قطر تتحرك لإصلاح علاقتها مع البحرين

قطر تتحرك لإصلاح علاقتها مع البحرين

المنامة – تتجه قطر لإصلاح علاقتها مع البحرين بعد سنوات من التوتر، ومن معاملة قطر للبحرين على أنها طرف هامشي في المعادلة الخليجية، ما جعلها تستثنيها من ترتيبات المصالحة التي أقرتها قمة العلا في يناير 2021.

وعكست الاهتمام القطري بالمصالحة مع المنامة زيارة رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى المنامة والحفاوة التي قوبل بها واستقباله على مستوى عال، ثم الاتصال الهاتفي بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.

وقالت وكالة أنباء البحرين إن العاهل البحريني وأمير قطر ناقشا “العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها وتقويتها في مختلف المجالات، وما يجمع بين البلدين من ترابط وأخوة”، وأكدا على “المضي قدمًا في تطوير أوجه التعاون الثنائي القائم بما يلبّي طموحات الشعبين الشقيقين”، وفقا لوكالة أنباء البحرين.

لا يعرف إن كان التقارب القطري مع البحرين سيركز على موضوع الجسر أم سيشمل عناصر الخلاف مثل ملف الحدود

وأشار ملك البحرين إلى زيارة رئيس مجلس الوزراء القطري والذي التقى خلالها بولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة.

وبحث ولي العهد البحريني ورئيس الوزراء القطري مشروع جسر “البحرين – قطر” و”توجيه الجهات المعنية بالبلدين لاستكمال الخطط والبدء بتنفيذ المشروع”.

ويرى متابعون للشأن الخليجي أن الرغبة الرسمية في المصالحة لا تنهي الخلاف لأن هناك تراكمات كثيرة من الصعب على البحرينيين أن ينسوها وتحتاج إلى الوقت وإلى خطوات عملية كثيرة لتبديدها على رأسها وقف الحملات الإعلامية.

ويأخذ البحرينيون على قطر أنها تعاملت معهم كمكوّن ثانوي داخل المنظومة الخليجية، وأنهم لا يملكون الثقل السياسي والاقتصادي الذي يجعلها حريصة على طي صفحة الخلافات معهم، مثلما حصل في المصالحة، حيث سعت الدوحة لتسوية الخلافات مع السعودية والإمارات ومصر في ما استمر الاستهداف الإعلامي للبحرين.

وسبق أن اشتكت البحرين مرارا من التجاهل القطري لها، وكانت حثت القيادة السعودية على التدخل من أجل دفع الدوحة إلى الالتزام بتعهداتها حيال اتفاق العلا. كما وجهت إلى قطر دعوات متكررة لعقد اجتماعات ثنائية ضمن مسار المصالحة ولم تتلق أيّ رد كما جاء على لسان وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني.

ولا يعرف إن كان التقارب القطري مع البحرين سيركز على موضوع الجسر فقط أم سيشمل عناصر الخلاف مثل ملف الحدود أو حقوق الصيد في المياه الإقليمية أو تجنيس القبائل، وكيف يمكن تبديد مخاوف البحرينيين بشأن عدم عودة القطريين إلى التدخل في شؤونهم مثلما حصل خلال احتجاجات 2011.

ويبقى المقياس الحقيقي للتقارب هو تغيير الخطاب الإعلامي للدوحة تجاه البحرين، الذي تجلى باستمرار في حرص قناة الجزيرة على التقاط أيّ انتقادات للمملكة لاسيما في علاقة بحقوق الإنسان والترويج لها، الأمر الذي أثار حفيظة المنامة التي عبرت في أكثر من مناسبة عن استيائها حيال ممارسات القناة.

لكن مراقبين لا يستبعدون أن يقود الحماس إلى استئناف “جسر المحبة” عنوانا لرغبة مشتركة في تجاوز الماضي من باب تبادل المصالح.

وكانت قطر والبحرين قد دخلتا في نزاع إقليمي طويل الأمد منذ ثلاثينات القرن الماضي حول المياه والجزر الصغيرة التي تفصل بينهما. ولم يتم حل الخلاف إلا عبر قرار من محكمة العدل الدولية.

وأصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي خلال مارس 2001 حكما قضى بتثبيت سيادة البحرين على جزر حوار جنوبي الجزيرة الأم، وتعديل الحدود البحرية بين البلدين في الشمال، ومنح قطر السيادة على فشت الديبل.

وبعد طيّ صفحة الخلافات الحدودية البحرينية – القطرية اتفقت الدولتان على “بدء صفحة جديدة والعمل سويا من أجل تعزيز أواصر التعاون” بينهما.

وفي العام ذاته، أعلن البلدان عن مقترح لبناء ممر بري يربط شبه جزيرة قطر بجزيرة البحرين، وأطلق عليه اسم “جسر المحبة”، وهو مشروع مشابهة لجسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالسعودية، ويمثل الحدود البرية الوحيدة للجزيرة الخليجية الصغيرة.

وتم الكشف عن مشروع جسر المحبة في العام 1999، وقد صمم للسماح للبواخر التي يبلغ ارتفاعها 40 مترا للمرور من تحته في خط بحري واسع يبلغ 400 متر، وقد تضمن المشروع نقلا مزدوجا لعبور المركبات البرية بين الجانبين.

وكانت حكومتا الدولتين الخليجيتين قامتا بعرض طلب للشركات العالمية من أجل التقدم بعطاءات لأعمال الاستشارة وبناء الجسر.

وقررت الحكومتان في شهر نوفمبر 2008 إضافة خط سكة حديد ليربط مشروع نظام قطر الوطني للسكك الحديد مع شبكة السكك المقبلة في دول مجلس التعاون الخليجي وتقديم الخدمات للركاب والبضائع.

وكان من المتوقع أن ينطلق العمل على المشروع في عام 2009 لكن أُعلن أواخر عام 2010 عن تأجيله واستمر ذلك أربع سنوات بسبب خلافات دبلوماسية طرأت على العلاقة بين الجانبين، قبل أن يتم استئناف العمل عليه في العام 2013، حيث اجتمعت في أكتوبر من ذلك العام مؤسسة جسر البحرين – قطر التي تضم أعضاء من الحكومتين لبحث تصاميم الجسر.

العرب