع من السذاجة في الخطاب حول النكبة. ومع أن المصطلح بحد ذاته لم يذكر، فإن الأحداث -ومن بينها الفظائع التي اقترفها الجنود الإسرائيليون بحق الفلسطينيين- عرضت كما هي كما لو أنها كانت أمراً مسلماً به، من دون أي حجب أو تجميل. وكان أول كتاب عن “غزو يافا” قد صدر تحت هذا العنوان الذي وضعه مؤلفه، حاييم لازار، في العام 1951. لكن كلمة “غزو” تم استبدالها لاحقاً بكلمة “تحرير”. ويستخدم لازار أيضاً مصطلح “تطهير” لوصف ما فعله الجنود الصهاينة في يافا. ولكن، حين استخدم الباحث في العلوم السياسية، ميرون بينفينيستي، والمؤرخ أيلان بابي المصطلح نفسه، اعتبر الأمر استفزازاً حقيقياً.
كان الفلسطينيون الذين أصبحوا مواطنين إسرائيليين ما يزالون تحت وطأة الصدمة، يخضعون لنظام عسكري لا يسمح لهم بأي تعبير احتجاجي. وكان اللاجئون الفلسطينيون ينتظرون أن ينصفوا ويعاد إليهم حقهم، وأن يأتيهم الدعم من الشعوب العربية ومن المجتمع الدولي، ولكنهم لم يحصلوا على أي عون يذكر.
في العام 1951، أصدرت محكمة العدل العليا قرارها الشهير، الذي نص على وجوب السماح لمهجري قريتي أقرث وبرعم بالعودة إليهما، كما كانوا قد وُعدوا في اليوم الذي تم إخلاؤهم فيه منها. وفي العام التالي، وافقت المحكمة العليا على طلب سكان قرية جلعار بالعودة إليها. لكن أعضاء كيبوتس “لهفوت حبيبا” الذين استوطنوا في أراضي القرية قاموا بتفجير منازلها بالعبوات الناسفة، ليمنعوا بذلك عودة أصحابها إليها. وفي كل هذه الحالات، قام الجيش بمنع عودة اللاجئين إلى قراهم وكانت قراراته دائماً فوق القرارات القضائية. ومنذ ذلك الحين لم تصدر أي قرارات قضائية مماثلة.
“كارثة من وجهة نظرهم”
مع الابتعاد التاريخي لتلك الأحداث وفيما كان الشعب الجديد منشغلاً ببناء نفسه وتوطين الوافدين الجدد والحؤول دون عودة اللاجئين الفلسطينيين، اندثر ذلك التوجه “الساذج” الذي كان يتحدث بصراحة عن النكبة. ويمكن تمييز هذا التغيير بوضوح في التحول المفاجئ تجاه اللاجئين الفلسطينيين الذين يحاولون العودة “متسللين”. لم يعد هؤلاء يعتبرون أشخاصاً ساخطين بسبب طردهم من بيوتهم ويحاولون العودة إليها. لقد أصبحوا من ذلك الوقت غرباء مخالفين للقانون وفاقدين للشرعية. وثمة هوة سحيقة تفصل بين “اللاجئ” و”المتسلل”. فالأول شخص اقتُلِع من جذوره، ضحية، ومصدوم بسبب الهزيمة. والثاني ليس من هنا، وإنما هو لص يريد لنا الشر، ويقطع الحدود الجغرافية بطرق غير شرعية. وفي وقت لاحق، تحول المتسلل الفلسطيني إلى فدائي، مستكملاً بذلك تحويله من لاجئ، إلى مهاجر غير شرعي، إلى إرهابي.
