تساءلت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها عن النهج الجديد لإدارة الرئيس بايدن من السعودية، وسط حديث عن لقاء قريب بين جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأشارت الصحيفة إلى زيارة الأمير خالد بن سلمان إلى واشنطن كمبعوث لأخيه الأكبر، الحاكم الفعلي للسعودية. وقالت إن الأمير خالد عندما كان سفيرا للمملكة في واشنطن، أكد لكاتب المقالات في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي ألّا خوف عليه لو ذهب إلى القنصلية السعودية في إسطنبول لاستلام أوراق تتعلق بزواجه.
وجاءت هذه المعلومات من وكالة “سي آي إيه” ونُشرت في الصحيفة. وذهب خاشقجي إلى القنصلية ولم يخرج منها أبدا، حيث قُتل على يد عملاء للسعودية هناك. وربما لم يكن السفير يعرف أن الصحافي سيقتل، لكنه، عمدا أو غير ذلك، أخبر الصحافة خطأ، ومنها صحيفة “واشنطن بوست” أن الحكومة السعودية لا تعرف مكان خاشقجي.
وينفي الأمير خالد إخباره جمال خاشقجي بالذهاب إلى القنصلية. إلا أنه عاد إلى الرياض في شباط/ فبراير 2019 وسط الشجب الأمريكي والدولي لجريمة القتل. لكنه عاد في 17 أيار/ مايو في زيارة رسمية إلى واشنطن شملت لقاء مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وعدد آخر من المسؤولين الكبار.
ولكي نكون دقيقين في الكلام، فعلينا القول إنه عاد مرة أخرى، لأنه كان في واشنطن في تموز/ يوليو الماضي. وفي كلا الزيارتين، كان مبعوثا عن الحاكم الفعلي، محمد بن سلمان. وكانت زيارة الأمير خالد الأولى مهمة دبلوماسية عامة، إلا أن الثانية كانت خاصة، وضمت على ما يبدو نقاشا مبدئيا عن لقاء بين الرئيس جو بايدن وولي العهد السعودي.
وعلقت الصحيفة على هذا بالقول: “تذكروا وعد بايدن أثناء حملته الرئاسية وتعهده بجعل السعودية “منبوذة” ليس بسبب جريمة قتل خاشقجي، بل لمعاملة السعودية المعارضين المحليين بطريقة قاسية، وتواصل شن حرب مدمرة في اليمن، مع أن وقفا للنار دعمته الولايات المتحدة لا يزال مستمرا”.
وبدأ بايدن ولايته بالإفراج عن وثيقة استخباراتية تؤكد دور محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي، لكنه لم يتخذ إجراءات عقابية كتجميد أرصدته ومنعه من السفر إلى الولايات المتحدة، كما كان يجب أن يفعل. لكن ولي العهد السعودي الغاضب، رفض كل محاولات التواصل من الرئيس، وتجاهل طلب الولايات المتحدة المساعدة في تخفيف أزمة ارتفاع أسعار النفط بضخ مزيد من النفط الخام.
وتعلق الصحيفة: “الانتخابات قادمة في أمريكا، وأسعار النفط في أعلى مستوياتها، وربما يفكر بايدن بمنح محمد بن سلمان المقابلة التي يرغب بها وجها لوجه، مقابل رفع غنتاج النفط”. وحسب التلخيص الرسمي من البيت الأبيض للقاء سوليفان مع خالد بن سلطان، فقد ناقشا “تنسيق الجهود والتأكد من مرونة الاقتصاد العالمي”، وهي لغة دبلوماسية لزيادة إمدادات النفط السعودية.
وحتى نكون منصفين لبايدن، تقول الصحيفة، إن الحرب الأوكرانية التي لم يتوقعها أحد في بداية ولاية الإدارة الحالية، وزعزعت الاقتصاد العالمي وفرضت كلفة عالية على الحلفاء الأوروبيين لأمريكا. ولو قدّم بايدن تنازلات إلى محمد بن سلمان، فستكون نيابة عن الآخرين ونفسه.
وفي النهاية، فالتناقض بين المبادئ الأمريكية المعلنة والسياسة ستكون صارخة ولا ينكرها أحد. وعلى مدى عقود، لبّى الرؤساء الأمريكيون مطالب النظام السعودي بناء على فكرة مبالغ فيها حول أهمية المملكة الإستراتيجية، ولكن إلى متى؟
القدس العربي