الباحثة شذى خليل *
بحسب تقارير محلية ودولية، تراجعت موارد العراق المائية بنسبة 50 بالمئة منذ العام الماضي بسبب فترات الجفاف المتكررة وانخفاض معدل هطول الأمطار وتراجع منسوب الأنهار.
أحد مستشاري وزارة الموارد المائية العراقية قال إن “احتياطيات المياه أقل بكثير مما كانت عليه العام الماضي بنحو 50 بالمئة بسبب قلة هطول الأمطار وتراجع الكميات القادمة من الدول المجاورة”.
الرئيس العراقي برهم صالح خاطب عمليا في تشرين الثاني / نوفمبر قمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين للمناخ وقال إن “التصحر يؤثر على 39٪ من بلادنا و54٪ من أراضينا الزراعية متدهورة بسبب التملّح الناجم عن تقليص تدفق المياه في نهري دجلة والفرات”. وقد تضرر سبعة ملايين عراقي بالفعل من الجفاف والتغير المناخي وخطر النزوح “.
وقد احتج العراق، الذي يشترك في نهري دجلة والفرات مع تركيا وإيران، من قيام الدولتين بسد الأنهار التي تتدفق في اتجاه العراق إلى خفض إمدادات المياه بشكل كبير. حيث تقوم طهران ببناء شبكة من السدود والقنوات ، وقد شيدت أنقرة سدًا ضخمًا على نهر دجلة ، مما أدى إلى غمر مدينة حسن كيف القديمة بالمياه.
ويعد الإجهاد المائي الذي يتعرض له العراق مشكلة وهو خامس دولة معرضة لتأثيرات تغير المناخ ، بما في ذلك المياه وانعدام الأمن الغذائي ، وفقًا للأمم المتحدة ، ومع ذلك فهو متخلف عن جيرانه عندما يتعلق الأمر بخطة لحماية موارده المائية.
السفيرة الأميركية لدى بغداد “لينا رومانوسكي” تتدخل في مناقشة الأزمة مع المسؤولين العراقيين لوضع الحلول، وتؤكد أن العراق يواجه أزمة حقيقية تمس الحياه وهي أزمة المياه ، وتحديات متزايدة في الحصولِ على المياه النظيفة اللازمة للحياة اليومية، وكان هذا بمثابة تحذير بشأن كيفية استهلاك المياه في الصيف والشتاء المقبل، إذ علينا أن نأخذ هذه العوامل في الاعتبار في تخطيطنا لقطاع الزراعة”.
قالت رومانوسكي أحمل معي تفويضاً لمواصلة دعم إدارة الموارد المائية في العراق وتعزيز اكتفائه الذاتي. لطالما دعمت الولايات المتحدة وزارة الموارد المائية العراقية ، التي تلقت أقل من واحد في المئة من ميزانية الحكومة لعام 2021 ، وقد ساعد استثمارنا البالغ ( 124 ) مليون دولار في العام 2016 لإعادة تأهيل سد الموصل ومنعه من الانهيار والحفاظ على سلامة آلاف العراقيين. وفي شهر حزيران، وكجزء من مبادرة تهدف لتطوير الخبرات الفنية للوزارة بشأن حماية البنية التحتية الأساسية، عملنا على إرسال ( 24 مهندساً من كوادر الوزارة إلى الولايات المتحدة حيث درسوا سلامة السدود وقاموا بزيار ة السدود العاملة في كولورادو وأريزونا ونيفادا .
وأكدت رومانوسكي أن “الولايات المتحدة ترغب بمساعدة الشعب العراقي في ضمان الحصول على الموارد المائية التي يحتاجها في الحياة اليومية والزراعة والصناعة، وأضافت أنه يمكن لواشنطن مساعدة العراق على تحسين كفاءة استخدام المياه من خلال القضاء على الممارسات التي تسبب الهدر. فعلى سبيل المثال، يؤدي التسرب في البنية التحتية وقنوات المياه المفتوحة إلى فقدان (10) مليارات متر مكعب من المياه بسبب التبخر كل عام، وهو رقم يطابق العجز المائي السنوي المتوقع للعراق بحلول عام 2035”.
وتابعت رومانوسكي “لقد خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أكثر من (150) مليون دولار للمشاريع التي أدت إلى النهوض بواقع خدمات المياه وإدارتها في جميع أنحاء العراق، وبالتالي فقد تمكن أكثر من (10) ملايين عراقي من الفئات المستضعفة من الحصول على مياه الشرب. وتولت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إصلاح أنابيب المياه وتحسين تشغيل (140) مرفقاً من مرافق معالجة المياه في محافظات بابل وبغداد والنجف وناحية سيروان وأماكن أخرى. كما قامت الوكالة بإعادة تأهيل محطات معالجة المياه في البصرة لغرض تحسين الكفاءة وتوفير مياه الشرب للعراقيين الذين يسكنون المناطق الريفية”.
على الصعيد الاستراتيجي، قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية برامج وأجهزة حاسوب لمساعدة وزارة الموارد المائية على إنتاج نماذج معقدة حول استخدام المياه بغية تحسين ادارتها. كما تدعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “رؤية العراق للتنمية المستدامة 2030″ من خلال تحسين الخطط الخاصة بالموارد المائية لإدارة الأزمات المستقبلية على نحوٍ أفضل. بالتعاون مع فيلق مهندسين الجيش الأمريكي، ستساهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أيضاً في توجيه الاستثمار الاستراتيجي في البنية التحتية للمياه في العراق من خلال منظور حكومي كامل قائم على البيانات. كل ذلك سيضمن مقاومة أشد لتأثيرات تغير المناخ”.
يعتمد العراق على جيرانه في المنبع، إذ يواجهون جميعاً تحديات المياه الخاصة بهم. وتشير التوقعات طويلة الأمد إلى أن العراق سوف يحصل على الحد الأدنى من الأمطار الإضافية خلال الأشهر الستة المقبلة. ومع ذلك، يمكن أن يكون هذا الوضع بمثابة فرصة أمام العراق لإنجاز الكثير بمفرده، وحتى أكثر من ذلك مع التزام الولايات المتحدة بالعمل إلى جانب العراق بصفتها شريك داعم”.
واختتمت رومانوسكي مقالها بالقول: “تفخر الولايات المتحدة بشراكتها مع الحكومة العراقية بشأن الأولويات التي تساعد على تحسين حياة عامة الشعب العراقي، وموضوع المياه يعدُ مجالاً أساسياً للتعاون. إن العمل معاً لتحسين إدارة المياه في العراق سيساعد أيضاً في التخفيف من وطأة آثار أزمة المناخ. تمتلك الولايات المتحدة الخبرة في كل من حكومتنا وقطاعنا الخاص ونتعهد بمساعدة العراق على المضي قدماً في توفير المياه المُستدامة والمتاحة لجميع العراقيين”.
ختاما يعاني العراق منذ سنوات من انخفاض متواصل في الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، وفاقم أزمة شح المياه كذلك تدني كميات الامطار الساقطة في البلاد على مدى السنوات الماضية، حيث يعتمد العراق في تأمين المياه أساسا على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوبي العراق لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية