تحاول الأطراف العربية التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والنظام الإيراني ان تقرب وجهات النظر وتساهم في إعادة جلسات الحوار حول البرنامج النووي الإيراني، وهذه كانت إحدى النقاط الرئيسية التي ناقشها امير قطر الشيخ تميم بن حمد أثناء زيارته إلى إيران في 12 أيار 2022 واعقبها عدة محاولات أوربية بالتنسيق مع المسؤولين القطرين ، حيث توجه المبعوث الأمريكي للشأن الإيراني روبرت مالي يوم 27حزيران 2022 إلى الدوحة بعد أن نجح نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي انريكي مورا من إقناع الجانب الإيراني بالحضور للعاصمة القطرية الدوحة وبعد اتصالات قطرية مماثلة لاستئناف المفاوضات بشكل غير مباشر مع الجانب الأمريكي في محاولة لاستباق الأحداث التي تسبق عقد جلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإمكانية الحصول على مواقف متوازنة من النظام الإيراني وتحريك الحوار مع واشنطن للقبول ببعض المقترحات المقدمة من طهران .
جاء هذا الفعل الميداني لتواكب العملية الدبلوماسية القطرية وتساهم في رأب الصدع في العلاقات الأمريكية الإيرانية خاصة وأن الإدارة الأمريكية أصبحت أكثر حرجا في وضعها الداخلي ومواجهاتها للاصوات السياسية الداعية لتطويق النظام الإيراني وشل حركته ونشاطه بتفعيل زيادة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه وهذا يشكل عبئا على إدارة الرئيس جوبايدن الذي ينتظر حدثا سياسيا داخليا بعد أشهر يتمثل في الانتخابات النيابية لمجلسي النواب والكونغرس وهو بذلك لا يتمكن من تقديم أي تنازلات في المفاوضات لكي لا تشكل عليه موقفا يستفاد منه من قبل خصومه في الحزب الجمهوري وكذلك الحال للوفد الإيراني الذي جاء وهو متمسك بسياسة التعنت وعدم الخضوع لأي إملاءات أوربية وأمريكية للتنازل عن بعض من شروطه كونه يواجه صراع داخلي في المؤسسة السياسية والعسكرية والأمنية مع استمرار حركة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتحسين الأوضاع المعاشية وهذا يتطلب من الوفد الإيراني ان يسعى جاهدا إلى رفع العقوبات الاقتصادية مع الإلتزام بشروطه القاضية بتقديم واشنطن تعهدات تلزمها بضمانات بعدم انتهاك أي اتفاق قادم يرضي أطراف الحوار ورغم ابتعادها عن موضوع رفع الحظر عن قيادات الحرس الثوري إلا أن هذا الامر لم يسعف في نجاح المفاوضات الثنائية في الدوحة والتوصل لنتائج إيجابية.
رات الإدارة الأمريكية أن قبولها لحضور حوار الدوحة انه من الممكن أن يحقق لها غرضا سياسيا في تعديل بعض المواقف الإيرانية لتساعد في إبداء حسن النوايا والثقة تجاه حلفائها في المنطقة العربية وخاصة دول الخليج العربي وتساهم في إنجاح زيارة الرئيس جوبايدن للمنطقة واللقاء مع بعض زعماء وقادة الاقطار العربية يوم 15تموز الحالي ، ورغم المساعي الأوربية والجهد القطري إلا أن الجانبين لن يحققان أي تقدم ملموس بسبب أوضاعها الداخلية وعدم وجود مساحة مسموح بها للتنازل ففشلت المباحثات الثنائية وكان أبلغ تعبير عنها ما قاله رئيس الوفد المفاوض الإيراني علي باقري كني ( ان مباحثات الدوحة متعثرة ورجوع إلى الخلف ) ، وهذا ما سيشكل عائقا ميدانيا في تأخير عقد الجلسة التاسعة من مفاوضات البرنامج النووي الإيراني.
وانعكست نتائج الحوار على اجتماع مجلس الأمن الدولي في 30 حزيران 2022 حول تطبيق الإتفاق النووي الإيراني والذي تحدث فيه نائب المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز بقوله ( طهران هي التي لم تبد حتى الآن أي حرص على ابرام اتفاق وان واشنطن قلقة من الخطوات الإيرانية بخصوص تفويض مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ) ، كما طالبت الدول الاوربية الموقعة على اتفاق 2015 بريطانيا وألمانيا وفرنسا النظام الإيراني بوقف التصعيد ومعاودة التعاون التام مع الوكالة الدولية.
تبقى الأحداث قائمة ومستمرة والمفاوضات هي الفيصل الرئيسي الذي تسعى إليه المجموعة الأوربية لتقريب وجهات النظر واسعاف متطلبات التطورات القائمة في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي وتبعيات النزاع الروسي الأوكراني ومدى تأثيره على مستقبل المنطقة والمصالح والغابات الدولية والإقليمية.
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية