المسؤولون في البحرين يتحاشون الصحافة خشية على مناصبهم

المسؤولون في البحرين يتحاشون الصحافة خشية على مناصبهم

المنامة – تعاني الصحافة البحرينية منذ سنوات من تراجع دراماتيكي لا تنحصر أسبابه فقط في الجانب المالي على أهميته، بل يرتبط أيضا بتراجع مناخ الحريات الذي أثر بشكل كبير على مردودية وسائل الإعلام حيث تحولت في معظمها إلى منابر مجاملات للسلطة السياسية.

وتجد معظم وسائل الإعلام البحرينية نفسها مجبرة على تبني خطابات مؤيدة للسلطة وخالية من أي ملاحظات أو نقد، لتفادي الملاحقات أو التعرض للتضييق، لكن ذلك لم يشفع لهذه الوسائل لدى المسؤولين الذين يتحاشون التعاطي معها أو مدها بمعلومات خشية على مناصبهم، ويتجنبونها وكأنها “فايروس” يمكن أن يأتي على مواقعهم وامتيازاتهم.

ويسلط أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة “أخبار الخليج”، التي تعد إحدى أبرز الصحف البحرينية، في مقال له تحت عنوان “الصحافة والحرية” الضوء على واقع الصحافة في بلاده، معتبرا أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الحرية.

أنور عبدالرحمن: أغلب‭ ‬المسؤولين‭ ‬يتهربون‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬الصحافة

ويقول عبدالرحمن في هذا الإطار إن “القاعدة الصلبة التي يجب أن يقوم عليها أي تطوير للصحافة هي الحرية من دون الحرية في التغطية الصحافية وفي الطرح والتناول والرأي والتعليق، يستحيل أن نتحدث عن تطور للصحافة. هذا أمر متعارف عليه في العالم كله”.

ويضيف الكاتب “حرية الصحافة هي في جوهرها انعكاس وتجسيد للحرية في المجتمع بصفة عامة. نعني أنه حين تترسّخ القناعة في المجتمع، على مستوى المسؤولين والمواطنين العاديين وقوى المجتمع المختلفة بتفهم وإدراك أهمية حريات التعبير بكل معانيها، تترسَّخ في نفس الوقت قاعدة تطوير الصحافة”.

ويستدرك عبدالرحمن قائلا “للأسف الشديد لا نستطيع أن نقول هذه القاعدة مترسخة في مجتمعنا. ولنا أن نتأمل فقط ما يلي: أغلب المسؤولين يتهربون من لقاء الصحافة، ويرفضون إمداد الصحف بأي معلومات تتعلق بمسؤولياتهم ومجال عملهم. هم يفعلون هذا ليس كرها في الصحافة، وإنما هو خوف مما يعتقدون بأنه خطر يمكن أن يهدد مناصبهم ومواقعهم”.

ويتساءل ”دون امتلاك المعلومات، كيف يمكن للصحافة أن تخدم القارئ ناهيك عن أن تتطور؟”، لافتا إلى أن الأغلبية الساحقة من المسؤولين لا يقبلون النقد من أي نوع وعلى أي مستوى ولا يتحملونه، بل يضيقون به ذرعا.

ولا يخلو مقال رئيس تحرير “أخبار الخليج” عن واقع الصحافة في بلاده من وجع، لكنه يحمل بين سطوره بعض الأمل في إمكانية أن يحرك هذا المقال المياه الراكدة، ويدفع بالمسؤولين إلى التعاطي بإيجابية مع وسائل الإعلام، والأهم أن تتصالح السلطة مع “الحرية”، فلا يمكن الحديث عن صحافة دونها.

واحتلت البحرين المرتبة الأخيرة خليجيا، والمئة وسبع وستين عالميا في مؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحل في الثالث من مايو من كل عام.

وجاء التقرير الذي أصدرته المنظمة، التي تتخذ من العاصمة باريس مقرا لها، تحت عنوان “عصر الاستقطاب الجديد”، وتضمن الكثير من التحذيرات لاسيما في علاقة بسيطرة الحكومات على الفضاء الإعلامي.

وتطرق التقرير إلى المشهد الإعلامي في البحرين الذي قال عنه: إنه وبعد إغلاق صحيفة الوسط التي تُعتبر وسيلة الإعلام المستقلة الوحيدة في البلاد في العام 2017، أصبح المشهد السمعي البصري البحريني مقتصرا على قنوات تلفزيونية وإذاعية تسيطر عليها وزارة الإعلام سيطرة تامة. وهناك أربع صحف يومية وطنية باللغة العربية واثنتان باللغة الإنجليزية، وهي كلها صحف شبه حكومية يملكها أحد أفراد العائلة الحاكمة، والذي لا يمكن انتقاده بأي شكل من الأشكال.

وذكر التقرير أن حرية التعبير منعدمة في البحرين. وقد ازداد الوضع سوءا بعد المظاهرات التي شهدتها المملكة في عام 2011، حيث قلصت الحكومة الهامش المتاح للصحافة، وأصبحت وسائل الإعلام مجرد بوق دعاية للعائلة الملكية ومن يدور في فلكها.

وجاء تقرير مراسلون بلا حدود بعد أشهر قليلة من تصنيف منظمة “فريدوم هاوس” للبحرين ضمن أسوأ الدول العربية على مستوى حرية الإنترنت.

وذكرت المنظمة غير الحكومية والتي تتخذ من واشنطن مقرا لها، أن البحرين للعام العاشر على التوالي لم تعد حرة على الإطلاق في هذا المؤشر، إذ احتلت المرتبة الرابعة عشرة عربيا، والثلاثين ضمن أسوأ دول العالم في حرية الإنترنت.

ويرى صحافيون أنه من غير المرتقب أن يتغير واقع الصحافة في البحرين في ظل التمشي الحالي للسلطة السياسية، التي تعتقد بالرأي الواحد لتحقيق الاستقرار.

العرب