يواجه ائتلاف السيادة السني اختبارا صعبا مع التغير الذي أحدثه انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في العراق، والضغوط التي يمارسها الإطار التنسيقي عليه والتي باتت تهدد بتفككه، لاسيما بعد انشقاق عدد من الكتل منه.
بغداد – يتعاطى ائتلاف السيادة السني بحذر شديد حيال مجريات العملية السياسية في العراق، متجنبا الإصداح بأي موقف إلى حين اتضاح ملامح الخارطة التي يرسمها الإطار التنسيقي، لكن ذلك لا يجعله بمأمن من التفكك مع إمكانية أن يقود ما يحصل إلى تضارب مصالح بين قياداته.
وتقول أوساط سياسية عراقية إن الظروف التي تشكل فيها هذا الائتلاف مغايرة عن الظرفية الحالية، لاسيما بعد انسحاب حليفه التيار الصدري، وإمساك الإطار التنسيقي بدفة الأمور، لافتة إلى أن انشقاق بعض الكتل النيابية عن الائتلاف والضغوط التي يواجهها محمد الحلبوسي قد ينتهيان بتفكك البيت السني، الوحيد الذي كان نجح في ترتيب أوراقه مبكرا والخروج برؤية موحدة.
وتشكل ائتلاف السيادة في يناير الماضي عبر تحالف تكتل “تقدم” بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلوبسي وتكتل “عزم” الذي يقوده رجل الأعمال خميس الخنجر، وانضمت بعض الكتل إلى هذا الائتلاف ما جعله يحتكر تمثيل المكون السني.
صلاح عبدالرزاق: الإطار التنسيقي قادر على إقالة رئيس مجلس النواب بسهولة
وقد انضم هذا الائتلاف إلى تحالف “إنقاذ وطن” الذي ضم في صفوفه التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، على أمل أن يكون ضلعا أساسيا في تركيبة السلطة المقبلة، لكن هذه التطلعات لم تجد طريقها إلى التنفيذ، ليتفكك تحالف “إنقاذ وطن” بإعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانسحاب من المشهد.
وتوضح الأوساط أن لا شيء يربط بين مكونات السيادة سوى المصالح الظرفية، ومتى ما انتهت هذه المصالح فإن كل طرف سيسعى إلى تبني مسار مختلف يؤمن له حظوظه على مستوى الحضور السياسي، وهو ما يتجلى في إعلان بعض الكتل الموالية للائتلاف انشقاقها عنه.
وأعلنت كتلة “حسم” بقيادة ثابت العباسي وكتلة “الجماهير” بزعامة أحمد الجبوري الملقب بـ”أبومازن”، انشقاقهما قبل أيام عن ائتلاف السيادة وانضمامها إلى الإطار التنسيقي.
وهذا ليس بالانشقاق الأول الذي يتعرض إليه الائتلاف، حيث سبق وأن انشق عدد من نواب كتلة عزم بقيادة مثنى السامرائي عن السيادة وأعلن انضمامه إلى الإطار، الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران.
وقال المحلل السياسي عبدالقادر النائل في تصريحات صحافية مؤخرا إن الإطار التنسيقي هو من يقف خلف الضربات التي يتعرض لها ائتلاف السيادة، مشيرا إلى أن الإطار استغل بعض التوترات بين القوى السنية لتفكيك الائتلاف وسحب تكتلات من داخله.
وأوضح النائل أن “ضربة السامرائي الأولى مطلع العام الجاري، مرت مرور الكرام ولم يكن لها أي أثر، لكن الضربة الأقوى هي بانسحاب كتلة أبومازن وذهابه نحو الإطار، لما يمتلكه أبومازن من وزن في المشهد السياسي السني، ولاسيما في محافظة صلاح الدين (يعد الحاكم الفعلي لها)”.
واعتبر المحلل السياسي أن خروج أبومازن من “السيادة”، يعني ذهاب محافظة بأكملها نحو أذرع إيران، وذلك هو الخطر الأكبر، وهي أهم رسالة أراد “الإطار” إيصالها إلى الحلبوسي المتحكم بالقرار السياسي في محافظة الأنبار.
وأشار النائل إلى أن ما ساعد الإطار التنسيقي على سحب أبومازن ومن معه إلى صفه، هو استغلاله لحالة التوتر التي نجمت مؤخرا بين أبومازن والحلبوسي، بعد عدم تلبية الأخير تعهداته للأول الذي منحه رئاسة البرلمان.
ويُتهم الحلبوسي بالسعي إلى مصادرة القرار السني واحتكاره، وهو أمر بات محل انتقاد متزايد في الأوساط السياسية السنية، ويرجح أن يستغل الإطار التنسيقي هذا الوضع لزيادة الضغوط على الحلبوسي، ومقايضته بين الانضمام إليه أو فقدان ثقله السياسي.
ورجح السياسي العراقي صلاح عبدالرزاق لجوء الإطار التنسيقي إلى التلويح بإقالة الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب، في حال فرض تحالف السيادة شروطا معقدة بشأن تشكيل الحكومة.
وقال عبدالرزاق في حديث لبرنامج “عشرين” الذي تبثه قناة السومرية العراقية، إن “هناك مفاوضات بين الإطار والسيادة والديمقراطي الكردستاني لتشكيل الحكومة”، مضيفا أن “التنسيقي يسعى لحكومة تشترك بها جميع الكتل السياسية”.
وأضاف أن “الإطار لن يتجه إلى إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان، بل سوف يستخدم هذه الورقة للضغط في حال فرض تحالف السيادة شروطا معقدة بشأن تشكيل الحكومة“.
وأوضح أن “إقالة رئيس مجلس النواب تتطلب تصويت النصف زائد واحد من أعضاء المجلس، والإطار قادر على تحقيق ذلك بسهولة“.
العرب