الصدر يشترط رحيل المالكي عن المشهد قبل الحديث عن المصالحة

الصدر يشترط رحيل المالكي عن المشهد قبل الحديث عن المصالحة

بغداد – بات رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي في وضع صعب بعد التسريبات التي هاجم فيها الجميع بمن في ذلك حلفاءه ومن يحمون ظهره مثل المرجعية وميليشيا الحشد الشعبي، في الوقت الذي قوّت فيه تلك التسريبات موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي بات يشترط رحيل المالكي عن المشهد شرطا لأيّ تسوية مع خصومه الشيعة.

يأتي هذا بالتزامن مع تصريحات لصالح محمد العراقي، الذي يوصف بأنه وزير الصدر والناطق باسمه، تطالب القضاء بالتحرك لمواجهة من أسماهم بالخارجين عن القانون في إشارة إلى المالكي بعد أن ضمت التسريبات المنسوبة إليه تشويها لخصومه ومسّا من حياتهم الخاصة واستهدافا للدولة بكل مؤسساتها.

وقالت أوساط سياسية عراقية إن الصدر استعاد المبادرة في مواجهة المالكي بعد أن كان الأخير قد دفعه إلى الهروب من الساحة السياسية والتخلي عن حق التيار في تشكيل الحكومة، وإن زعيم دولة القانون وقائد الإطار التنسيقي ليس أمامه سوى البحث عن تسوية تترك لخصمه الدور الأول وتسمح له هو بالبقاء في المشهد إلى حين تغير الظروف واستعادة المبادرة.

كلام المالكي عن مصالحة مع الصدر لا معنى له ودعواته للقاء الصدر قوبلت باستخفاف من الصدريين

وأشارت هذه الأوساط إلى أن التسريبات تركت المالكي لوحده، وأن مكونات الإطار التنسيقي ستضطر للقطيعة معه والبحث عن مسار للتسوية بدونه، كما أن الحشد الشعبي الذي كان ورقة قوية بيده سيجد نفسه مضطرا إلى الحياد، وحتى إيران الذي يستقوي بها فإنها ستكون مجبرة على البحث عن بديل له. والأمر نفسه بالنسبة إلى حزب الدعوة الذي سيجبر على سحب حمايته له والبحث عن وجه جديد لتمثيله في مشاورات المرحلة القادمة.

واستبعد العراقي إجراء مصالحة بين الصدر والمالكي على خلفية التسريبات الصوتية المنسوبة إلى المالكي التي “أساء بها إلى الصدر” وإلى مختلف الفاعلين في العراق.

وقال العراقي في بيان صحافي وزّع مساء الجمعة إن “التسريبات الصوتية المنسوبة إلى نوري المالكي تتضمن تعديا على المرجعية وشتما للشعب العراقي وإساءة إلى القوات الأمنية وتعديا على الحشد وإثارة الفتنة واتهامات قيادات وطنية بلا دليل وتعامل مع الخارج بلا غطاء قانوني”.

كما تضمنت التسريبات ” تشكيل فصائل وشراء أسلحة ثقيلة وتحريضا على القتل ونبرة طائفية تتعدى على القانون وزعزعة الأمن وتمكين الميليشيات الوقحة والاعتراف بقتل عراقيين بدم بارد تحت مسمى القانون في البصرة وكربلاء”

من المستبعد إجراء مصالحة بين الصدر والمالكي على خلفية التسريبات الصوتية

وخاطب صالح العراقي المقرب من الصدر حزب الدعوة الإسلامية بالقول “أهكذا التعامل مع الشعب ومع المرجعية ومع الطوائف”.

وأضاف “أتريد من قائدنا مقتدى الصدر أن يترفّع عن التعدّي على المرجعية أم على الدماء أم على شتم الشعب والحشد أم تريده أن يترفّع عن اتّهامه بالعمالة لإسرائيل ويتصالح مع صاحب التسريبات نوري المالكي… ما هكذا الظن بكم يا قادة التشيع والوطن”.

