لجنة التحقيق الأوروبية في قضية بيغاسوس: فرصة لكشف خفايا الحملة على المغرب

لجنة التحقيق الأوروبية في قضية بيغاسوس: فرصة لكشف خفايا الحملة على المغرب

بعد عام من إثارة قضية التجسس الكبرى التي وقفت وراءها شركة إسرائيلية كانت باعت برنامج بيغاسوس، ذهبت لجنة تحقيق أوروبية إلى تل أبيب لتلقي الضوء على طبيعة استخدام البرنامج والجهات المستفيدة منها، ويمثل ذهابها فرصة لتبرئة دول مثل المغرب الذي قامت ضده حملة فرنسية – جزائرية باتهامه بالتجسس على شخصيات دولية.

الرباط – يراهن المغرب على نتائج لجنة التحقيق الأوروبية التي زارت إسرائيل مؤخرا للتقصي حول الجهات التي تقف وراء برنامج بيغاسوس والتي تضررت منه، وأن هذه فرصة ليكتشف العالم خفايا الحملة التي تم تنظيمها بشكل منظم من جهات مختلفة لاستهداف المملكة لأهداف لا علاقة لها من قريب أو بعيد بهذا البرنامج.

ولا شك أن ما سيسجله الفريق الذي زار إسرائيل والتحقيقات المصاحبة سيلقي الضوء على طبيعة استخدام البرنامج، وأساسا سيكشف كل الحقائق عن الدول التي استعملت هذا البرنامج في التجسس على شخصيات دولية وعلى أنشطة عسكرية أو أمنية.

ويقول مراقبون مغاربة إن التحقيق سيبدد كل الاتهامات ضد بلادهم خاصة أنها صدرت من جهات عرفت تقليديا بعدائها للمغرب مثل بعض المنظمات الحقوقية الغربية ووسائل إعلام فرنسية معادية تاريخيا للرباط، وأخرى جزائرية تتحكم فيها أجهزة النظام الاستخباراتية وتمرر عبرها ما تريد لاستهداف المغرب.

مجموعة “إن إس أو” ليست البائع الوحيد لهذا النوع من البرامج، لكنها بالتأكيد واحدة من الأبرز في القطاع

واتهم المراقبون الحملة الإعلامية الفرنسية والجزائرية على المغرب بأنها حملة مضللة، استندت إلى مزاعم لا صلة لها بالواقع تتهم مؤسساته الأمنية بالتجسس على شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية، لتصفية الحساب مع المغرب وابتزازه ومنعه من تنويع مجال استفادته أمنيا وعسكريا من علاقات جديدة خاصة بعد تطبيع علاقته مع إسرائيل.

وقالت وسائل إعلام مغربية وقتها إن دوائر نفوذ فرنسية تتحرك لمنع المغرب من توقيع عقود عسكرية واقتصادية مهمة مع إيطاليا والصين، وهو ما اعتبرته تلك الدوائر يمس من مصالح باريس وشركاتها الكبرى.

وأدانت المملكة المغربية ما وصفته “بالحملة الإعلامية المتواصلة المضللة المكثفة والمريبة، التي تروّج لمزاعم باختراق أجهزة هواتف عدد من الشخصيات العامة الوطنية والأجنبية باستخدام برنامج معلوماتي”.

ولم يكن مفاجئا بالنسبة إلى المغرب أن تدخل الجزائر على خط هذه الحملة كنوع من التنفيس عن أزماتها الداخلية، وخاصة فشلها في مجاراة مكاسب المغرب في موضوع الصحراء.

وتناولت الصحافة الجزائرية مزاعم اختراق المغرب هواتف عدد من الشخصيات الجزائرية والدولية وصبغتها بلون اليقين رغم أن الأمر لم يخرج من دائرة الاستهداف السياسي والإعلامي للمغرب.

ورفع المغرب دعوى قضائية ضد الشركة الناشرة لصحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية، بسبب اتهامها المملكة باستخدام برنامج التجسس “بيغاسوس”.

وقالت السفارة المغربية لدى برلين في بيان إن “سفيرة المغرب لدى برلين تقدمت بطلب إصدار أمر قضائي ضد شركة نشر صحيفة زود دويتشه تسايتونغ، بشأن ادعاءات كاذبة في إطار تقرير صحافي حول الاستخدام المزعوم لبرنامج التجسس بيغاسوس من قبل المملكة”.

كما رفع المغرب دعاوى مماثلة ضد منظمتيْ العفو الدولية و”فوربيدن ستوريز”، وكذلك صحيفة “لوموند” وموقع “ميديا بارت” و”فرانس راديو”، وذلك بتهمة التشهير.

ويعتقد المراقبون أن نشر تقرير لجنة التحقيق الأوروبية سيكون فاصلا في تبديد كل الاتهامات الموجهة إلى الرباط ويكشف المستفيدين من تلك الحملة ولماذا يتم استهداف المغرب دون سواه.

وقام وفد من لجنة التحقيق الأوروبية ببرامج التجسس الإسرائيلية خلال الفترة الممتدة من 18 إلى 20 يوليو بزيارة إسرائيل لمناقشة انتهاكات أدوات المراقبة وما يترتب عن ذلك مع شخصيات من القطاع وأصحاب المصلحة والخبراء.