تناولت وسائل الإعلام الروايات التي تتحدث بشكل صريح عما جرى في العام 1948، وهو ما أجبر الحكومة الإسرائيلية على صياغة رواية تبرر الفظائع التي اقترفها “شبابنا”. كان من الصعب على الدولة الناشئة الاستمرار في وصف الأذى الذي ألحقه الإسرائيليون بالفلسطينيين من دون اللجوء إلى خطاب يدافع عن “طرفنا”. وهكذا، أصبحت النكبة “كارثة من وجهة نظر(هم)” (أي من وجهة نظر الفلسطينيين)، وأصبحت هناك روايتان: رواية لـ(نا) ورواية لـ(هم).
تم تضمين النكبة في خطاب يسعى إلى تبرير إقامة دولة إسرائيل في أعقاب “محرقة” اليهود في أوروبا. وهنا ظهرت نظرية الـ”لا خيار” لأول مرة في تاريخ الدولة” لم يكن أمامنا خيار سوى القيام بما قمنا به في العام 1948. وهي نظرية استخدمت بالتوازي مع نظرية أخرى هي “طهارة السلاح”. وبحسب هذه النظرية الأخيرة لم يرتكب جنودنا أي فظائع في العام 1948، وإن حدث ذلك فقد كانت تلك حالات استثنائية ليس إلا.
1967: أولوية الاحتلال
مارس موشيه دايان وآخرون ضغوطات في إسرائيل من أجل القيام بـ”جولة ثانية” من التوسع، التي أسفرت عن حرب العام 1967، التي شكلت أكبر توسع للمشروع الصهيوني في الشرق الأوسط. وقد ضاعفت هذه الحرب مساحة إسرائيل أربع مرات مقارنة بمساحتها ما قبل الحرب. وتم فيها احتلال الضفة الغربية، وقطاع غزة، والجولان وشبه جزيرة سيناء. وأصبح الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة يعيشون تحت الحكم العسكري الإسرائيلي وارتفع عدد اللاجئين ربع مليون، بعضهم هُجروا للمرة الثانية منذ العام 1948.
وفي إسرائيل، أتاح الاقتصاد المزدهر والعجرفة ونشوة الانتصار العسكري الكبير على الجيوش العربية خلال ستة أيام ظهور نقاش حول وجوب السيطرة على المناطق الفلسطينية والبقاء فيها. وبالنظر إلى هذه المرحلة الآن، نستطيع التأكيد أن هذا النقاش لم يكن حقيقياً في الواقع، ولم يكن هناك أي احتمال للانسحاب من المناطق التي تم احتلالها في قطاع غزة والضفة الغربية. ولكن، في تلك الحقبة كان الجدال الجاري بين مؤيدي البقاء وبين معارضيه حقيقياً، وكان له معنى.
بعد التوسع الاستعماري الكبير في العام 1967 اختفت مسألة النكبة من الخطاب في إسرائيل تماماً. وتم محو الاحتلال والتهجير اللذين حدثا في العام 1948 من الذاكرة الجمعية بعد الغزو الجديد. وأصبح “الاحتلال” مفهوماً مرتبطاً بالتوسع الذي حدث في العام 1967 حصرياً، وهي رؤية ما تزال تتبناها الغالبية الساحقة من اليسار الإسرائيلي، حيث يتحدث اليسار الصهيوني عن 48 سنة من الاحتلال فقط، وسيتحدثون قريباً عن 50 سنة، في حين يجب إضافة 20 سنة فعلياً لإعطاء التاريخ حقه. وقد خلق التوسع العسكري والاستيطان في الضفة الغربية اللذان بدآ في أوائل السبعينات نزاعات جديدة، غيبت فكرة النكبة عن الوعي الإسرائيلي.
في أواخر عقد الثمانينيات تقريباً، طرح المؤرخ بيني موريس مصطلحاً جديداً هو “المؤرخون الجدد” ليصف نفسه وزملاءه الذين قاموا بمراجعة عميقة للرواية التاريخية الإسرائيلية عن أحداث العام 1948. وشكل كتابه المعنون “مولد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مراجع” (منشورات جامعة كيمبريدج، 1988) منعطفاً مهماً في إعادة النظر في الراوية الإسرائيلية. وباختصار، في نظر موريس، كانت إقامة دولة يهودية في العام 1948 الخيار الوحيد المتاح، وكان الفلسطينيون هم الذين دفعوا الثمن، وقد تم بالفعل ارتكاب فظائع لا أخلاقية في حقهم من قبل القوات الصهيونية. وقد أثارت نتائج أو “مراجعات” المؤرخين الجدد جدلاً محموماً في الوسط الأكاديمي الإسرائيلي (وفي العالم بأسره)، تعرضوا على إثرها لانتقادات حادة ونالوا الإطراء والتشجيع لمتابعة عملهم على حد سواء.
اتفاقات أوسلو
والانتفاضة الثانية
كانت اتفاقات أوسلو ضربة قاسية للاجئين الفلسطينيين. فاتفاق السلام الذي وقعه إسحاق رابين وياسر عرفات ينص على إقامة دولتين بحدود “الخط الأخضر”. وتم تأجيل مناقشة حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين إلى مرحلة لاحقة. وبالطبع لم تكن هذه الأقوال مقبولة بأي شكل للاجئين، وتم تشكيل منظمات عدة للرد عليها. من أهمها بديل في بيت لحم وجمعية للدفاع عن حقوق المهجرين داخلياً (أدريد) في إسرائيل. وقد عملت جمعية أدريد على تسييس مسألة النازحين الفلسطينيين داخل إسرائيل.
في العام 1997 تم تنظيم أول “مسيرة عودة” في ذكرى الاستقلال الإسرائيلي/ النكبة الفلسطينية. وتحول هذا الحدث إلى تقليد وإلى أكبر اعتراف بالنكبة يحظى بالاهتمام في إسرائيل. في كل عام، يحتشد الآلاف من مواطني إسرائيل الفلسطينيين وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية ويطالبون بحقهم في العودة. وفي كل عام، تنظم المسيرة في إحدى القرى العديدة التي دمرتها إسرائيل في العام 1948. وفي ظل الحكم العسكري، كان “عيد الاستقلال” هو اليوم الوحيد الذي يستطيع الفلسطينيون فيه التجول بحرية من دون الحاجة إلى طلب تصريح من الحاكم العسكري. وقد كبرت المسيرة عاماً بعد عام، وواجهت وسائل الإعلام الإسرائيلية صعوبة متزايدة في تجاهلها. وفي الخطاب الإسرائيلي السائد، تعد النكبة مصيبة فلسطينية؛ رواية فلسطينية وتاريخاً فلسطينياً. ومن ناحيتنا، نحن الإسرائيليين، فهو يوم الاستقلال الإسرائيلي. وحتى في معظم الأوساط اليسارية اليوم، تعد النكبة كارثة بالنسبة لخمس الشعب الإسرائيلي فحسب.
في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2000، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ووصلت العلاقة بين يهود وعرب إسرائيل إلى أسوأ حالاتها. وقد تبنى غالبية اليهود الإسرائيليين (بما فيهم اليسار الإسرائيلي) الرواية الرسمية للأحداث: كان إطلاق النار على المتظاهرين ضرورة حتمية لأن حياة عناصر الأمن كانت مهددة. ولم تكن جميع التكذيبات الفلسطينية بخصوص تعرض حياة عناصر الأمن الإسرائيلي للخطر، والتحقيق الرسمي الذي قامت به لجنة أور الحكومية، الذي خلص بعد ثلاث سنوات إلى عدم تعرض حياة أي عنصر من قوات الأمن للخطر بأي شكل -لم يكن كل هذا كافياً لتغيير الشعور العام.