وأكد أن “القضاء على المحك، فإما العدالة وتطبيق القانون أو الانحياز والتستّر عن الخارجين عن القانون”.

وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق قد كشف أن محكمة تحقيق بغداد/الكرخ تلقت طلبا مقدما إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة إلى نوري المالكي وأن المحكمة تجري التحقيق الأصولي وفق القانون.

وكان المالكي قد أعلن الأربعاء الماضي عن استعداده لإجراء لقاء مباشر مع الصدر بعد ضجة التسريبات الصوتية المنسوبة إليه والتي أساء فيها إلى الصدر والمرجعية الدينية والقوات الأمنية.

وقال “يدي ممدودة لإيجاد علاقات طيبة مع الصدر وترك خلافات الماضي”.

وذكر المالكي أن هناك “أطرافا وبعض الزعامات العشائرية يتحركون حاليا لترتيب لقاء لنا مباشر مع الصدر.. من الممكن الاجتماع به بشكل مباشر لأننا نريد علاقات إيجابية”.

ولم تفلح محاولة المالكي نفي التسجيلات والقول بأنها مفبركة وهي لن تغير من الواقع الذي أفرزته شيئا، خصوصا وأن خصومه في الداخل، ولاسيما زعيم التيار الصدري، يحرصون على توظيفها قدر الإمكان لقطع الطريق أمام مساعيه للسيطرة على دفة العملية السياسية وخاصة توليه رئاسة الحكومة.

وطالب الصدر الاثنين الماضي زعيم ائتلاف دولة القانون باعتزال العملية السياسية واللجوء إلى الاستغفار أو تسليم نفسه. وكتب في تغريدة له نشرها على حسابه في تويتر أن ليس أمام خصمه سوى “إعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار، أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية، لعلها تكون بمثابة توبة له أمام الله وأمام الشعب العراقي”.

وكشفت الأجزاء السابقة من التسريبات الصوتية عن خطة واسعة من المالكي لمواجهة مفتوحة مع التيار الصدري وحلفائه من السنة والأكراد تقوم على تهيئة فصائل مسلحة وكاملة الولاء له لحسم الموقف في العراق بالقوة.

وتعني التسريبات أن المالكي وصل إلى قناعة مفادها أنه يتقبل حربا شيعية – شيعية للخروج من مأزق العلاقة مع الصدر الذي وصفه بالقاتل والجاهل ونعت أعضاء تياره بالجبناء.

وقال المالكي “العراق مقبل على حرب طاحنة لا يخرج منها أحد، إلا في حال إسقاط مشروع مقتدى الصدر ومسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي، فإذا أسقطنا مشروعهم نجا العراق، وفي حال عدم استطاعتنا فإن العراق سيدخل في الدائرة الحمراء”.

وتابع “أنا أعلم أن الصدر سيستهدفني أولاً، لأنني دمّرته، ولن أبقي التشيع والعراق بيد مقتدى الصدر، وفي حال عجزت وزارة الداخلية فلن أعجز، ولديّ الآن 10 – 15 تجمعا (ميليشيات) لأُسلِّحهم، وأبقيهم مستعدين للمرحلة الحرجة، وسأهجم على النجف في حال هجم الصدر، فهو رجل حاقد، ولديه ثلاث خصال سيئة، فهو يريد دماً، وهو جبان، ويريد الأموال وسرق البلاد كلها، ويريد أن يكون ‘ربكم الأعلى’، والإمام المهدي، كما يدّعي جماعته بذلك”.

وأضاف المالكي “قلت للكاظمي إن الجيش والشرطة لا يُعتمد عليهما، ولن يفعلوا شيئاً، ولن أثق بك أو بجيشك، فرد (الكاظمي) بأن هناك جيشا وشرطة، فقلت له لا”.

العرب