حقول نفطية جديدة في انبار العراق وسط تحديات سياسية واقتصادية

حقول نفطية جديدة في انبار العراق وسط تحديات سياسية واقتصادية

الباحثة شذى خليل*

العراق بلد غني بثرواته المتنوعة، لكنها مهملة من قبل الحكومات المتعاقبة منذ عقود ولم يتم استخراجها او استثمارها ، بما يفيد البلد والمواطن العراقي ، حيث تم التركيز فقط على النفط الخام منذ استكشافه سنة 1927.
تعد محافظة الانبار هي من المحافظات العراقية الغنية في مجال الثروات المعدنية، وتعد مناطق غربي العراق تتميز بتوفر المعادن والفوسفات.

الأنبار هي محافظة عراقية تقع في غرب العراق، وهي أكبر المحافظات مساحة حيث تشكل ما يعادل الثلث (1/3) من مساحة العراق. تضم داخل حدودها الهضبة الغربية والتي يصل ارتفاعها في أقصر غرب الأنبار أكثر من 900 متر فوق مستوى سطح البحر، تمتاز بتنوع تضاريس سطحها من الصحاري الجرداء إلى الأراضي الصخرية والتلال وتضم مرتفعات شاهقة في شمال غرب المحافظة ممتدة من مدينة راوه وحتى مدينة القائم إلى الجنوب من نهر الفرات يصل ارتفاعها إلى 375 متر فوق مستوى سطح البحر (200) متر من الأرض.
تسعى وزارة النفط العراقية إدخال شركة أرامكو السعودية كشريك في عقود استكشاف واستثمار الغاز الحر في الحقول الجديدة الواقعة في الصحراء الغربية، غربي محافظة الأنبار، في مشروع يعد من أضخم المشاريع في العراق إذا ما تم العمل عليه، خصوصًا وأنه أول تحرك لاستثمار الغاز الحر في البلاد والذي يكتسب أهميته من الكميات المكتشفة هناك والتي تقدر بـ53 تريليون قدم مكعب قياسي.

وتؤكد مصادر رسمية حكومية عن اكتشافات جديدة ، والعمل مع كوادر شركة الاستكشافات النفطية ومديرية المسح الزلزالي التابعة للوزارة ، عن وجود آبار ومكامن نفط جديدة في مناطق متفرقة مثل الثرثار وغرب الرمادي، من دون الكشف عن أي تفاصيل أخرى تتعلق بحجم تلك الاكتشافات أو ما إذا كان سيُبدأ بعمليات الاستخراج منها.

وحسب مصادر رسمية سابقة اكد مدير عام شركة المسح الجيولوجي الدكتور خلدون البصام، ان “كل الاكتشافات المعدنية في العراق، تمت بأيد عراقية منذ العام 1966، وأن “الاكتشافات الخاصة بامتلاك العراق الاحتياطي الأول في العالم من الكبريت والاحتياطي الثاني بعد دولة المغرب من الفوسفات، تم انجازها من قبل المسح الجيولوجي العراقي، ضمن مشروع تحديد الاحتياطيات للفترة من العام 1986 إلى العام 1990، باكتشاف 10 مليارات طن من الفوسفات”، و أن “الشركة تعمل على تعزيز هذه الاحتياطيات، ولاسيما في مجال المواد الاولية لصناعة الاسمنت، حتى أن بعض شركات القطاع الخاص، أقدمت على الاستثمار في هذا المجال.
حقل عكاز في الانبار
وتضم محافظة الأنبار حقل عكاز غير المستثمر، وهو أكبر حقل غاز في العراق ويحتوي بحسب التقديرات على أكثر من 5 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، فيما تقدر الكميات الإجمالية للغاز في صحراء الأنبار نحو 53 تريليون قدم مكعب من الغاز الحر، وهو ما يمثل قرابة 53 مليون مقمق (مليون قدم مكعب قياسي)، بحسب هيئة المسح الجيلوجي.
ولمعرفة معنى وأهمية هذا الرقم من الغاز، فأنه يمثل قرابة 15 ألف ضعف ما يستورده العراق من إيران والبالغ 1700 مقمق يوميًا من الغاز، أي أنه يكفي لسد الحاجة من الغاز الإيراني لمدة 15 ألف يوم، أو أكثر من 40 عامًا، ولحتساب القيمة، فإن العراق يستورد من إيران الغاز بسعر 8 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية، بحسب تصريح لوزير النفط إحسان عبد الجبار، وتعادل المليون وحدة حرارية ما قيمته 28 متر مكعب من الغاز، وبينما يستورد العراق قرابة 50 مليون متر مكعب من الغاز الإيراني يوميًا، بقيمة 15 مليون دولار، واذا ما احتسبناها بالمقمق، فإن الـ50 مليون متر مكعب تعادل نحو 1700 مقمق من الغاز، ما يعني أن العراق يستورد المقمق الواحد بنحو 9 آلاف دولار.
يقول الخبراء “مشروع استثمار الغاز في منطقة عكاز حيث ويقدر المخزون الغازي المثبت فيها بنحو 6 تريليونات قدم مكعب قياسي، والمكتشف عام 1981 إلا أنه لم يتم استثماره بشكل جيد لأسباب مختلفة منها الحرب العراقية الإيرانية سيفتح مجالًا واسعًا أمام الشركات الأخرى لاستثمار الثروات الطبيعية الأخرى”.

