مسقط – قالت أوساط سياسية خليجية إن الحفاوة التي قوبلت بها زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان لا تخفي حقيقة أن العلاقات الثنائية التي تبدو متينة بين البلدين لم تفض -إلى حدّ الآن- إلى اتفاقيات ذات شأن، وأن ما يجري الحديث بشأنه يبقى دائما معلقا؛ إذ يعد الإيرانيون دائما بمشاريع واستثمارات لكن العمانيين لم يحصلوا بعد على شيء ذي قيمة.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن البلدين يريدان أن يظهرا تعاونهما الاقتصادي والتجاري على مستوى عال ليكون في مستوى العلاقات السياسية بينهما، لكن الأمر صعب وتتداخل فيه عناصر خارجية. وتساءلت الأوساط ذاتها عما إذا كان بإمكان العمانيين أن يستبشروا بمد أنبوب غاز استراتيجي يمكّنهم من الحصول على الغاز الإيراني في الوقت الذي يدركون فيه أن الولايات المتحدة بإمكانها أن تفرض عليه عقوبات.
وأضافت الأوساط نفسها أن مثل هذه الأمور لا تريد عمان أن تزج نفسها فيها وإن سعت في السابق للعب دور الوسيط الذي نجح في تأمين المناخ الملائم للاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، ثم عملت لاحقا على لعب دور الوسيط المحايد الذي يقدر على جمع فرقاء حرب اليمن، بالرغم من الإحراج الذي طال علاقاتها الخليجية حين بدت كأنها تقدّم الحوثيين لاعبا رئيسيا.
أنبوب الغاز الإيراني إلى سلطنة عمان إذا صح ونفذ سيكون أول مشروع ذي وزن بين البلدين
ولفتت هذه الأوساط إلى أن أنبوب الغاز الإيراني إذا صح ونفذ سيكون أول مشروع ذي وزن بين البلدين، لكن سلطنة عمان تظل دائما تتوجس من إمكانية صدور موقف غربي يقوّض نتائج أي مشروع مشترك مع إيران.
ويريد الإيرانيون أن يؤكدوا من خلال تواصلهم مع سلطنة عمان أن علاقاتهم الإقليمية جيّدة وأن الأمور تسير بشكل جيّد بالتنسيق مع دولة خليجية مهمة، وهو ما يدحض فكرة أن إيران معزولة في محيطها الإقليمي.
ونقلت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية عن وزير النفط جواد أوجي قوله الاثنين إن إيران وسلطنة عمان اتفقتا على تشكيل لجنة لتطوير حقل هنغام النفطي (الذي يمتد على الحدود البحرية للبلدين) تطويرا مشتركا.
وفي عام 2005 وقع البلدان مذكرة تفاهم لتطوير حقل هنغام النفطي بشكل مشترك، لكن الاتفاق لم يُنفذ وقررت طهران تطوير الحقل بشكل أحادي في عام 2012.
وقال أوجي “كأساس لمحادثاتي مع وزير النفط العماني محمد بن حمد الرمحي، تم الاتفاق على تشكيل لجنة فنية مشتركة لتطوير المراحل التالية من حقل هنغام النفطي بطريقة سلسة بين إيران وسلطنة عمان”.
وأضاف “سيعود الاستغلال المشترك، على عكس الاستغلال التنافسي، بالفائدة على البلدين لأن هذه الطريقة تؤدي إلى تقليل الأضرار التي تلحق بالمكمن وتسمح بالمزيد من عمليات الاستخراج”.
والاثنين وقّعت عُمان وإيران مذكرات تفاهم وبرامج تعاون تشمل قطاعي الطاقة والنقل، خلال الزيارة التي أجراها رئيسي إلى مسقط.
وقالت وكالة الأنباء العمانية إن عدد مذكرات التفاهم بلغ ثماني مذكرات تفاهم وبرامج التعاون أربعة، وهي في عدة مجالات بينها النفط والغاز والنقل والدراسات الدبلوماسية والتجارة والاستثمار.
ومن المتوقّع أن يُعيد الطرفان مناقشة اتفاق إنشاء خط أنابيب لتوريد الغاز من الجمهورية الإسلامية إلى السلطنة يعود إلى نحو عقدين من الزمن. وكانت الدولتان وقعتا عدة مذكرات تفاهم في هذا الشأن لكن المشروع لم يبصر النور.
وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) الأسبوع الماضي أن أوجي وافق على إحياء مشروع متعثر منذ فترة طويلة لمد خط أنابيب تحت البحر من أجل نقل الغاز إلى سلطنة عمان.
وكان سلطان عمان هيثم بن طارق في استقبال الرئيس الإيراني لدى وصوله إلى المطار الخاص في العاصمة، وفي وقت لاحق أقيمت له مراسم استقبال رسمية في القصر السلطاني تخلّلها إطلاق المدفعية إحدى وعشرين طلقة تحيّة للرئيس الضيف، بحسب بيان رسمي عماني.
وعقد الجانبان جلسة مباحثات رسميَّة استعرضا خلالها “أوجه التعاون الثنائي القائم بين البلدين في شتى المجالات، وسبل دعم وتعزيز علاقات الصداقة المتينة”، وفقا لوكالة الأنباء العمانية الحكومية.
وقُبيْل مغادرته طهران قال رئيسي -حسب ما نقلت عنه وكالة “إرنا”- إنّ “العلاقات التجارية بين إيران وسلطنة عمان ستتحسن بالتأكيد في مختلف المجالات بما فيها النقل والطاقة والسياحة، خاصة السياحة الصحية”، مضيفا أنّ “في هذه الزيارة سيتم توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين”.
ولفت الى أنّ الزيارة تأتي في “إطار سياسة الحكومة القائمة على تعزيز العلاقات مع دول الجوار”، الأمر الذي أكّد رئيسي مرارا أنه يشكّل أولوية لسياسة حكومته الخارجية.
وتواجه عمان مصاعب اقتصادية منذ تفشي وباء كوفيد – 19، وتسعى لتنويع اقتصادها وإنعاش قطاعها السياحي.
وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مليار و336 مليون دولار خلال السنة المالية الإيرانية الماضية المنتهية في مارس.
العرب