بوجود هذه الأحداث في خلفية الصورة، فهم آلاف اليهود الإسرائيليين جوهر “الدولة اليهودية”: العرب، في المطلق، لا يستطيعون أن يكونوا مواطنين كاملي الحقوق، وهو ما صنع مسافة بين هؤلاء اليهود والإيديولوجية الصهيونية التي غرست فيهم منذ الطفولة. ومنذ ذلك الحين، جاهر عدد يعتد به من المواطنين الإسرائيليين بشكل علني وبلا تردد بمعاداتهم للصهيونية أو عدم انتمائهم إليها. وتم لأول مرة تشكيل منظمة تعيد النظر في أسس الدولة الإسرائيلية نفسها، بهدف نشر الوعي وتعليم المجتمع المدني الإسرائيلي. وتسعى منظمة “زوخروت” (ذاكرات) إلى تعريف الشارع اليهودي الإسرائيلي بالنكبة وتدعم حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة. وهي أول منظمة يقوم بتأسيسها إسرائيليون ينتمون إلى أوساط اجتماعية تتمتع بأعلى الامتيازات، ومن رموز في هذا المجتمع: أعضاء كيبوتسات سابقاً، وجنود سابقون يطرحون أسئلة جدية حول هويتهم. وقد غيرت “زوخروت” الخطاب السائد حول النكبة في إسرائيل، ويعترف حتى أشد مهاجميها بفعاليتها العالية.
جرح ما يزال مفتوحاً
حين رأى النظام في إسرائيل أن التعاطي مع النكبة خرج تماماً عن السيطرة، قرّر أن يتسلح قانونياً لمجابهة الوضع الجديد. وكانت الصيغة الأولى لما أصبح يدعى بـ”قانون النكبة”، وحشية لدرجة أن بعض أعضاء الحزب الذي طرحه، مثل بيني بيغن، ضموا أصواتهم لاحقاً إلى الأصوات المعارضة له. وفي آذار (مارس) 2011، تم التصويت على صيغة أكثر اعتدالاً من القانون نفسه، ولكنها تهدف بوضوح إلى منع دراسة النكبة والاعتراف بها في إسرائيل. وعلى سبيل المثال، يهدد القانون المنظمات التي تتلقى دعماً مالياً من الحكومة بتقليص هذا الدعم إذا ما أحيت هذه المنظمات ذكرى النكبة في عيد الاستقلال. ويخشى المعلمون التضحية بحياتهم المهنية إذا ما شاركوا في المظاهرات والفعاليات -أو حتى تطرقوا لذكر موضوع النكبة.
وفي الوقت نفسه، بالتوازي مع هذه الجهود التشريعية، أطلقت منظمة “إم ترتسو” حملة تهدف للعودة إلى حالة الإنكار الكامل للنكبة في إسرائيل. وقد حررت المنظمة ووزعت كراسة بعنوان “النكبة، مجرد هراء”، التي تعيد بناء جميع الحجج الإسرائيلية عن “كذبة” النكبة: ليست هذه سوى نتيجة حرب حاول خلالها جميع العرب طردنا في العام 1948. ولهذا، من الطبيعي أن يدفعوا الثمن. إلا أن القانون والحملة سلطا الضوء بشكل غير مسبوق على مسألة النكبة. وفي وسائل الإعلام، أصبحت كلمة “نكبة” دارجة في اللغة العبرية نفسها، ويستخدمها ساسة وآخرون لتوصيف كوارث مختلفة وأحداثاً خلافية.
اليوم، يُظهر مصطلح “النكبة” الاستقطاب الحاصل في المجتمع والخطاب الاسرائيليين. ويعترف اليسار الإسرائيلي غير الصهيوني بمركزية النكبة في خلق النزاع كما هي مركزية في إمكانية حلّه. وإضافة إلى ذلك، أصبحت المعلومات حول النكبة موجودة ومتاحة للجميع وتزداد أكثر فأكثر. ومن ناحية أخرى، فإن المعركة التي يخوضها النظام الإسرائيلي لإحباط الحديث في موضوع النكبة قدر المستطاع، تثير غضب الكثيرين. وعلى النقيض من ذلك، تجعل هذه المحاولات لإنهاء الحديث عن النكبة منها مسألة ملتهبة تحتاج إلى جواب، وجرحاً مفتوحاً ينزف بلا توقف.
الغد