وتؤكد المصادر الرسمية أن العمل متواصل في الرقع الاستكشافيَّة، وهناك أكثر من فرقة زلزاليَّة تابعة لشركة الاستكشافات النفطيَّة، مهمتها إجراء المسوحات للأراضي في المنطقة أو الصحراء الغربية التابعة لمحافظة الأنبار، قبل الانتقال إلى الخطوة الأخرى، وهي حفر آبار استكشافيَّة لتحديد الكميات المتوقعة في هذه الآبار.
ووجود تراكيب هيدروكربونية في المنطقة الغربية يتوقع أن تحتوي على كميات كبيرة من الغاز أو النفط، لكن المؤشرات تظهر وجود كميات من الغاز أكثر من النفط، وأن هناك مباحثات متقدمة مع إحدى الشركات العالميَّة لتطوير هذه الحقول.
ويُعد الملف الأمني أحد أبرز التحديات التي تواجه الاستثمار في العراق، ومنها تدخلات المتنفذين في عمل الشركات، وخطر وجود الجماعات المسلحة، الأمر الذي دفع العديد من الشركات العالمية إلى إعادة النظر في العمل والاستثمار في العراق وتحديداً في محافظة الأنبار فضلاً عن وجود بيروقراطية إدارية معقدة تعرقل سرعة إنجاز المعاملات الاستثمارية.
لكن وبحسب المتحدث باسم حكومة محافظة الأنبار، أن المحافظة تتميز باستقرار أمني خلال السنوات الأخيرة، ما يجعلها أرضا خصبة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي، حيث وُجّهت دعوات رسمية لشركات استثمارية كبرى للاستثمار في مختلف المجالات.

وأن المحافظة تعمل على التعاقد مع شركات كبرى في قطاعات مختلفة منها نفطية وزراعية وصناعية، وشركلت لتطوير قطاع الكهرباء، ومنها شركات أميركية رصينة، و الهدف من هذه التعاقدات هو خلق فرص العمل والاستفادة من الثروات الطبيعية الهائلة التي تمتلكها محافظة الأنبار بأكبر قدر ممكن للنهوض بالواقع الاقتصادي الوطني.

و أهمية تفعيل قانون القطاع الخاص في محافظة الأنبار، وأن الدراسات الميدانية أكدت أن إقامة أي مشروع اقتصادي في محافظة الأنبار يمكن أن يساهم بتوظيف وتشغيل أكثر من 1.5 مليون عامل، ما يسهم في القضاء على البطالة بشكل كبير.

ومؤخرًا ارتفعت أسعار الغاز عالميًا وتسبب بأزمة عالمية ولا سيما في أوروبا، حيث بلغ سعر المقمق الواحد 12 ألف دولار، لذا فأن 53 مليون مقمق (احتياطي الغاز الحر في صحراء الأنبار) تعادل قيمته 636 مليار دولار، وهو ما يغطي موازنة العراق لنحو 8 أعوام.
ويبيّن العو أن “الحاجة ملحة اليوم لاستثمار الغاز بفعل الطلب العالمي والمحلي للغاز، وما يحتويه العراق من احتياطي غازي كبير قد ينافس الدول المنتجة للغاز مثل روسيا وايران والسعودية والجزائر واستراليا وقطر”.

وكان العراق سادس أكبر منتج للنفط في العالم العام الماضي، بإنتاج شكل 4% من إجمالي النفط المنتج في عام 2021، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وفي ايار الماضي وافقت منظمة أوبك على زيادة إنتاج النفط بالعراق إلى 4.5 مليون برميل يوميا بدءا من يونيو الماضي.
ختاما محافظة الأنبار تمتلك كميات كبيرة من الثروات والمعادن، وإذا ما جرى استثمارها بشكل جيد، فإنها سوف تحقق إيرادات مالية عالية من خلال توفير اكتفاء ذاتي وتصدير منتجاتها إلى الخارج، ما يسهم بوجود مورد اقتصادي حيوي مهم، كما يسهم استقرار القطاع النفطي والمعدني في خلق منافسة حقيقية في جودة الإنتاج.

ضرورة العمل للارتقاء بالبيئة الاستثمارية في القطاع النفطي لجذب المزيد من الشركات العالمية الرصينة، وأن شركته تعمل على توسيع آفاق وتطوير فلسفة عملها الاستثماري والتجاري من أجل تعزيز دورها الاقتصادي والتنموي.
إن وزارة النفط تسعى إلى زيادة الإنتاج الوطني من النفط الخام، من خلال تنفيذ المزيد من مشاريع الارتقاء بالبنى التحتية وتوسيع القدرات التصديرية وتطوير الموانئ الجنوبية النفطية بما يتناسب مع الزيادات المنتظرة.

وحدة الدراسات لاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية