باريس – تعوّل فرنسا على الإمارات في مساعيها لاستبدال النفط الروسي معتمدة على العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، وهو ما يطرح التساؤل عمّا إذا كانت أبوظبي ستغير سياستها وتزيد من الإنتاج أم ستفاضل بين الزبائن؟
وقالت أوساط سياسية إن باريس تتوقع أن تعتمد أبوظبي على المفاضلة بين الزبائن لكنها ستسعى لإقناعها بزيادة الإنتاج، وهو ما ترفضه الإمارات وحليفتها السعودية وإن أعلنت أوبك+ قبل أيام زيادة في الإنتاج وصفها مراقبون بـ”المعنوية” في إطار محاولات التقارب وجس النبض بين الرياض وواشنطن.
وستؤدي زيادة الإنتاج إلى تحقيق هدفين بالنسبة إلى فرنسا، يتمثل الأول في الاستغناء عن النفط الروسي في سياق العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا بسبب شنّها حربا على أوكرانيا، أما الهدف الثاني فيتمثل في خفض أسعار النفط التي ارتفعت بشكل غير مسبوق منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي لتتجاوز المئة دولار للبرميل لأول مرة منذ 2014.
العلاقة بين باريس وأبوظبي جيدة واتضحت خاصة في ديسمبر عندما وقّع البلدان اتفاقا بقيمة 16 مليار يورو لشراء 80 طائرة رافال
والخميس الماضي اتفق تحالف أوبك+ على زيادة الإنتاج بأكثر من المتوقع، لتكون هذه الزيادة بمقدار 648 ألف برميل يوميا في يوليو المقبل ومثلها في أغسطس.
وأعلن التحالف أنه سيبدأ بضخ هذه الكمية الإضافية ابتداء من الشهر المقبل وسيزيدها بنفس المقدار في أغسطس، وذلك بعد أن تعهد سابقا بزيادة الإنتاج.
وتبحث الدول الأوروبية عن بدائل للطاقة بعد أن فرض الأوروبيون حظرا على واردات النفط من روسيا ضمن حزمة عقوبات واسعة ردا على غزوها أوكرانيا.
وسبقت إيطاليا نظراءها الأوروبيين في هذا المجال؛ إذ نجحت في تأمين حصة مهمة من الغاز الجزائري حتى قبل قرار أوروبا فرض حظر على النفط والغاز الروسييْن، وكانت المباحثات قبل أشهر خطوة استباقية، بينما تعمل باقي الدول الأوروبية حاليا على خطة لتأمين حاجياتها من الطاقة قبل حلول الشتاء وتراهن على زيادات أكبر من قبل الأعضاء في منظمة أوبك لتخفيف أثر الصدمة.
وكان الاتحاد الأوروبي وافق الخميس على حزمة سادسة من العقوبات ضد روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا، تضمنت فرض حظر جزئي على واردات النفط الروسي.
واستورد الاتحاد الأوروبي 2.2 مليون برميل يوميّا من الخام الروسي في 2021، بما في ذلك 0.7 مليون برميل يوميا عبر خطوط أنابيب.
كما استورد التكتل من روسيا 1.2 مليون برميل يوميا من المنتجات النفطية المكررة، بما في ذلك 0.5 مليون برميل يوميا من الديزل.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن الحزمة السادسة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، والتي تمت الموافقة عليها الخميس، تشمل حظرا فوريا على عقود التأمين الجديدة على السفن التي تحمل النفط الروسي وإنهاء العقود الحالية تدريجيّا على مدى ستة أشهر.
ولا يتجاوز النفط الروسي 13 في المئة من النفط المستورد إلى فرنسا، ولكنه يمثل أشكالا من الهيدروكربونات التي لا يزال من الصعب العثور عليها في مكان آخر.
وتربط بين باريس وأبوظبي علاقات وطيدة اتضحت خاصة في ديسمبر عندما وقع البلدان اتفاقا بقيمة 16 مليار يورو لشراء 80 طائرة رافال فرنسية من الجيل الجديد، وهو ما اعتبر ردا إماراتيا على تلكؤ واشنطن في إتمام صفقة طائرات أف – 35.
في المئة نسبة انخفاض صادرات النفط الروسي إلى أوروبا بحلول نهاية العام
كما يتقاسم البلدان نفس الرؤى بشأن العديد من الملفات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتتقاطع مصالحهما في دول مثل ليبيا ومالي والصومال.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير الأحد إن فرنسا تجري مشاورات مع الإمارات لإمدادها بالنفط ووقود الديزل، ضمن مساعي بحثها عن بدائل لمصادر الطاقة الروسية.
وأضاف أن فرنسا تخطط أيضا لتسريع الاستثمار في الانتقال إلى مصادر الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة، مثل تعزيز نشر مزارع الرياح البحرية لدعم استقلالية البلاد في مجال الطاقة.
ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن الوزير قوله في مقابلة إعلامية مع تلفزيون سي نيوز وراديو أوروبا “إننا نبحث عن بدائل لواردات الغاز أو الديزل، بعيدا عن روسيا”.
واستطرد قائلا “يمكن أن تكون دولة الإمارات العربية المتحدة حلا، مؤقتا على الأقل، لتحل (صادراتها) محل (صادرات) النفط والديزل الروسيّيْن، وقد بدأَتْ بالفعل مناقشات مع الإمارات (بخصوص هذه المسألة)”.
وأوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن صادرات النفط الروسي إلى الاتحاد الأوروبي ستنخفض بنحو 92 في المئة بحلول نهاية العام بسبب العقوبات. وأضاف أنه لا ينبغي استبعاد إمكانية فرض عقوبات على الغاز الروسي.
العرب