أحدثت استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان دويا هائلا في الساحة السياسية العراقية، حيث أن الترجيحات بشأن تلويح زعيم التيار مقتدى الصدر باستقالة نوابه كانت تصب في اتجاه أن ذلك مناورة منه للضغط على الإطار التنسيقي.
بغداد – تقول أوساط سياسية عراقية إن القرارات الارتجالية لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وآخرها تقديم نوابه الاستقالة من البرلمان، تترك حليفيه الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة السني في موقف صعب.
وترى هذه الأوساط أن الإطار التنسيقي سيكون أبرز المستفيدين من خطوة الصدر، ذلك أن جزءا مهما من المقاعد الشاغرة ستصبح من نصيب الإطاريين، وبالتالي سيكون الطريق مفتوحا أمامهم للتحكم في مفاصل العملية السياسية من ناحية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وتلفت الأوساط نفسُها إلى أن القرار أحدث دويا هائلا في الساحة السياسية العراقية، حيث كان الكثيرون يرجحون أن التلويح بالاستقالة ليس سوى محاولة للضغط على الخصوم.
وأعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي الأحد قبوله طلب استقالة أعضاء الكتلة الصدرية “على مضض”، مشيراً إلى أنه بذل جهودا لثني زعيم التيار الصدري عن هذه الخطوة.
وقال الحلبوسي، في تغريدة على حسابه في تويتر، “نزولا عند رغبة السيد مقتدى الصدر، قبلنا على مضض طلبات إخواننا وأخواتنا نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من مجلس النواب العراقي”.
وأضاف رئيس المجلس “لقد بذلنا جهدا مخلصا وصادقا لثني (الصدر) عن هذه الخطوة، لكنه آثر أن يكون مضحيا وليس سببا معطلا؛ من أجل الوطن والشعب، فرأى المضي بهذا القرار”.
ودعا الصدر في وقت سابق نواب كتلته إلى تسليم استقالتهم إلى رئيس المجلس، وقدم شكره الى حلفائه في تحالف “إنقاذ وطن” وقال إنهم “في حلٍ مني”، وبعد وقت قصير ظهر الحلبوسي في مقطع فيديو وهو يوقّع على طلبات استقالة نواب الكتلة الصدرية.
ووجّه الصدر الخميس الماضي أعضاء الكتلة الصدرية بكتابة استقالاتهم تمهيدا لتقديمها إلى رئاسة البرلمان.
وقال الصدر في خطاب متلفز حينها “إن كان بقاء الكتلة الصدرية عائقا أمام تشكيل الحكومة فكل نواب الكتلة مستعدون للاستقالة”.
وبحسب مصدر من المفوضية العليا للانتخابات، فإن “بدلاء نواب الكتلة الصدرية سيكونون أعلى الخاسرين بالدائرة الانتخابية، بعيداً عن انتماء المرشح إلى أي كتلة كانت”، لافتاً إلى أن “قانون الانتخابات أكد أن بديل أي نائب يكون الذي يليه بأعلى الأصوات، بعيداً عن الكتلة التي ينتمي إليها”.
وأشار المصدر في تصريحات لوكالة “شفق” المحلية إلى أن “المفوضية ستقوم بجمع الأسماء والأرقام لبدلاء نواب الكتلة الصدرية، فهم حتى الآن غير معرفين، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت، وبعد تسلم استقالة النواب بشكل رسمي، للبحث عن البدلاء في كل دائرة انتخابية استقال منها نائب عن الكتلة الصدرية”.
قرار مقتدى الصدر هو بمثابة إعلان استسلام أمام الإطار التنسيقي الذي باتت الطريق أمامه معبدة للإمساك بالسلطة
وتقول الأوساط السياسية إن العديد من المنتمين إلى الإطار التنسيقي، وبينهم مستقلون، سيكون لهم نصيب الأسد من المقاعد الشاغرة لنواب الكتلة المستقيلة.
وتضيف هذه الأوساط أن قرار الصدر خلط بشكل واضح أوراق حليفيه تحالف السيادة والحزب الديمقراطي، اللذين سيجدان نفسيهما في حاجة إلى بناء توافق جديد مع الإطار وحلفائه.
وكان الحزبان يتهيَّآن لخطوة الصدر؛ حيث قام زعيما ائتلاف السيادة السني، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، السبت بزيارة إلى أربيل اجتمعا خلالها بقادة إقليم كردستان للبحث في سبل التعاطي مع الوضع، لاسيما في حال قرر الصدر المضي قدما في خيار استقالة نوابه من البرلمان.
وأجرى الحلبوسي والخنجر خلال زيارتهما إلى أربيل لقاءات مع كل من رئيس الإقليم نجيرفان بارزاني وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
ووفق بيانين صدرا عن مكتب رئيس الإقليم وزعيم الحزب الديمقراطي فإن المباحثات تطرقت إلى تطورات الأوضاع السياسية في البلاد وتبادل وجهات النظر والرؤى التي تسهم في تجاوز عقبات المرحلة المقبلة، دون الإشارة إلى المزيد من التفاصيل.
وينخرط ائتلاف السيادة السني والحزب الديمقراطي مع التيار الصدري في تحالف أطلق عليه اسم “إنقاذ وطن”.
وتشهد العملية السياسية في العراق انسدادا منذ نحو ثمانية أشهر بسبب إصرار الصدر على تشكيل حكومة أغلبية بالتعاون مع ائتلاف السيادة والحزب الديمقراطي، في المقابل يرفض الإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية الجامعة للقوى الموالية لإيران ذلك، ويتمسك بتشكيل حكومة توافقية.
وقد طرحت خلال الفترة الماضية الكثير من المبادرات التي بلغت نحو إحدى عشرة مبادرة لحلحلة الأزمة لكن لا فرص عملية لتحقيق اختراق في الأزمة.
ويرى مراقبون أن قرار الصدر تقديم نواب كتلته استقالاتهم هو بمثابة إعلان استسلام أمام الإطار التنسيقي الذي بات الطريق أمامه معبدا للإمساك مجددا بالسلطة.
العرب