وترأس السياسي الهولندي وعضو البرلمان الأوروبي جيروين لينيرس الوفد. وصرّح أن “الزيارة كانت مشوّقة ومثمرة. فعلى الرغم من أن بيغاسوس ليس محور عمل اللجنة الوحيد، كان من المهم أن نكون هنا لجمع المزيد من المعلومات من خلال تبادلات مع مجموعة متنوعة من المحاورين. ومن السابق لأوانه استخلاص أيّ استنتاجات، لكن هذه الزيارة أكدت الحاجة إلى بذل جهود إضافية على المستوى الأوروبي لمنع إساءة استخدام هذه التكنولوجيا في المستقبل. ولا تزال العديد من الأسئلة مفتوحة وتحتاج إلى المزيد من التحقيق”.

وقالت السياسية الهولندية من حزب “الديمقراطيون 66”، صوفي إينت فيلد، إن “مجموعة إن إس أو ليست البائع الوحيد لهذا النوع من البرامج، لكنها بالتأكيد واحدة من الأبرز في القطاع. حيث باعت برامج تجسس لأربع عشرة حكومة في الاتحاد الأوروبي باستخدام تراخيص تصدير صادرة عن الحكومة الإسرائيلية. ومنحتنا هذه الزيارة رؤى جديدة، بما في ذلك عدم فعالية الضمانات ضد إساءة الاستخدام، وعززت قناعتنا بأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تنظيم أكثر صرامة لبيع برامج التجسس وشرائها واستخدامها”.

والتقى أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يمثلون جميع المجموعات السياسية مع ممثلين عن الحكومة والكنيست والخبراء والمجتمع المدني، وكذلك مع شركة “إن إس أو” المصنعة لبرامج التجسس بيغاسوس لمناقشة انتهاكات أدوات المراقبة وتأثيرها على الديمقراطية وسيادة القانون والحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي.

وشمل الوفد بالإضافة إلى جيروين لينيرس وصوفي إينت فيلد عضو البرلمان الأوروبي الإسباني اليميني خوان إغناسيو زويدو ألفاريز، والسياسي النمساوي هانس هايد، والروماني دراغوش تودوراش، والسياسية الكاتالونية والعضوة في البرلمان الأوروبي عن إسبانيا ديانا ريبا، والسياسي الألماني لارس باتريك بيرغ، وجيل ليبرتون وآن صوفي بيليتيي من فرنسا.

وبعد انتشار أخبار عن استخدام برنامج التجسس بيغاسوس لمراقبة الصحافيين والسياسيين والمسؤولين عن إنفاذ القانون والدبلوماسيين والمحامين ورجال الأعمال والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمواطنين الآخرين، قرر البرلمان الأوروبي في مارس إنشاء لجنة تحقيق جديدة للتحقيق في استخدام بيغاسوس وبرامج تجسس المراقبة الأخرى، وما إذا كان هذا الاستخدام قد انتهك قانون الاتحاد الأوروبي والحقوق الأساسية.

ومن المتوقع أن تقدم اللجنة تقريرا نهائيا بعد 12 شهرا من العمل وأن تقدم توصيات حول كيفية معالجة التهديدات للقيم الديمقراطية الرئيسية والحقوق المدنية. وتخطط اللجنة لزيارة بولندا والمجر في النصف الثاني من سنة 2022 وربما إلى دول أخرى في 2023.

وكانت تقارير مختلفة قد أثارت في يوليو من العام الماضي ضجة بخصوص اختراق نظام التجسس التابع للشركة الإسرائيلية للهواتف، وأن بيغاسوس بمجرد تنزيله على هاتف الشخص المستهدف، يستطيع الاطلاع على الرسائل والصور وجهات الاتصال وتفعيل الميكروفون والكاميرا عن بُعد.

وتشمل قائمة أهداف بيغاسوس المفترضة 180 صحافيا و600 سياسي و85 ناشطا في مجال حقوق الإنسان و65 رجل أعمال على الأقل.

وكان الرئيس التنفيذي للشركة الخاصة الإسرائيلية شاليف خوليو، أكد أن شركته تصدّر تقنياتها المخصصة للاستخدام في مكافحة الإرهاب وغيرها من الجرائم إلى 45 دولة بموافقة الحكومة.

وتواجه صناعة القرصنة المزيد من التدقيق بالإضافة إلى ضغوط تنظيمية وقانونية. ويتضمن ذلك دعوة من مجموعة من المشرعين الأميركيين لمعاقبة “إن إس أو” وكبار مديريها التنفيذيين.

وأعلنت شركة أبل أنها رفعت دعوى قضائية ضد مجموعة “إن إس أو”، ووصفت موظفي الشركة بـ“مرتزقة القرن الحادي والعشرين غير الأخلاقيين”. ورفع فيسبوك دعوى قضائية ضد المجموعة بزعم اختراقها لتطبيق واتساب.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إنها شددت الرقابة على صادرات الأمن السيبراني لمنع إساءة الاستخدام.

ويقول باحثون في سيتيزن لاب، الذين يتتبعون مآثر “إن إس أو” منذ 2015، إنه إذا اختفت المجموعة غدا فيمكن للمنافسين أن يتدخلوا باستخدام برامج التجسس البديلة الجاهزة.

وتضمنت الشركات التي استهدفتها شركة فيسبوك في عمليات الإزالة التي أُعلن عنها الخميس أربع شركات إسرائيلية هي كوبويب، وكوكنيت، وبلاك كيوب، وبلوهاوك، بالإضافة إلى بيلتروكس.

وتوفر هذه الشركات مجموعة متنوعة من أنواع أنشطة المراقبة، بدءا من جمع المعلومات الاستخباراتية البسيطة من خلال الحسابات المزيفة وصولا إلى عمليات القرصنة بالجملة.

العرب