بايدن مختلف وأقل عجرفة يزور السعودية

بايدن مختلف وأقل عجرفة يزور السعودية

مدريد- قدمت تصريحات أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش قمة الناتو في مدريد صورة مختلفة لبايدن أقل عجرفة وأكثر مجاراة للواقع، خصوصا في علاقات الولايات المتحدة بالسعودية ومسألة إنتاج النفط في العالم وعدم رغبة واشنطن في الضغط على الرياض لزيادة الإنتاج.

وتشير تلك التصريحات إلى أن بايدن بدأ يدرك حجم النفوذ الحقيقي للولايات المتحدة بعد أن قوبلت الضغوط التي مارسها خلال الأشهر الماضية على السعودية والإمارات بالتجاهل مقابل الانفتاح على دول أخرى قد تكون حليفا بديلا في ظل تلكؤ واشنطن في دعم الرياض وأبوظبي في مواجهة هجمات الحوثيين وميليشيات عراقية تابعة لإيران.

وقال الرئيس الأميركي الخميس إنه سيلتقي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال زيارة إلى البلاد هذا الشهر، لكن الغرض من زيارته ليس الضغط عليهما لزيادة إنتاج النفط وكبح ارتفاع أسعاره.

~ التجاهل السعودي يعزز ما أدلى به الأمير محمد بن سلمان قبل أشهر من أن موقف بايدن لا يهمه ولا يسعى لتغييره

وإثر سؤاله في مؤتمر صُحفي في إسبانيا عما إذا كان سيطلب من القادة السعوديين زيادة إنتاج النفط، قال بايدن “لا”، وأوضح أنه يتعين على جميع دول الخليج زيادة إنتاج النفط بشكل عام وليس السعودية على وجه الخصوص.

وصرح بايدن للصحافيين “أوضحت لهم أنني أعتقد أنه ينبغي لهم زيادة إنتاج النفط بشكل عام وليس السعوديين تحديدا”.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء إن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد أبلغه بأن السعودية والإمارات -وهما من أكبر منتجي النفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)- لا يمكنهما زيادة إنتاج النفط إلا بصعوبة.

وتابع الرئيس الفرنسي “ثم قال إن السعوديين يمكن أن يزيدوا الإنتاج بواقع 150 (ألف برميل يوميا). ربما أكثر قليلا لكن لن تكون لديهم طاقة ضخمة قبل ستة أشهر”.

وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي في بيان صدر في ساعة متأخرة من مساء الاثنين إن بلاده تنتج حصتها التي حددتها أوبك+ والتي تبلغ 3.168 مليون برميل يوميا.

وأضاف المزروعي “في ضوء التقارير الإعلامية الأخيرة، أود أن أوضح أن إنتاج دولة الإمارات الحالي قريب من سقف الإنتاج المرجعي للدولة في اتفاقية أوبك+. التزامنا قائم بهذا السقف إلى نهاية الاتفاقية”.

وارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة بسبب نقص الإمدادات وزيادة الطلب بعد انتهاء الإغلاق جراء جائحة كورونا، وزادت الأسعار بصورة أكبر منذ غزو روسيا لأوكرانيا في أواخر فبراير الماضي.

اقرأ أيضا: الرياض توظف دبلوماسية الكواليس لتحقيق التوازن بين واشنطن وموسكو

وأدت الكثير من التوترات إلى تشنج العلاقات، بما في ذلك سعي بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب منه، بالإضافة إلى تردد الولايات المتحدة في تصنيف الحوثيين جماعةً إرهابية.

وروجت أوساط من داخل البيت الأبيض مؤخرا خبر أن بايدن سيزور السعودية لكنه لن يلتقي بولي العهد ولن يجري معه محادثات مباشرة، وهو ما قوبل بتجاهل سعودي عكس جدية التصريحات التي أدلى بها الأمير محمد بن سلمان قبل أشهر وأكد خلالها أن موقف بايدن منه لا يهمه ولا يسعى لتغييره.

وبعد أسابيع من توليه منصبه في العام الماضي غيّر بايدن سياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية، واتخذ موقفا أكثر عدوانية وربط ذلك بسجل حقوق الإنسان في المملكة، ولاسيما ملف قتل الصحافي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، رغم نفي السعودية أي علاقة لولي العهد بالجريمة.

وعندما كان مرشحا رئاسيا قال بايدن إنه يريد أن يجعل السعودية “منبوذة” واستعمل أسلوبا فجا يهدف إلى إجبار الرياض وأبوظبي على رفع إنتاج النفط -لاسيما بعد الأزمة الأوكرانية- بهدف خفض أسعاره في السوق العالمية.

وأدت تلك المحاولات إلى تعقيد الموقف وقالت تقارير إعلامية إن ولي العهد السعودي ورئيس الإمارات رفضا طلبات من الولايات المتحدة للتحدث إلى بايدن في رد فعل على تجاهل واشنطن للهجمات الحوثية على السعودية والإمارات.

وخرج التوتر إلى الواجهة بشكل أوضح عندما لم تصدر السعودية والإمارات مواقف مؤيدة لإدارة الرئيس جو بايدن في محاولتها التصدي لروسيا في الحرب التي شنتها على أوكرانيا.

العرب